بازگشت

ابتسام الحسين


روي ان شمرا، حين ارتقي الصدر الشريف، و هم بذبح الامام، ابتسم عليه افضل الصلاة و السلام، و قال لشمر:

أتعرفني من انا؟.

قال اللعين: اجل، حق المعرفة.. جدك محمد المصطفي، و ابوك علي المرتضي، و امك فاطمة الزهراء، و خصمي العلي الاعلي..

لم يتعجب الحسين لهذه المفاجأة التي يحسب كل انسان انها محال، حتي في التصور و الخيال، و انما ابتسم مستبشرا بالشهادة و لقاء جده و ابيه، و امه و اخيه، و بالرحلة من دار البلاء و الفناء الي دار النعيم و البقاء، تماما كما استبشر ابوه من قبل بضربة ابن ملجم، و قال: «فزت و رب الكعبة».. و روي ان الحسين كان في يوم الطف، كلما اشتد الامر، اشرق وجهه، و هدات جوارحه، و سكنت نفسه، حتي قال الناس بعضهم لبعض: انظروا لا يبالي بالموت..

و لم يقل الحسين لشمر: هل تعرفني؟ ليقيم عليه الحجة، لأنها قائمة عليه، و لا رجاء ان يتعظ و يرتدع، لان الاتعاظ في حقه اكثر من محال، و انما سأله هذا السؤال ليعلمه الي اي حد بلغ منه اللؤم و الضعة و الجرأة علي الله و الرسول.. و اجاب شمر بما اجاب مستخفا بالله و نبيه و بجميع الاخلاق و القيم.

و قد يسأل سائل: كيف تجرأ الشمر و اقدم علي ما اقدم عليه؟!. كيف بلغت القسوة منه هذا المبلغ؟!. هل هو من البشر، او من طبيعة اخري؟!.


الجواب

ان الشمر فرد من الناس لا يختلف عنهم في لحمه و دمه، و لا في طبيعته و فطرته التي خلق عليها اول ما خلق - و لا في شي ء الا انه مارس الذنوب، و اعتادها، و تمادي فيها، و استهان بمعصية الله، حتي اصبحت عنده كشرب الماء، و من كانت هذه حاله قسا قلبه، و عميت بصيرته، و لم يعد يبالي بشي ء مهما كان و يكون.. قال اميرالمؤمنين: «ما قست القلوب الا لكثرة الذنوب» و قال تعالي: «بل ران علي قلوبهم ما كانوا يكسبون».

و هكذا كل من تمادي في غيه، و استخف بدينه، و لم يخش حسابا و لا عقابا، يجوز عليه ان يقدم علي ما اقدم الشمر، قال الامام الصادق: اذا اذنب الرجل خرج من قلبه نكتة سوداء، فان تاب زالت، و ان زاد ازدادت، حتي تغلب علي قلبه، فلا يصلح بعدها ابدا.