بازگشت

المقضي هو كائن


72. الفتوح: سارَ الحُسَينُ عليه السلام حَتّي نَزَلَ الخُزَيمِيَّةَ [1] ، وأقامَ بِها يَوماً ولَيلَةً. فَلَمّا أصبَحَ أقبَلَت إلَيهِ اُختُهُ زَينَبُ بِنتُ عَلِيّ عليه السلام، فَقالَت: يا أخي، ألا اُخبِرُكَ بِشَي ءٍ سَمِعتُهُ البارِحَةَ؟

فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام: وما ذاكَ؟

فَقالَت: خَرَجتُ في بَعضِ اللَّيلِ لِقَضاءِ حاجَةٍ، فَسَمِعتُ هاتِفاً يَهتِفُ، وهُوَ يَقولُ:



ألا يا عَينُ فَاحتَفِلي بِجَهدٍ

ومَن يَبكي عَلَي الشُّهداءِ بَعدي



عَلي قَومٍ تَسوقُهُمُ المَنايا

بِمِقدارٍ إلي إنجازِ وَعدي



فَقالَ لَهَا الحُسَينُ عليه السلام: يا اُختاه، المَقضِيُّ هُوَ كائِنٌ. [2] .

73. الفتوح عن الإمام الحسين عليه السلام - في جَوابِ عُمَرَ بنِ عَبدِ الرَّحمنِ لَمّا أشارَ إلَيهِ بِعَدَمِ الخُروجِ إلَي العِراقِ -: جَزاكَ اللَّهُ خَيراً يَابنَ عَمِّ، فَقَد عَلِمتُ أنَّكَ أمَرتَ بِنُصحٍ، ومَهما يَقضِي اللَّهُ مِن أمرٍ فَهُوَ كائِنٌ؛ أخَذتُ بِرَأيِكَ أم تَرَكتُهُ. [3] .

74. تهذيب الكمال: أتاهُ [الحُسَينَ عليه السلام] أبو بَكرِ بنُ عَبدِ الرَّحمنِ بنِ الحارِثِ بنِ هِشامٍ، فَقالَ: يَابنَ عَمِّ، إنَّ الرَّحِمَ تَظأَرُني [4] عَلَيكَ، وما أدري كَيفَ أنَا عِندَكَ فِي النَّصيحَةِ لَكَ؟

قالَ: يا أبا بَكرٍ، ما أنتَ مِمَّن يُستَغَشُّ ولا يُتَّهَمُ، فَقُل.

فَقالَ: رَأَيتَ ما صَنَعَ أهلُ العِراقِ بِأَبيكَ وأخيكَ، وأنتَ تُريدُ أن تَسيرَ إلَيهِم، وهُم عَبيدُ الدُّنيا، فَيُقاتِلُكَ مَن قَد وَعَدَكَ أن يَنصُرَكَ، ويَخذُلُكَ مَن أنتَ أحَبُّ إلَيهِ مِمَّن يَنصُرُهُ، فَاُذَكِّرُكَ اللَّهَ في نَفسِكَ!

فَقالَ: جَزاكَ اللَّهُ يَابنَ عَمِّ خَيراً، فَقَدِ اجتَهَدتَ رَأيَكَ، ومَهما يَقضِ اللَّهُ مِن أمرٍ يَكُن.

فَقالَ أبو بَكرٍ: إنّا للَّهِِ، عِندَ اللَّهِ نَحتَسِبُ أبا عَبدِ اللَّهِ. [5] .

75. تاريخ الطبري عن عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي: لَمّا قَدِمَت كُتُبُ أهلِ العِراقِ إلَي الحُسَينِ عليه السلام وتَهَيَّأَ لِلمَسيرِ إلَي العِراقِ، أتَيتُهُ فَدَخَلتُ عَلَيهِ وهُوَ بِمَكَّةَ، فَحَمِدتُ اللَّهَ وأثنَيتُ عَلَيهِ، ثُمَّ قُلتُ: أمّا بَعدُ، فَإِنّي أتَيتُكَ يَابنَ عَمِّ لِحاجَةٍ اُريدُ ذِكرَها لَكَ نَصيحَةً، فَإِن كُنتَ تَري أنَّكَ تَستَنصِحُني وإلّا كَفَفتُ عَمّا اُريدُ أن أقولَ.

