بازگشت

الامام الصادق


في هذه السنة 1380 ه ظهر في الرياض عاصمة المملكة السعودية مجلة تحمل اسم «راية الاسلام»، و صاحب الامتياز اسمه الشيخ عبداللطيف بن ابراهيم آل الشيخ، و رئيس التحرير الشيخ صالح بن محمد بن لحيدان، و المدير الشيخ علي بن حمد الصالحي [1] «ثلاثة ليس ليس لهم شبيه» باعوا انفسهم للشيطان، و قبضوا الثمن كاملا، فجري منهم مجري الدم في العروق، و ما خالفوا له قولا، و لا عصوا له امرا حتي اصاب منهم كل ما يبتغي، و حتي اصبحوا له نصيبا مفروضا، و اطوع له من بنانه، يديره كيف شاء، و متي اراد، فاذا تكلموا فبلسانه، و اذا كتبوا فبقلمه، و اذا فكروا فبوحي منه يفكرون، و اذا فعلوا فبأمره يعملون.

و في ربيع الآخر سنة 1380 ه صدرت الاوامر لهؤلاء «الثلاثة» من سيدهم «ابي مرة» ان يكتبوا في مجلته «راية الشيطان» مقالا وضع لهم تصاميمه، و رسم معالمه، ثم اوحي اليهم ان يقيموا عليها اركانه و بنيانه، فنشروا مقالا في العدد الخامس بعنوان «خطاب موجه لشيخ الجامع الازهر»،وقعوه باسم «ابراهيم الجبهان» و هذي هي الاسس التي اوحي بها ابليس الي شيوخه، و احتواها مقال آله و رجاله.


1- التهجم علي شيخ الازهر بالفاظ السفاهة و الجهالة، لانه يناصر دعوة التقريب بين المذاهب الاسلامية، و هذه الدعوة ترضي الله الذي قال: و لا تنازعوا فتفشلوا، و تغضب سيدهم ابليس الذي يفرق بين المرء و زوجه، و يبث التعصب و الشقاق بين العباد.

2- نعت الامام الصادق (ع) بما يهتز له العرش، و يقوم له الكون بما فيه، افتروا علي عظمته لا لشي ء الا لانه امام العلم و الدين، و قائد الخير و الحق، و حرب علي الشرك و المشركين، و عز للاسلام و المسلمين، و الا لانه مهجة الرسول الناطق بلسانه و الحافظ لشريعته و تعاليمه.

3- تكفير الشيعة بعامة، و الامامية منهم بخاصة، و التحريض علي قتلهم و ابادتهم، لانهم يعبدون الله مخلصين له الدين، لا يوالون فاجرا، و لا يهادنون جائرا، و لا يساومون مستعمرا.

هذي هي الاسس التي رسمها الشيطان لشيوخه، و بنوا عليه بنيانه في مجلته، فتصدي لهم علماء جبل عامل في لبنان الذين كانوا و ما زالوا الركن الركين للاسلام، و الحصن للتشيع و مبادي ء اهل البيت الكرام، فاحتجوا لدي المسئولين في السعودية، و في سفارتها ببيروت، و نشروا الردود في المجلات و الجرائد، كما قام اهل القطيف و البحرين بواجبهم في هذه السبيل، و هدموا ما بناه شيوخ مجلة الشيطان، و نقضوا ما دبروا، و عليه تآمروا، حتي اضطروهم مرغمين الي ان يكتبوا في العدد السابع من هذه المجلة مقالا ضافيا عن الامام الصادق و عظمته عندالله و الناس، فاقروا بالحق بعد ان جحدوا، و اكذبوا انفسهم بانفسهم، و مما جاء في المقال المذكور:

«نحن الآن بصدد علم من اعلام الاسلام، و سيد من سادات المسلمين، لم يكن اميرا و لا ملكا، و لم يكن قائدا و لا خليفة، ولكنه


اسمي من ذلك و اجل، انه عالم من خيار علماء المسلمين، و خيرة بني هاشم، انه من سلالة آل بيت الرسول الذين نكن لهم كل حب و احترام، و الذين لا يحصل ايمان احد الا و قلبه عامر بحب رسول الله و آله، فآل البيت عند اهل السنة مكرمون محترمون معترف لهم فضلهم و قربهم من الرسول، و حبهم دين و صلاح، و الترضي عنهم مبدأ يسير المسلمون عليه، و صاحبنا من افضل اهل البيت، و لم يأت بعده افضل و لا اتقي منه، فهو الامام الذي اتفق المسلمون علي اختلاف طوائفهم و تعدد مذاهبهم علي امامته و ورعه و تقواه، و اثنوا عليه و مدحوه، لفضله و زهد و علمه و قرابته من رسول الله... و نشر العلم، و اخذ عنه خلق كثير، و روي عنه سادة الامة و خيارها امثال سفيان الثوري، و ابن عينية و سلمان بن بلال و الدراوردي و ابن حازم و ابوحنيفة و مالك... و قال ابوحاتم: لا يسأل عن مثله. و قال عمر بن المقداد: كنت اذا نظرت الي جعفر بن محمد علمت انه من سلالة النبيين، و اثني عليه شيخ الاسلام ابن تيمية [2] في منهاج السنة، و قال عنه: انه من خيار اهل الفضل و الدين، و اشاد بفضله. و قال السخاوي: كان من سادات اهل البيت فقها و علما و فضلا و جودا، يصلح للخلافة بسؤدده و فضله و علمه و شرفه.. و قال عنه ابوحنيفة: ما رأيت افقه منه. و قال عنه ما لك: اختلفت اليه زمانا، فما كنت أراه الا مصليا او صائما، و ما رأيته يحدث الا علي طهارة».

