بازگشت

امامة الحسين


الإمامة هي امتداد النبوة، وكما أن النبوة منصب عظيم من قبل الله تعالي كذلك الإمامة، فلابد أن تحمل الإمامة شرائط النبوة لكل من تصداها والتي منها العصمة. وقد ذهبت الإمامية إلي أن الأئمة كالأنبياء في وجوب عصمتهم عن جميع القبائح والفواحش من الصغر إلي الموت عمداً وسهواً؛ لأنّهم حفظة الشرع والقوامون به حالهم في ذلك كحال النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)؛ ولأنّ الحاجة إلي الإمام إنما هي للانتصاف للمظلوم من الظالم ورفع الفساد وحسم مادّة الفتن، وأن الإمام لطف من قبل الله تعالي ليمنع القاهر من التعدّي، ويحمل الناس علي فعل الطاعات واجتناب المحرّمات. وذهب أهل السنّة إلي جواز إمامة الفسّاق والعصاة والسرّاق كما قال الزمخشري، وهو من أفضل علمائهم، فأيّ عاقل يرضي لنفسه الانقياد الديني والتقرّب إلي الله تعالي بامتثال أوامر من كان يفسق طول وقته، وهو غائص في المعاصي وأنواع الفواحش [1] .

وقد أشار الله تعالي في كتابه إلي عصمة الإمامة: وإذ ابتلي إبراهيم ربُّهُ بكلماتٍ فأَتَمهُنَّ قال إنّي جاعلك للناس إماماً قال ومن ذّريّتي قال لا ينال عهدي الظالمين [2] فإنّه دالّ علي كون الإمامة من عهد الله تعالي، وعلي اعتبار عصمة الإمام حين الإمامة وقبلها؛ لأنّ كل عاصٍ ظالم لقوله تعالي: ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون [3] .

عن ابن عباس قال: معناها أنّه كائن لا ينال عهده من هو في رتبة ظالم، ولا ينبغي أن يوليه شيئاً من أمره.

وعن مـجاهد في قوله لا ينال عهدي الظالمين قال: لا أجعل إماماً ظالماً يقتدي به [4] .

فالإمام يجب أن يكون معصوماً عن الضلال والمعصية، وإلاّ كان غير مهتد بنفسه كما يدلّ عليه قوله تعالي: وجعلناهم أئّمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات [5] فأفعال الإمام خيرات يهتدي إليها لا بهداية من غيره، بل باهتداء من نفسه بتأييد إلهي وتسديد رباني، ومن ليس بمعصوم فلا يكون إماماً هادياً إلي الحق.

والمراد بالظالمين مطلق من صدر عنه ظلم، من شرك أو معصية وإن كان منه في برهة من عمره، سواء في الجاهليّة أو الإسلام ثم تاب وصلح، فلابدّ أن لا يكون ظالماً في جميع عمره.

وإبراهيم (عليه السلام) حينما سأل الإمامة لبعض ذرّيتّه أجابه المولي سبحانه: أنه لا ينال عهدي الظالمين من عبد صنماً أو وثناً لا يكون إماماً للناس ولو تاب بعد ذلك وأصلح.

وفي الدرّ المنثور عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) يقول: (عليه السلام)لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق(عليه السلام) [6] .

فأئمة أهل البيت (عليهم السلام) هم المعنيون بهذه الآية الشريفة، وقد صرَّحت الأحاديث الشريفة من النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) بأن الأئّمة من بعده اثنا عشر خليفة، وقد جاء في صحيح مسلم عن جابر بن سَمُرَةَ يقول: سمعتُ رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يقول: (عليه السلام)لا يزال الإسلام عزيزاً إلي اثني عشر خليفة(عليه السلام) ثم قال كلمةً لم أفْهَمْهَا. فقلت لأبي: مَا قال؟ فقال: (عليه السلام)كلّهم من قريش(عليه السلام) [7] .

وهذا الحديث شاهد علي وجود الإمامة حتي قيام الساعة، ومصداقيّة هذا الحديث الشريف هم أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، أولّهم الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وآخرهم الإمام المهدي (عجل الله تعالي وجوده الشريف) بينما أهل السنّة طبَّقوا الاثني عشر خليفة وجعلوا مصداقيّتها في الخلفاء الأربعة وخامسهم عمر بن عبد العزيز، ثم توقفوا أكثر من ثلاثة عشر قرناً لم يظهر لهم خليفة سادس، فتبيّن أنّ مصداقيّة الاثني عشر خليفة كلّهم من قريش في أئمة أهل البيت (عليهم السلام).

