بازگشت

فوران الحقد


و بعد ان هلك معاوية، و تولي يزيد الامر من بعده صمم ان يقتل الحسين علي كل حال، و بأي ثمن، و مهما تكن النتائج.. و سواء أصح ان معاوية اوصاه خيرا بالحسين، او لم يصح، فان فوران الحقد و اللؤم و البغض و الغيظ من الحسين قد بلغ الغاية من نفسه، وادي به الي حمق لا تجدي معه النصيحة، و الي داء لا يشفيه الا الانتقام، ولو كان به ذهابه و ذهاب ملكه، و من قبل قال عبدالله بن الزبير: «اقتلوني و مالكا».

صمم الحسين ان لا يبايع يزيد، قتل او لم يقتل، لسبب واحد و هو «ان مثله لا يبايع مثل يزيد».. و صمم يزيد علي قتل الحسين بايع أو لم يبايع لاسباب:

«منها»: العداء المبدئي الذي اشار اليه الامام الصادق بقوله: «نحن و آل ابي سفيان تعادينا في الله، قلنا: صدق الله. و قالوا: كذب الله».


و «منها»: العداء الشخصي، فقد كان يزيد يعلم عليم اليقين بان الحسين يزدريه و يحتقره و اباه معاوية، و ايضا يعلم بان الحسين ينظر اليه و الي ابيه كما ينظر الي المنافقين و المفترين، و لا شي ء أشد وطأة علي النفس من الاحتقار و الاستخفاف.

و «منها»: الاخذ بثارات بدر.. و لذا هتف باشياخه حين وضع رأس الحسين بين يديه، و قال: «ليت اشياخي ببدر شهدوا».

و قد تجاهل هذه الحقيقة الذين اضمروا العداء لعلي و بنيه. و قالوا: ان الحسين ألقي بيده الي التهلكة، و كان عليه ان يسلم ليزيد، مادام عاجزا عن مقاومته.. قالوا هذا، و هم يعلمون ان الحسن صالح معاوية، و سلم له الامر، ثم غدر به، و ان معاوية اعطي العهود و المواثيق لاولياء الله كحجر بن عدي و عمرو بن الحمق و غيره، ثم نقضها، و قتلهم دون ان يقاتلوه، و ان مسلم بن عقيل ألقي السلاح بعد ان اخذ العهد و الامان من اذناب الامويين، ثم قتلوه و مثلوا به.

و جاء في المجلد العاشر من البحار ص 116:

«ان يزيد انفذ عمرو بن سعيد الي مكة، و ولاه الموسم و امره بقتل الحسين علي اي حال اتفق، و انه دس مع الحاج ثلاثين رجلا، ليغتالوا الحسين، و لما علم الحسين بذلك خرج من مكة، و قبل خروجه قال لاخيه محمد بن الحنفية: و الله يا اخي لو كنت في حجر هامة من هوام الارض لاستخرجوني منه، حتي يقتلوني [1] و في هذا دلالة ظاهرة انه مقتول،


حتي ولو سالم و بايع، و كانوا يعرضون عليه البيعة صورة، لعلمهم بانه لا يبايع. الا تري كيف اشار مروان بن الحكم بقتل الحسين علي والي المدينة؟.. و كيف كتب ابن زياد لابن سعد: اعرض علي الحسين ان ينزل علي امرنا، ثم نري فيه رأينا؟..».

و من عرف حقيقة يزيد، و عوامله النفسية، و تربيته لا يشك في شي ء من ذلك.. ان يزيد ينزع للانتقام بطبيعته و فطرته، و بنسبه و تربيته، و لا يشبع نزعته هذه، البيعة و غير البيعة، لا يشبعها الا الدم، حتي الدم لم يشف غليل جدته هند.. فلاكت كبد الحمزة و اتخذت من اطرافه قلادة تتزين بهاه لجده ابي سفيان..


پاورقي

[1] و ما رأيت اجهل ممن قال: کيف اطمأن الحسين لاهل الکوفة، و قد غدروا باخيه و ابيه من قبل؟.. فهل کان الحسين يجهل ذلک؟. الم يصرح اکثر من مرة بان الله شاء ان يراني قتيلا، و يري نسوتي سبايا؟...