بازگشت

اصناف القَضاء والقَدر


66. التوحيد بإسناده عن الحسين بن عليّ عليه السلام: دَخَلَ رَجُلٌ مِن أهلِ العِراقِ عَلي أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقالَ: أخبِرنا عَن خُروجِنا إلي أهلِ الشّامِ أبِقَضاءٍ مِنَ اللَّهِ وقَدَرٍ؟

فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام: أجَل يا شَيخُ، فَوَاللَّهِ ما عَلَوتُم تَلعَةً [1] ولا هَبَطتُم بَطنَ وادٍ إلّا بِقَضاءٍ مِنَ اللَّهِ وقَدَرٍ.

فَقالَ الشَّيخُ: عِندَ اللَّهِ أحتَسِبُ عَنائي يا أميرَ المُؤمِنينَ.

فَقالَ: مَهلاً يا شَيخُ، لَعَلَّكَ تَظُنُّ قَضاءً حَتماً وقَدَراً لازِماً! لَو كانَ كَذلِكَ لَبَطَلَ الثَّوابُ وَالعِقابُ وَالأَمرُ وَالنَّهيُ وَالزَّجرُ، ولَسَقَطَ مَعنَي الوَعيدِ وَالوَعدِ، ولَم يَكُن عَلي مُسي ءٍ لائِمَةٌ ولا لِمُحسِنٍ مَحمَدَةٌ، ولَكانَ المُحسِنُ أولي بِاللّائِمَةِ مِنَ المُذنِبِ، وَالمُذنِبُ أولي بِالإِحسانِ مِنَ المُحسِنِ! تِلكَ مَقالَةُ عَبَدَةِ الأَوثانِ وخُصَماءِ الرَّحمنِ وقَدَرِيَّةِ هذِهِ الاُمَّةِ ومَجوسِها.

يا شَيخُ، إنَّ اللَّهَ كَلَّفَ تَخييراً، ونَهي تَحذيراً، وأعطي عَلَي القَليلِ كَثيراً، ولَم يُعصَ مَغلوباً، ولَم يُطَع مُكرِهاً، ولَم يَخلُقِ السَّماواتِ وَالأَرضَ وما بَينَهُما باطِلاً، ذلِكَ ظَنُّ الَّذينَ كَفَروا، فَوَيلٌ لِلَّذينَ كَفَروا مِنَ النّارِ [2] .

قالَ: فَنَهَضَ الشَّيخُ وهُوَ يَقولُ:



أنتَ الإِمامُ الَّذي نَرجو بِطاعَتِهِ

يَومَ النَّجاةِ مِنَ الرَّحمنِ غُفراناً



أوضَحتَ مِن دينِنا ما كانَ مُلتَبِساً

جَزاكَ رَبُّكَ عنّا فيهِ إحساناً



فَلَيسَ مَعذِرَةٌ في فِعلِ فاحِشَةٍ

قَد كُنتُ راكِبَها فِسقاً وعِصياناً



لا لا ولا قائِلاً ناهيهِ أوقَعَهُ

فيها عَبَدتُ إذاً يا قَومِ شَيطاناً



ولا أحَبَّ ولا شاءَ الفُسوقَ ولا

قَتلَ الوَلِيِّ لَهُ ظُلماً وعُدواناً



أنّي يُحِبُّ وقَد صَحَّت عَزيمَتُهُ

ذُو العَرشِ أعلَنَ ذاكَ اللَّهُ إعلاناً [3] .




پاورقي

[1] التَّلْعَةُ: ما ارتفع من الأرض (الصحاح: ج 3 ص 1192 «تلع»).

[2] تلميح إلي الآية 27 من سورة ص.

[3] التوحيد: ص 380 ح 28 عن عليّ بن جعفر الکوفي عن الإمام الهادي عن آبائه‏ عليهم السلام، بحار الأنوار: ج 5 ص 13 ح 19 وراجع: الکافي: ج 1 ص 155 ح 1 وتحف العقول: ص 468 والفصول المختارة: ص 70.