وقد ثبت أنه لا يوجد أحد أحقّ وأولي بهذا الأمر من علي بن أبي طالب (عليه السلام) حيث توفرت فيه شرائط النبوة والتي منها العصمة، ولم يدعِ أحدٌ من الصحابة العصمة إلاّ علياً (عليه السلام)، وقد صرح أبو بكر بذلك عندما قال: أما والله ما أنا بخيركم، ولقد كنت لمقامي هذا كارهاً، ولوددت أن فيكم من يكفيني، أفتظنّون أنّي أعمل فيكم بسنّة رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)؟ إذن لا أقوم بها، إن رسول الله كان يُعصم بالوحي، وكان معه ملك، وإنّ لي شيطاناً يعتريني، ولقد قلّدت أمراً عظيماً ما لي به طاقة ولا يد. [8] .

وذكر أبو إسحاق الاسفرايني في كتابه: لما مرض معاوية أرسل خلف ولده يزيد فقال يزيد: ومن يكون الخليفة من بعدك فقال له: يا يزيد أنت الخليفة، ثم أوصاه بعدة وصايا منها:

وأوصيك يا بني بالحسين وأولاده وأخوته وأولاد إخوته وجميع عشيرته وجميع بني هاشم، الوصية التامة، لأن الخلافة يا بني ليست لنا وإنما هي له ولأبيه وجده من قبله ولأهل بيته من بعده، ولا تستخلف يا يزيد إلا مدة يسيرة حتي يبلغ الحسين مبالغ الرجال، ويمضي إلي مكة في أحسن حال، ويكون هو الخليفة أو من يشاء من أهل بيته، وترجع الخلافة إلي أهلها لأننا يا بني ليس لنا خلافة بل نحن عبيد له ولأبيه وجده، ولا تنفق يا ولدي نفقة إلا وللحسين نصفها، واحذر يا ولدي من غضبه عليك، فإنه إن غضب عليك يغضب عليك الله ورسوله، فإن جده رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) هو الشفيـع يــوم القيامة في الأولين والآخرين، وله الشفاعة العظمي من الأنس والجن أجمعين، ولواء الحمد بيده، وأمه فاطمة الزهراء (رضي الله عنها) هي سيدة النساء، وجدته خديجة الكبري، وهم الذين أظهروا الدين وهدانا الله بـهم لـي الصراط المستقيم، فاحذر يا بني من غضبهم فإن بغضبهم يغضب الله عليك ورسوله [9] .

وإنكار إمامة أهل البيت (عليهم السلام) إنكار للنبوّة، وإنكار النبوّة إنكار لربوبيّة الربّ كما قال النبي (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)يا علي، من أنكر إمامتك فقد أنكر نبوتي، ومن أنكر نبوتي فقد أنكر ربوبيّة الربّ(عليه السلام) [10] والقرآن الكريم عبَّر عن إنكار الإمامة بالانقلاب لقولـه تعالي: وما مُحمدٌ إلاّ رَسولٌ قَدْ خلَتْ مِن قبلهِ الرُّسلُ أفإِن مات أو قُتل انقلبتُم علي أعقابِكم [11] لأنّ الإمامة أصل من أُصول الدين.

وقد نصَّ النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) علي إمامة الحسن والحسين (عليه السلام) حيث قال (صلي الله عليه وآله وسلم): (عليه السلام)الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا(عليه السلام) وقال تعالي: والذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرِّياتنا قرَّة أعين [12] ولا يسبق النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) في فضيلة، وليس أحقّ بهذا الدعاء بهذه الصيغة منه وذرِّيّته، فقد وجبت لهم الإمامة.

ويستدلُّ علي إمامتهما بما رواه الفريقان من نصِّ النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) علي إمامة الاثني عشر، وإذا ثبت ذلك فكلُّ من قال بإمامة الاثني عشر قطع بإمامتهما، ويدلُّ أيضاً ما ثبت بلا خلاف أنّهما دعوا الناس إلي بيعتهما والقول بإمامتهما.

ويستدلُّ أيضاً بأنَّ طريق الإمامة لا يخلو إمّا أن يكون هو النصُّ أو الوصف والاختيار، وكلُّ ذلك قد حصل في حقّهما، فوجب القول بإمامتهما.

