بازگشت

استشهاده


في سنة 8 ه بعث رسول الله احد اصحابه، و هو الحارث بن عمير بكتاب الي ملك بصري بارض الشام، فلما نزل مؤتة عرض له شرحبيل


الغساني احد ولاة الروم، فاوثقه ثم ضرب عنقه، و لم يقتل غيره من بعوث رسول الله، فاشتد ذلك علي رسول الله، و جهز جيشا من ثلاثة آلاف، و امر عليهم جعفر الطيار، فان قتل فزيد بن حارثة، فان قتل فعبدالله بن رواحة، و انطلق الجيش الي مشارف الشام، لجمع له الروم مئة الف مقاتل، و قيل: مئتا الف، و اخذ الراية جعفر، و اقبل علي الروم يجالدهم بعنف، فقطعت يمينه، فأخذ اللواء بشماله فقطعت، فاحتضن الراية بعضديه، حتي قتل.

و روي انه حين اشتد القتال، نزل علي فرسه، و عقرها فكان اول رجل عقر فرسه في الاسلام، و قاتل و هو يقول:



يا حبذا الجنة و اقترابها

طيبة و بارد شرابها



و الروم روم قد دنا عذابها

كافرة بعيدة انسابها



علي اذا لاقيتها ضرابها

و بعد ان استشهد وجدوا في مقدم جسده الشريف اكثر من تسعين ضربة و طعنة.



هذا هو بيت ابي طالب، و هذا ابناؤه، فمنذ اليوم الذي نبتت فيه بذرة الاسلام الي آخر يوم من ايام العباسيين عاني التجويع و السجن و الحصر في شعب مكة المكرمة، و التشريد في ارض الحبشة، و مجابهة الموت بالمبيت الي فراش الرسول، و الجهاد في بدر و أحد و الاحزاب، و في جميع غزوات الرسول و حروبه، و القتل في أرض الشام و العراق، و في كل مكان.. كل ذلك من اجل الاسلام، و كلمة «لا اله الا الله محمد رسول الله» و رغم ذلك فابوطالب غير مسلم. و لماذا؟.. لانه ابوعلي..


و تحدث الرسول عن شهداء مؤتة [1] و بخاصة جعفر الطيار و قال: ان الجوار الذي صاروا اليه احب الي نفوسهم، و اقر لعيونهم من الدنيا و ما فيها و من فيها، اما ابناؤهم و عيالهم ففي كفالة الله، و هو نعم المولي، و نعم النصير.

قال عبدالله بن جعفر: جاءنا النبي بعد موت ابي، و قال: لا تبكوا علي اخي بعد اليوم، و دعا بالحلاق فحلق رؤوسنا و قال: اما محمد فشبيه عمنا ابي طالب، واما عبدالله فشبيه خلقي و خلقي، ثم اخذ بيدي، و قال: اللهم اخلف جعفرا في اهله، و بارك لعبدالله في صفقة يمينه؛ و لما ذكرت امي يتمنا قال لها: لا تخافي عليهم أنا وليهم في الدنيا و الآخرة (فقه السيرة للشيخ محمد الغزالي ص 281 بعنوان غزوة مؤته).

و كفي بالرسول الاعظم وليا، و هل يبغي ابوطالب و آل ابي طالب سوي ولاية الله و رسوله؟

و اختلف المؤرخون في عمر جعفر الطيار، فمن قائل: انه استشهد ابن 38، و قائل 41.


پاورقي

[1] مؤتة قرية في الاردن، و فيها مقام لجعفر الطيار مزور و مشهور.