بازگشت

توسع المدن بمراقدهم


كما ان المناطق التي توجد فيها القبور جذبت الشيعة والمؤمنين حولها للإقامة فيها، وهذا الاجتماع مصدر قوة لا يستهان به، ومن هنا أخذ الأعداء يحاربون مراقد أهل البيت وربما سببوا مواجهات بين الشيعة الموالين وبين الحكومات الجائرة والظالمة علي مر التاريخ. وبما أن الأمة الإسلامية تمر أحياناً بحالات من الضعف نتيجة عوامل لا مجال لذكرها هنا، سمحت للكثير من المنحرفين وأصحاب الشبهات والبدع من الجهلة إلي التجاوز علي هذه المناطق المقدسة والمعتقدات الشريفة، فالوهابيون [1] مثلاً قاموا بتخريب قبور أئمة البقيع سنة (1343هـ) حين انتزعوا الحجاز من الشريف حسين [2] واستولوا عليه، ومن قبل هجموا علي كربلاء المقدسة مرتين وعاثوا فيها فساداً وقتلاً وتخريباً مركزين حقدهم علي الحرم الحسيني الشريف وذلك عام (1216هـ).

وظلت القبور الطاهرة في البقيع علي حالها إلي الآن، ومن المعلوم أن قبور أخري كثيرة كانت هناك، فبالإضافة إلي القبور الأربعة للائمة المعصومين، فهناك رواية تقول بأن فاطمة الزهراء قد دفنت في البقيع مع اختلاف بين المؤرخين حول مكان دفنها [3] (سلام الله عليها) وهناك في البقيع قبر أم البنين (رضوان الله عليها) وقبور أخري لذرية الرسول ‚ وآله الأطهار، مضافاً إلي بعض الصحابة المؤمنين.

ولئن جرت المقادير بأن تكون هذه القبور تحت إشراف الزمرة الوهابية فالمحصلة تكون مزيداً من الظلم والتعسف والتخريب للآثار الإسلامية والتاريخية وعدم معرفة حقها وعدم الاهتمام لما ينبغي، علي عكس المراقد المقدسة التي هي تحت إشراف الشيعة، كما هو الحال بالنسبة إلي الضريح الشريف للإمام علي بن موسي الرضا … أو المرقد الشريف في قم المقدسة للعلوية فاطمة المعصومة (سلام الله عليها) إذ يحف الشيعة بهذه القبور الطاهرة، ويتوسلون بها إلي الله، وقد جاء عن الإمام الرضا … عندما سئل عن زيارة فاطمة بنت موسي: «من زارها فله الجنة» [4] .

وقال …: «من زار قبر عمتي بقم في الجنة» [5] .

ولابد من القول هنا أن مدينة قم المقدسة ما صارت بهذا الشكل لولا وجود قبر فاطمة المعصومة (سلام الله عليها)، إذ كانت مدينة قم قبل ذلك عبارة عن مجموعة من القري تصل إلي سبع قري، ولا يصل تعداد سكانها إلي أكثر من ثلاثة آلاف نسمة وكان سكانها في السابق من بعض اليهود والمجوس وعبدة النار.

أما اليوم فان قم المقدسة هي مدينة كبيرة مترامية الأطراف، وأكثر سكانها من الشيعة. وما ذلك إلا بفضل السيدة فاطمة المعصومة.


پاورقي

[1] لمزيد من الاطلاع علي تجاوزات الوهابيين علي القيم والعقائد الإسلامية راجع کتاب (هذه هي الوهابية) للعلامة محمد جواد مغنية.

[2] الشريف حسين: هو الحسين بن علي (1856-1931م)، شريف مکة والحجاز (1908م)، أعلن الثورة العربية (1816م)، وطرد الأتراک وأصبح ملک الحجاز، هزمه ابن سعود الوهابي (1924م) فترک البلاد وأقام في نيقوسيا، توفي في عمان ودفن في الحرم الشريف، ملک ابناه عبد الله في عمان وفيصل في بغداد.

[3] هناک ثلاث احتمالات في المقام کلها مبنية علي الروايات وتوجد هذه الروايات في بحار الأنوار: ج43 ص180 باب ما وقع عليها من الظلم.

الاحتمال الأول: إنها في البقيع، الاحتمال الثاني: أنها في بيتها، الاحتمال الثالث: أنها بين قبر الرسول ومنبره.

[4] کامل الزيارات: ص324 فضل زيارة فاطمة بنت موسي بن جعفر الباب 106، وأنظر ثواب الأعمال: ص98 ثواب من زار قبر فاطمة بنت موسي.

[5] کامل الزيارات: ص324 ب106 فضل زيارة فاطمة بنت موسي بن جعفر بقم ح2.