ويستدلُّ أيضاً بما قد ثبت بأنّهما خرجا وادَّعيا ولم يكن في زمانهما غير معاوية ويزيد، وهما قد ثبت فسقهما، بل كفرهما [13] ، فيجب أن تكون الإمامة للحسن والحسين (عليهما السلام).

ومن كلام لعلي (عليه السلام): واللهِ ما معاويةُ بأَدهي مِنِّي؛ ولكنَّهُ يَغْدِرُ وَيَفْجُرُ، ولوْلا كراهيةُ الغَدْرِ لكنتُ من أدهي الناسِ، ولكنْ كُلُّ غُدَرََةٍ فُجَرَةٌ، وكل فُجَرَةٍ كُفَرَةٌ؛ ولِكُلِّ غادِرٍ لواءٌ يُعْرَفُ بهِ يَوْمَ القيامةِ(عليهم السلام) [14] .

ومن كلامٍ لعلي (عليه السلام) لأصحابه في بيان حقيقة معاوية بن أبي سفيان حيث وصفه قائلاً: أَما إِنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَيْكُم بَعْدي رَجُلٌ رَحْبُ البُلْعُوم مُنْدَحِقُ البَطْنِ، يَأْكُلُ ما يِجِدُ، وَيَطْلُبُ مالا يَجِدُ، فَاقْتُلُوهُ، وَلَنْ تَقْتُلُوهُ! أَلاَ وَإِنَّهُ سَيَأمُرُكُم بسبِّي والبَراءَ مِنِّي، فأمَّا السَّبُّ فَسُبُّونِي [15] فإِنّّهُ لي زَكَاةٌ وَلكُمْ نَجاةٌ، وَأَمّا البَراءَةُ فلا تَتَبرّءوا مِنِّي فإنِّي وُلدِْتُ علي الفطرةِ، وَسَبقْتُ إلي الإيمانِ والهِجْرَةِ(عليهم السلام) [16] .

قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): يطلع من هذا الفجّ رجل من أمتي، يُحشر علي غير ملتي(عليهم السلام) فطلع معاوية [17] .

وقال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (صلي الله عليه وآله وسلم)إذا رأيتم معاوية علي منبري، فاقتلوه(عليهم السلام).

وفي الحديث المرفوع المشهور أنه قال: (صلي الله عليه وآله وسلم)إن معاوية في تابوت من نار في أسفل درك منها ينادي: يا حنّان يا منّان، الآن وقد عصيتُ قبلُ وكنتُ من المفسدين(عليهم السلام).

ويستدلُّ أيضاً بإجماع أهل البيت (عليهم السلام) لأنهم أجمعوا علي إمامتهما وإجماعهم حجّة.

ويستدلُّ بالخبر المشهور أنّه قال (عليه السلام): (صلي الله عليه وآله وسلم)ابناي هذان إمامان قاما وقعدا(عليهم السلام) لأنّه أوجب لهما الإمامة سواء نهضا بالجهاد أو قعدا عنه، وسواء دعيا إلي أنفسهما أو تركا ذلك.؛ فبالعصمة والنصوص وكونهما أفضل الخلق يستدلُّ علي إمامتهما.

وكانت الخلافة في أولاد الأنبياء (عليهم السلام) وما بقي لنبيّنا ولد سواهما، ويمكن البرهنة علي إمامتهما ببيعة رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) لهما؛ لأنه لم يبايع صغيراً غيرهما، وبنزول آيات من القرآن بحقّهما وبإيجاب ثواب الجنّة علي عملهما مع ظاهر الطفوليّة منهما وذلك بقوله تعالي: ويطعمون الطعام [18] فعمّهما بهذا القول مع أبويهما وبإدخالهما فـي الـمباهلة. قـال ابن علاّن المعتزليُّ: هذا يدلُّ علي أنّهما كانا مكلّفين في تلك الحال؛ لأنَّ الـمباهلة لا تـجوز إلاّ مع البالغين.

