بازگشت

الدليل علي معرفة الله


36. التوحيد عن زياد بن المنذر عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عن أبيه عن جدّه عليهم السلام: إنَّ رَجُلاً قامَ إلي أميرِالمُؤمِنينَ عليه السلام فَقالَ: يا أميرَالمُؤمِنينَ، بِماذا عَرَفتَ رَبَّكَ؟

قالَ: بِفَسخِ العَزمِ، ونَقضِ الهَمِّ؛ لَمّا هَمَمتُ فَحيلَ بَيني وبَينَ هَمّي، وعَزَمتُ فَخالَفَ القَضاءُ عَزمي، عَلِمتُ أنَّ المُدَبِّرَ غَيري.

قالَ: فَبِماذا شَكَرتَ نَعماءَهُ؟

قالَ: نَظَرتُ إلي بَلاءٍ قَد صَرَفَهُ عَنّي وأبلي بِهِ غَيري، فَعَلِمتُ أنَّهُ قَد أنعَمَ عَلَيَّ فَشَكَرتُهُ.

قالَ: فَلِماذا أحبَبتَ لِقاءَهُ؟

قالَ: لَمّا رَأَيتُهُ قَدِ اختارَ لي دينَ مَلائِكَتِهِ ورُسُلِهِ وأنبِيائِهِ، عَلِمتُ أنَّ الَّذي أكرَمَني بِهذا لَيسَ يَنساني، فَأَحبَبتُ لِقاءَهُ. [1] .

37. التوحيد عن محمّد بن زياد ومحمّد بن سيّار عن الحسن بن عليّ [العسكريّ] عليه السلام: قامَ رَجُلٌ إلي عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليه السلام فَقالَ: أخبِرني عَن مَعني «بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّيمِ».

فَقالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام: حَدَّثَني أبي عَن أخيهِ الحَسَنِ عَن أبيهِ

أميرِالمُؤمِنينَ عليه السلام: أنَّ رَجُلاً قامَ إلَيهِ فَقالَ: يا أميرَ المُؤمِنينَ، أخبِرني عَن «بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ» ما مَعناهُ؟ فَقالَ: إنَّ قَولَكَ: «اَللَّهُ» أعظَمُ اسمٍ مِن أسماءِ اللَّهِ، وهُوَ الاِسمُ الَّذي لا يَنبَغي أن يُسَمّي بِهِ غَيرُ اللَّهِ، ولَم يَتَسَمَّ بِهِ مَخلوقٌ.

فَقالَ الرَّجُلُ: فَما تَفسيرُ قَولِهِ: «اَللَّهُ»؟

قالَ: هُوَ الَّذي يَتَأَلَّهُ إلَيهِ عِندَ الحَوائِجِ وَالشَّدائِدِ كُلُّ مَخلوقٍ عِندَ انقِطاعِ الرَّجاءِ مِن جَميعِ مَن هُوَ دونَهُ، وتَقَطُّعِ الأَسبابِ مِن كُلِّ مَن سِواهُ، وذلِكَ أنَّ كُلَّ مُتَرَئِّسٍ في هذِهِ الدُّنيا ومُتَعَظِّمٍ فيها وإِن عَظُمَ غَناؤُهُ وطُغيانُهُ وكَثُرَت حَوائِجُ مَن دَونَهُ إلَيهِ؛ فَإِنَّهُم سَيَحتاجونَ حَوائِجَ لا يَقدِرُ عَلَيها هذَا المُتَعاظِمُ، وكَذلِكَ هذَا المُتَعاظِمُ يَحتاجُ حَوائِجَ لا يَقدِرُ عَلَيها، فَيَنقَطِعُ إِلَي اللَّهِ عِندَ ضَرورَتِهِ وفاقَتِهِ، حَتّي إذا كَفي هَمَّهُ عادَ إلي شِركِهِ، أما تَسمَعُ اللَّهَ يقول: «قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ إِنْ أَتَل-كُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَدِقِينَ - بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِن شَآءَ وَتَنسَوْنَ مَاتُشْرِكُونَ». [2] .

فَقالَ اللَّهُ لِعِبادِهِ: أيُّهَا الفُقَراءُ إلي رَحمَتي، إنّي قَد ألزَمتُكُمُ الحاجَةَ إلَيَّ في كُلِّ حالٍ، وذِلَّةَ العُبودِيَّةِ في كُلِّ وَقتٍ، فَإِلَيَّ فَافزَعوا في كُلِّ أمرٍ تَأخُذونَ فيهِ، وتَرجونَ تَمامَهُ وبُلوغَ غايَتِهِ؛ فَإِنّي إن أرَدتُ أن اُعطِيَكُم لَم يَقدِر غَيري عَلي مَنعِكُم، وإن أرَدتُ أن أمنَعَكُم لَم يَقدِر غَيري عَلي إعطائِكُم؛ فَأَنَا أحَقُّ مَن سُئِلَ، وأولي مَن تُضُرِّعَ إلَيهِ، فَقولوا عِندَ افتِتاحِ كُلِّ أمرٍ صَغيرٍ أو عَظيمٍ: «بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ» أي أستَعينُ عَلي هذَا الأَمرِ بِاللَّهِ الَّذي لا يَحِقُّ العِبادَةُ لِغَيرِهِ، المُغيثِ إذَا استُغيثَ،

المُجيبِ إذا دُعِيَ، الرَّحمنِ الَّذي يَرحَمُ بِبَسطِ الرِّزقِ عَلَينَا، الرَّحيمِ بِنا في أديانِنا ودُنيانا وآخِرَتِنا، خَفَّفَ عَلَينَا الدّينَ وجَعَلَهُ سَهلاً خَفيفاً، وهُوَ يَرحَمُنا بِتَمَيُّزِنا [3] مِن أَعدائِهِ.

ثُمَّ قالَ: قالَ رَسولُ اللَّهِ صلي الله عليه وآله: مَن حَزَنَهُ أمرٌ تَعاطاهُ فَقالَ: «بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ» وهُوَ مُخلِصٌ للَّهِِ يُقبِلُ بِقَلبِهِ إلَيهِ، لَم يَنفَكَّ مِن إحدَي اثنَتَينِ: إمّا بُلوغِ حاجَتِهِ فِي الدُّنيا، وإمّا يُعَدُّ لَهُ عِندَ رَبِّهِ ويُدَّخَرُ لَدَيهِ، وما عِندَ اللَّهِ خَيرٌ وأبقي لِلمُؤمِنينَ. [4] .


پاورقي

[1] التوحيد: ص 288 ح 6 وراجع: الخصال: ص 33 ح 1 ومختصر بصائر الدرجات: ص131 وروضة الواعظين: ص 38.

[2] الأنعام: 40 و 41.

[3] في بعض النسخ: «بتمييزنا».

[4] التوحيد: ص 231 ح 5.