بازگشت

الخروج بالنساء


قد يقول قائل: مادام الحسين يعلم بانه مقتول لا محالة، كما صرح بذلك لاخيه محمد بن الحنفية، و حين علم بمقتل ابن عمه مسلم، و في مناسبات شتي، فلماذا صحب معه النساء و الاطفال، حتي جري عليها ما جري؟..

الجواب:

اجل، ان الحسين و الاصحاب و التابعين كانوا يعلمون بمقتل الحسين قبل و قوعه، فقد اشتهر و تواتر من طريق السنة و الشيعة ان النبي (ص) اخبر بذلك أكثر من مرة.. قال صاحب «العقد الفريد» ج 5 ص 124 طبعة 1953:

«قالت ام سلمة: كان عندي النبي، و معي الحسين، فدنا من النبي فاخذته، فبكي فتركته، فدنا منه فاخذته، فبكي فتركته، فقال له جبريل:


اتحبه يا محمد؟. قال: نعم. قال: اما ان امتك ستقنله، و ان شئت اريتك من تربة الارض التي يقتل بها. فبسط جناحه، فأراه منها، فبكي البني (ص).»

و قال صاحب «ذخائر العقبي» ص 146 طبعة 1356 ه:

«قال رسول الله: ان ابني هذا، يعني الحسين يقتل بارض من العراق، فمن ادركه فلينصره». ثم قال صاحب الذخائر: و هذا الحديث خرجه البغوي في معجمه، و ابوحاتم في صحيحه، و احمد في مسنده.

و بهذا يتبين معنا ان الذين نهوا الحسين عن الخروج من الاصحاب و التابعين، و اعلموه بانه مقتول قد اعتمدوا علي احاديث النبي، و تجاهلوا قوله «من ادركه فلينصره» ايثارا للعاجلة علي الآجلة.. حين سمع ابن عمر بخروج الحسين اسرع خلفه حتي ادركه في بعض المنازل، فقال له: الي اين يا ابن رسول الله؟.

قال: الي العراق.

قال: اكشف لي عن الموضوع الذي كان رسول الله يقبله منك. فكشف له عن سرته، فقبلها ابن عمر ثلاثا، و بكي، و قال: استودعك الله يا ابن رسول الله، فانك مقتول في وجهك هذا.

و اذا كان الحسين مقتولا لا محالة فليكن ثمن قتله و استشهاده ذهاب دولة الباطل من الوجود، و خلاص المسلمين منها و من الجور و البغي.. و لا طريق للخلاص الا بانفجار الثورة علي الامويين و سلطانهم.. و كان ذبح الاطفال و سبي النساء: و التطواف بهن من بلد الي بلد من اجدي الوسائل لانفجار الثورة التي هزت دولة البغي من الاركان.


لقد صحب الحسين النساء معه عن قصد و تصميم ليطوف بهن الامويون في البلدان، و يراهن كل انسان، و يقلن بلسان الحال و المقال: ايها المسلمون، انظروا ما فعلت امية التي تدعي الاسلام بآل نبيكم.. و كان الناس يستقبلون جيش يزيد الذي يطوف بالسبايا، يستقبلونه بالمظاهرات، و الرشق بالاحجار، و الهتافات المعاوية للامويين و حزبهم، و يصرخون: في وجوههم يا فجرة.. يا قتلة اولاد الانبياء..

لقد رأي المسلمون في السبايا من الفجيعة اكثر مما رأوا من قتل الحسين، و لولا هن لم يتحقق الهدف من قتل الحسين، و هو انهيار دولة الظلم و الطغيان..

و لنفترض ان السيدة زينب بقيت في المدينة، و قتل اخوها الحسين في كربلاء، فماذا تصنع؟.. و أي شي ء تستطيع القيام به غير البكاء و اقامة العزاء؟..

و مما قلته في كتاب المجالس الحسينية:

«هل ترضي هي لنفسها، او يرضي لها مسلم ان تركب جملا مكشوفة الوجه، تنتقل من بلد الي بلد تثير الناس علي يزيد و ابن زياد؟.. و هل كان يتسني لها الدخول علي ابن زياد في قصر الامارة، و تلعنه و تلعن اباه؟.. و هل كان بامكانها ان تدخل الي مجلس يزيد، و تلقي تلك الخطب التي اعلنت فيها كفره و خروجه عن دين الاسلام؟.

ان السيدة زينب لا تخرج من بيتها مختارة، و لا يرضي لها المسلمون بالخروج مهما كان السبب، حتي ولو قطع الناس يزيد باسنانهم، ولكن الامويين هم الذين اخرجوها، و هم الذين ساروا بها، و هم الذين ادخلوها في مجالسهم و مهدوا لها سبيل الدعاية ضدهم و ضد سلطانهم».


و كل ما فعله الامويون في كربلاء عاد عليهم بالوبال و الخسران.. قال الالماني ماريين: «بعد وقعة كربلاء انكشفت سرائر الامويين، و ظهرت قبائح اعمالهم، و انتشر الخلاف علي يزيد و بني امية. و ما كان يجرؤ انسان قبل كربلاء ان يجهر بتقديس علي و الحسين، و بعدها لم يكن للناس من حديث الا في فضل العلويين و محنهم، حتي في مجلس يزيد كان يذكر الحسين و اباه بالتقدير و التعظيم».