وقال أصحـابنا: إنَّ صغـر السنِّ عـن حدِّ البلوغ لا ينافـي كمال الـعقل، وبــلوغ الـحـلم حــدُّ لتــعلّق الأحـكـام الشـرعية، فـكان ذلـك لخرق العادة، فثبت بذلك أنّهما كانا حجّة الله لنبيّه في المباهلة مع طفوليّتهما، ولو لم يكونا إمامين لم يحتجَّ الله بهما مع صغر سنّهما علي أعدائه، ولم يتبيّن في الآية ذكر قبول دعائهما، ولو أنَّ رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وجد من يقوم مقامهم غيرهم لباهل بهم، أوجمعهم معهم، فاقتصاره عليهم يبيّن فضلهم ونقص غيرهم.

وقد قدَّمهم في الذكر علي الأنفس ليبيّن لطف مكانهم، وقرب منزلتهم، وليؤذن بأنّهم مقدَّمون علي الأنفس معدُّون بها، وفيه دليل لا شيء أقوي منه هو أنّهم أفضل خلق الله.

واعلم أنَّ الله تعالي قال في التوحيد والعدل: قل يا أهل الكتاب تعالوا إلي كلمة سواء بيننا وبينكم [19] وفي الـنبوَّة والإمـامة قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم [20] وفي الشرعيّات قل تعالوا أتل ما حرَّم ربّكم [21] وقد أجمع المفسّرون بأنَّ المراد بأبنائنا الحسن والحسين (عليهما السلام).

قال أبو بكر الرازيُّ: هذا يدلُّ علي أنّهما ابنا رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وأنَّ ولد الابنة ابنٌ علي الحقيقة [22] .

قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): (صلي الله عليه وآله وسلم)من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية(عليهم السلام). الإمام هو خليفة النبي (صلي الله عليه وآله وسلم)، وممثله في أُمته في تبليغ أحكام الشريعة، فإذا غفل المسلم معرفة إمامه ولم يستهد به ضلّ عن نهج الإمام، ومات كافراً منافقاً. وقد أشعر الحديث بضرورة وجود الإمام ووجوب معرفته مدي الحياة؛ لأنّ إضافة الإمام إلي الزمان تستلزم استمراريّة الإمامة وتجدّدها عبر الأزمنة والعصور.

قال الله عز وجل: أَطيعوا اللهَ وأَطيعُوا والرسُولَ وأُولي الأَمْرِ مِنكُمْ [23] فكان علي صلوات الله عليه، ثم صار من بعده حسن، ثم حسين، ثم من بعده علي بن الحسين، ثم من بعده مـحمد بن علي، وهكذا يكون الأمر، إن الأرض لا تصلح إلاّ بإمام، ومن مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية، وأحوج ما يكون أحدكم إلي معرفته إذا بلغت نفسه ها هنا، وأهوي بيده إلي صدره. يقول: حينئذ لقد كان علي أمر أحسن(عليه السلام) [24] .

وقد كان عمرو بن عبيد اجتمع مع هشام بن الحكم، وهشام يذهب إلي القول بأن الإمامة نصٌّ من الله ورسوله علي علي بن أبي طالب (رضي الله تعالي عنه) وعلي مَنْ يلي عصره من ولده الطاهرين كالحسن والحسين ومن يلي أيامهم، وعمرو يذهب إلي أن الإمامة اختيار من الأُمّة في سائر الأعصار، فقال هشام لعمرو بن عبيد: لم خلق الله لك عينين؟ قال: لأنظر بهما إلي ما خلق الله من السماوات والأرض وغير ذلك، فيكون ذلك دليلاً عليه، فقال هشام: فلم خلق الله لك سمعاً؟ قال: لأسمع به التحليل والتحريم والأمر والنهي، فقال له هشام: لم خلق الله لك لساناً؟ فقال عمرو: لأَعبّر به عما في قلبي، وأُخاطب به من افترض عليَّ أمره ونهيه. قال هشام: فلم خلق الله لك قلباً؟ قال عمرو: لتكون هذه الحواسّ مؤدّية إليه، فيكون مميّزاً بين منافعها ومضارّها. قال هشام: فكان يجوز أن يخلق الله سائر حواسّك ولا يخلق لك قلباً تؤدّي هذه الحواسّ إليه؟ قال عمرو: لا، فقال هشام: ولم؟ قال: لأنّ القلب باعث لهذه الحواسّ علي ما يصلح له، فلو لم يخلق الله فيها انبعاثاً من نفسها استحال أن لا يخلق لها باعثاً يبعثها علي ما خلقت له إلا بخلق القلب، فيكون هو الباعث لها علي ما تفعله، والمميز لها بين مضارّها ومنافعها، ويكون الإمام من الخلق بمنزلة القلب من سائر الحواسّ إذا كانت الحواسّ راجعة إلي القلب لا إلي غيره، ويكون سائر الخلق راجعين إلي الإمام لا إلي غيره، فلم يأت عمرو بفرق يعرف [25] .

