بازگشت

المرتزقة


خطب الحسين في جيش ابن سعد مرتين، و مما قاله في الخطبة الاولي:

ايها الناس انسبوني من انا، ثم ارجعوا الي انفسكم و عاتبوها: هل يحل لكم قتلي، و انتهاك حرمتي؟.. ألست ابن بنت نبيكم، و ابن وصيه و ابن عمه، و أول المؤمنين، و المصدق لرسوله بما جاء من عند ربه؟..

فوالله ما بين المشرق و المغرب ابن بنت نبي غيري فيكم و لا في غيركم.. و يحكم اتطلبوني بقتيل منكم قتلته، او مال لكم استهلكته، او بقصاص جراحة؟.

فقال قائل منهم، و هو قيس بن الاشعث: انزل علي حكم يزيد.


فقال الحسين: و الله لا اعطيك بيدي اعطاء الذليل، و لا افر فرار العبيد..

و ذكرهم في الخطبة الثانية بجده و ابيه و عمه حمزة، و سألهم: لماذا يقدمون علي قتله؟..

فقالوا: طاعة للامير عبيدالله بن زياد..

هذي هي لغة المرتزقين المأجورين الذين يطبلون و يزمرون في كل عرس يدفع الاجر، اما المبادي ء و الاخلاق، اما الدين و العلم فكلام فارغ.. سألهم الحسين عن مكانته فيهم؟. و هل اساء اليهم، و الي احد منهم؟.. فاقروا و اعترفوا بانه قدس الاقداس، و انه خير الناس ابا و اما، ولكن الامير هكذا اراد.. و هو طوع لما يريد..

و قال لهم: كيف تناصرون اعداء الله علي اولياء الله «من غير عدل افشوه فيكم، و لا امل اصبح لكم فيهم؟..» فوضعوا اصابعهم في آذانهم، و أبو الا طاعة اللئام، لا بغضا للنبي و اهل بيته - كما يظن - و لا حبا بأبي سفيان و آل ابي سفيان، كلا، و الف كلا.. بل لانهم مرتزقة، و كفي.. و لو كانت الدنيا مع الحسين لكانوا معه علي الامويين، و لفعلوا بهم اكثر مما فعلوا به و بأهله، لو اراد.

هذا هو مبدأ المرتزقة في كل عصر و مصر.. يصنعون كل شي ء يجر اليهم النفع.. فيطيعون الامير و الزعيم، ولو كان يزيد و ابن زياد، و يقتلون الصادق الامين، و لو كان محمدا او حسينا..

و بعد، فاذا رأيت من يسير في ركاب زعماء هذا العصر و حكامه فاحكم بانه محترف، حتي ولو توجع و تفجع لمصاب اهل البيت.. و لا تشك بان الحسين لو كان حيا، و امره الزعيم بقتاله لا قدم، و اوجد لنفسه الف مبرر و مبرر.