امضي علي دين النبي
قال الله تعالي:
«فلما بلغ معه السعي قال يا بني اني اري في المنام اني اذبحك فانظر ماذا تري قال يا ابت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين، فلما اسلما و تله للجبين، و ناديناه ان يا ابراهيم، قد صدقت الرؤيا انا كذلك نجزي المحسنين، ان هذا لهو البلاء المبين - الصافات 102 «.
كل انسان له عاطفة و شهوات و ميول، تقيا كان او شقيا، و الفرق ان الشقي اذا تصادمت عاطفته مع دينه تغلبت العاطفة علي الدين، و كانت هي الغالبة، و هو المغلوب، فاذا مالت نفسه الي الحرام اقتحمه غير مكترث بواعظ، و مزدجر بزاجر، اما التقي فعلي العكس يتغلب دينه علي عاطفته، فاذا راودته النفس الي المعصية و هم بها تذكر امر الله و نهيه، و زجر مشاعره، و نهي نفسه عن ميولها و هواها.
و الاشياء التي تقود العاطفة و تحركها كثيرة لا يبلغها الاحصاء، كالجاه و المال و النساء، و الولد و الصداقة، و ما الي ذلك، ولكن عاطفة الاب تجاه ولده اقواها جميعا، فكم من عالم تثق به الناس قادته هذه العاطفة الي المهالك، و اودت بدينه و جاهه و كيانه، و هنا يعرف المؤمن حقا، و يتميز عن الزائف.
و الآية الكريمة خير مثال علي ذلك، فان الوالد ارفق الناس بولده. و احبهم الي قلبه، و مع هذا فان دين ابراهيم (ع) تغلب علي هذا الرفق و الحب، و هذه العاطفة الابوية، و اقدم علي ذبح ولده طاعة لله سبحانه.. و ايضا استسلم ولده للذبح طاعة لخالقه رغم عاطفته و رغبته في الحياة.
و كذلك الحسين (ع) سلم للذبح ولديه علي الاكبر و الطفل الرضيع و اخاه اباالفضل، و جميع اقاربه و اصحابه، ثم ضحي بنفسه، و سلمها للسيوف و الرماح و السهام طاعة لله جل و عز، و برز الي الموت مرددا شعاره الوحيد: امضي علي دين النبي.
و من اجل هذا الشعار القدسي استشهد علي و الحسن و الحسين و اصحابهم و شيعتهم الخلص، و هو المثل الاعلي لكل من والي آل بيت رسول الله (ص) حقا و صدقا، و الفلسفة الصحيحة للتشيع الحق التي لا يحل محلها اية فلسفة اخري.
عش في زمانك ما استطعت نبيلا
و اترك حديثك للرواة جميلا
و لعزك استرخص حياتك انه
اغلي و الا غادرتك ذليلا
تعطي الحياة قيادها لك كلما
صيرتها للمكرمات ذلولا
العز مقياس الحياة و ضل من
قد عد مقياس الحياة الطولا
قل كيف عاش و لا تقل كم عاش من
جعل الحياة الي علاه سبيلا
لا غرو ان طوت المنية ماجدا
كثرت محاسنه و عاش قليلا
قتلوك للدنيا ولكن لم تدم
لبني امية بعد قتلك جيلا
و لرب نصر عاد شر هزية
تركت بيوت الظالمين طلولا
حملت بصفين الكتاب رماحهم
ليكون رأسك بعده محمولا
يدعون باسم محمد و بكربلا
دمه غدا بسيوفهم مطلولا