و ابوها اسد اخو عبدالمطلب جد النبي (ص) فهي اول هاشمية، تزوجها هاشمي، و لم يتزوج ابوطالب بغيرها، و ولدت له طالبا، و لا عقب له، و عقيلا، و جعفرا، و عليا، و كل واحد اسن من الآخر بعشر سنين؛ و ام هاني، و اسمها فاختة.

و لما كفل ابوطالب محمدا انزلته من قلبها منزلة الاحشاء، و جعلته نصب عينيها، ان غاب عنها لحظة لم يغب مثاله، و لم تفقد شخصه، و تذهل عن كل شي ء، حتي يحضر، فتشتغل بتغذيته، و غسله، و تنظيفه، و تلبيسه، و تدهينه، و تعطيره، و اصلاح شأنه، فاذا كان الليل اشتغلت بفرشه، و توسيده، و تمهيده، فكانت لا تغفل عنه و عن خدمته لحظة في ليل و لا نهار، و كان يسميها امي.

و لما توفيت كفنها رسول الله بقميصه، و امر من يحفر قبرها، فلما بلغوا اللحد حفره بيده، و اضطجع فيه، و قال، الله اغفر لأمي فاطمة بنت اسد، ولقنها حجتها، و وسع عليها مدخلها، فقيل له: يا رسول الله رأيناك صنعت شيئا لم تكن تصنعه باحد قبلها، فقال البستها قميصي لتلبس من ثياب الجنة، و اضطجعت في قبرها، ليوسع الله عليها، و تأمن ضغط القبر، انها كانت من احسن خلق الله صنعا الي بعد ابي طالب. [1] .

صنع النبي بها هذا وفاء لأحسانها، و اعترافا بجميلها، و مع هذا فقد جعله دون احسان عمه ابي طالب، لأنها احسنت اليه بالذات، و عمه


احسن للاسلام و المسلمين جميعا.. و لولا دفاع أبي طالب و سيفه ولده علي لما قام للاسلام قائمة، و لما عاش في ظله انسان.. و غريبة الغرائب ان يعترف النبي بان لعمه حقوقا دونها حقوق الامهات علي الابناء، ثم يقول من يدعي الاسلام: انه في ضحضاح من نار، لا لشي ء الا لأن في هذا الافتراء مسا بعلي و خلافة علي..

و بالتالي، فان علي الباحث المنصف ان يضع هذه الحقيقة في حسابه، و هو يقرأ او يسمع لمن انكر اسلام ابي طالب... عليه ان يقف موقف المدقق الذي ينظر الي ابعد الأسباب و الدوافع، لا موقف الجاهل المقلد الذي لا يعرف الا المظاهر، و يؤمن بالكلمة المطبوعة، لا لشي ء الا لأنها مطبوعة، و كفي.