هذا ما قالته المجلة في عددها السابع بعد ان نشرت ما نشرته في العدد الخامس. و هكذا انكر ابوسفيان نبوة محمد، وقاد الجيوش لحربه في بدر و احد و الخندق، ثم آمن به حين جاء نصر الله و الفتح!..

كتبت ردا علي مجلة الشيوخ الثلالة نشرته العرفان في عدد تشرين


الثاني سنة 1960، ثم نشر في كراسة مستقلة.

و رغب الي بعض الاخوان الافاضل ان اكتب كلمة حول كتاب جديد، اسمه «الامام الصادق» لفضيلة الاستاذ العالم الشيخ محمد «ابوزهره»، و في نفس الوقت طلب مني الاستاذ نزار الزين ان اكتب للعرفان مقالا مستقلا عن الامام الصادق (ع)، لا اتعرض فيه لكتاب ابي زهرة، لا تأييدا و لا تفنيدا، و حجته في تبرير هذه الشرط ان يعرف اصحاب مجلة الشيطان علي اية عظمة تجرأوا، و من اية قداسة نالوا، فيأتي المقال ردا ضمينا بعد الرد الصريح.

و مادامت هذي هي الغاية الاولي و الاخيرة من هذا المقال [3] فاني انقل للقراء ما ذكره الشيخ ابوزهرة من النعوت و الاوصاف التي وصف بها الامام الصادق في كتابه المذكور، هذا مع العلم بان صاحب الكتاب أزهري، بل من شيوخ الازهر الكبار، و المؤلفين المكثرين، و الباحثين المعروفين، و قد بلغت صفحات الكتاب 568 بالقطع الكبير، و كلها او جلها ارقام و شواهد علي امامة الصادق في الدين و العلوم، و علو منزلته في الفضائل و مكارم الاخلاق كاملة دون استثناء.

و قد اقتبست من مجموع صفحات الكتاب و سطوره كلمتي التالية مشيرا في آخرها الي بعض الملاحظات. و سلفا اقول: انها لم تف بالغاية


من عظمة الامام الصادق التي صورها الشيخ في كتابه، فلقد ابرز من شخصية الامام ما لا يفي به الا كتاب ضخم في حجم كتابه الحافل، و ليس من شك ان ايمانه بقوي شخصية الامام و غزارتها قد اسعفاه و امداه بتلك الصفحات الطوال، و عكسا في نفسه و عقله سطورها و كلماتها.

استمع الي المؤلف، و هو يقول في اول صفحة من مقدمة الكتاب: كتبنا عن سبعة من الائمة الكرام، و تأخرنا في الكتابة عن الامام الصادق تهيبا لمقامه.

ثم ان الشيخ الفاضل يوافق الامامية الاثني عشرية عن علم و ايمان بكل ما يعتقدونه بالامام الصادق، و لا يخالفهم الا في امرين: الاول في وجوب العصمة له، و الثاني في انه امام سياسي، كما انه امام ديني بالنص من امام عن امام الي ان ينتهي النص الي الرسول الاعظم (ص). ان الشيخ ابازهرة يعتقد بامامة الصادق في الدين و العلوم، و انه الفصل و الفارق بين الحق و الباطل، كما جاء في ص 184، ولكنه يختلف عن الامامية بالاتجاه، و قد بين ذلك صراحة في ص 74 حيث قال ما نصه بالحرف الواحد:

«ندرس الامام الصادق بنظرنا و تفكيرنا و باتجاهنا، و لسنا بصدد تقرير ما يراه الذين حملوا اسم الجعفرية فقط، و لا ضير في ان يختلف نظرنا الي الامام عن نظرهم مادامت النتيجة هي بيان شأن الامام، و بيان علو قدره، و قد اعلوه بنظرهم، و نعليه بنظرنا، و الغاية واحدة، و حسبه شرفا ان يصل الي اعلي مراتب الرفعة باتجاهنا و اتجاههم، و نظرنا و نظرهم».

و الآن، و بعد هذا التمهيد تعالوا معي لنري الي هذه الشرارة من القبس الذي آتانا به فضيلة المؤلف من نور الامام الصادق و هديه:



پاورقي

[1] کان من نتيجة الردود و الاحتجاجات التي قام بها علماء جبل عامل و اهل القطيف و البحرين ان طرد المسؤولون في السعودية الشيخ الصالحي من ادارة المجلة.

[2] ابن تيمية الحجة و القدوة العظمي عند الوهابيين.

[3] لم يکن من قصدي ادراج هذا المقال هنا، بل کان العزم علي نشره في العرفان، و کفي، ولکن رغب الي اکثر من واحد ان انشره في کراسة علي حدة، و جاءتني رسائل بذلک من بعض الاخوان في البحرين بعد ان علموا به، فرأيت ان انشره هنا و في العرفان، لان رسالتي ان تعم مناقب الآل الکرام کل مکان و زمان، و ان تتردد علي کل لسان، و في کل صحيفة و کتاب، هذا بالاضافة الي اني عرفت کتابي هذا في المقدمة «بان فيه ذکرا لآل الرسول، و لا شي‏ء اکثر من ذلک».