فَقالَ: قُل، فَوَاللَّهِ ما أظُنُّكَ بِسَيِّئِ الرَّأيِ ولا هَوٍ [6] لِلقَبيحِ مِنَ الأَمرِ وَالفِعلِ.

قالَ: قُلتُ لَهُ: إنَّهُ قَد بَلَغَني أنَّكَ تُريدُ المَسيرَ إلَي العِراقِ، وإنّي مُشفِقٌ عَلَيكَ مِن مَسيرِكَ، إنَّكَ تَأتي بَلَداً فيهِ عُمّالُهُ واُمَراؤُهُ ومَعَهُم بُيوتُ الأَموالِ، وإنَّمَا النّاسُ عَبيدٌ لِهذَا الدِّرهَم وَالدّينارِ، ولا آمَنُ عَلَيكَ أن يُقاتِلَكَ مَن وَعَدَكَ نَصرَهُ، ومَن أنتَ أحَبُّ إلَيهِ مِمَّن يُقاتِلُكَ مَعَهُ.

فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام: جَزاكَ اللَّهُ خَيراً يَابنَ عَمِّ، فَقَد وَاللَّهِ عَلِمتُ أنَّكَ مَشَيتَ بِنُصحٍ، وتَكَلَّمتَ بِعَقلٍ، ومَهما يُقضَ مِن أمرٍ يَكُن؛ أخَذتُ بِرَأيِكَ أو تَرَكتُهُ، فَأَنتَ عِندي

أحمَدُ مُشيرٍ، وأنصَحُ ناصِحٍ.

قالَ: فَانصَرَفتُ مِن عِندِهِ فَدَخَلتُ عَلَي الحارِثِ بنِ خالِدِ بنِ العاصِ بنِ هِشامٍ، فَسَأَلَني: هَل لَقيتَ حُسَيناً؟ فَقُلتُ لَهُ: نَعَم.

قالَ: فَما قالَ لَكَ، وما قُلتَ لَهُ؟

قالَ: فَقُلتُ لَهُ: قُلتُ كَذا وكَذا، وقالَ كَذا وكَذا.

فَقالَ: نَصَحتَهُ ورَبِّ المَروَةِ الشَّهباءِ، أما ورَبِّ البَنِيَّةِ، إنَّ الرَّأيَ لَما رَأَيتَهُ قَبِلَهُ أو تَرَكَهُ، ثُمَّ قالَ:



رُبَّ مُستَنصَحٍ يَغُشُّ ويُردي [7] .

وظَنينٍ بِالغَيبِ يُلفي [8] نَصيحا. [9] .




پاورقي

[1] الخُزَيميّة: منزل من منازل الحاجّ بعد الثعلبيّة من الکوفة (معجم البلدان: ج 2 ص 370).

[2] الفتوح: ج 5 ص 70، مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 225؛ المناقب لابن شهرآشوب: ج 4 ص 95 نحوه، بحار الأنوار: ج 44 ص 372.

[3] الفتوح: ج 5 ص 65، تاريخ الطبري: ج 5 ص 382، الکامل في التاريخ: ج 2 ص 545، تاريخ دمشق: ج 14 ص 209، مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 216 کلّها نحوه.

[4] ظَأَرَني فُلانٌ علي أمرِ کَذا، وأظأرَني: عَطَفَني (تاج العروس: ج 7 ص 160 «ظأر»).

[5] تهذيب الکمال: ج 6 ص 418 الرقم 1323، تاريخ دمشق: ج 14 ص 209، الطبقات الکبري (الطبقة الخامسة من الصحابة): ج 1 ص 447.

[6] [من] هويت الشي‏ء أهواه: إذا أحببته (مجمع البحرين: ج 3 ص 1889 «هوي»).

[7] ردِيَ يردي: أي هلک وأرداهُ غيرُه الصحاح: ج 6 ص 2355 «ردي»).

[8] ألفيت الشي‏ء: إذا وجدته وصادفته ولقيته (النهاية: ج 4 ص 262 «لفا»).

[9] تاريخ الطبري: ج 5 ص 382، الکامل في التاريخ: ج 2 ص 545 وفيه صدره إلي «أنصح ناصح»، الفتوح: ج 5 ص 64، مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 215 کلّها نحوه وراجع: أنساب الأشراف: ج 3 ص 373 وتاريخ دمشق: ج 14 ص 209.