وأئمّة أهل البيت (عليهم السلام) لا يفتون برأيهم كما يفتي الناس في أُمور الدين، وقد جاء عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: (عليه السلام)يا جابر، لو كنّا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين، ولكنّا نفتيهم بآثار من رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) وأُصول علم عندنا نتوارثها كابراً عن كابر [26] ، نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم(عليه السلام) [27] .

عن سلمان المحمّدي قال: دخلت علي النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) وإذا الحسين علي فخذه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه ويقول: (عليه السلام)إنك سيّد ابن سيّد أخو سيّد أبو السادة، إنّك إمام ابن إمام أخو إمام أبو الأئمة، إنك حجّة ابن حجّة أخو حجّة أبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم(عليه السلام) [28] .

عن أبي المهزم قال: كنّا مع جنازة امرأة، ومعنا أبو هريرة، فجيء بجنازة رجل فجعله بينه وبين المرأة، فصلي عليها، فلما أقبلنا أعيا الحسين (عليه السلام) فقعد في الطريق، فجعل أبو هريرة ينفض التراب عن قدميه بطرف ثوبه، فقال الحسين (عليه السلام): يا أبا هريرة، وأنت تفعل هذا(عليهم السلام) فقال أبو هريرة: دعني - فو الله - لو علم الناس منك ما أعلم لحملوك علي رقابهم [29] .


پاورقي

[1] دلائل الصدق: ج 2 ص 3 (صلي الله عليه وآله وسلم)بتصرّف.

[2] سورة البقرة: الآية 124.

[3] سورة البقرة: الآية 229.

[4] تفسير الدر المنثور: ج 1 ص 118.

[5] سورة الأنبياء: الآية 73.

[6] تفسير الدر المنثور: ج 1 ص 118.

[7] صحيح مسلم: ج 4 ص 101، کتاب الإمارة، ح 1821، رقم 7؛ فرائد السمطين: ج 2 ص 147 ح 442.

[8] تاريخ الطبري: ج 2 ص 450، ص 460؛ الطبقات الکبري: ج 3 ص 183، ص 212؛ الکامل في التاريخ: ج 2 ص 15، ذکر استقالة أبي بکر من البيعة؛ الإمامة والسياسة: ج 1 ص 16؛ الرياض النضرة في مناقب العشرة: ج 1 ص 253؛ شرح نهج البلاغة: ج 1 ص 169؛ العقد الفريد: ج 4 ص 61؛ الأخبار الموفقيات ص 579 ح 379.

[9] نور العين في مشهد الحسين: ص 5.

[10] بحار الأنوار: ج 42 ص 191 ح1.

[11] سورة آل عمران: الآية 144.

[12] سورة الفرقان: الآية 74.

[13] انظر شرح نهج البلاغة: ج 2 ص 233، قيل لعلي (عليه السلام)، حين أراد أن يکتب الکتاب بينه وبين معاوية وأهل الشام: أَتُقرّ أنّهم مؤمنون مسلمون؟! فقال علي (عليه السلام): (صلي الله عليه وآله وسلم)ما أقرّ لمعاوية ولأصحابه أنّهم مؤمنون ولا مسلمون.

وذکر المسعودي: وکان يسمّي يزيد الخمير، وکتب إلي ابن الزبير:



ادعوا إلهيک في السماء فإنّني

أدعو عليک رجال عکَّ وأشْعر



کيف النجاة أبا خُبَيْب منهم

فاحتل لنفسک قبل اتْي العسکر



وذکر أيضاً: وکان يزيد صاحب طرب وجوارح وکلاب وقُرُود وفهود ومنادمة علي الشراب وجلس ذات يوم علي شرابه، وعن يمينه ابن زياد، وذلک بعد قتل الحسين (عليه السلام)، فأقبل علي ساقيه فقال:



اسقني شربةً تروِّي مُشَاشِي

ثم مِلْ فاسق مثلها ابن زياد



صاحب السرّ والأمانة عندي

لتسديد مغنمي وجهادي



ثمّ أمر المغنين فغنّوا له. مروج الذهب: ج 3 ص 79. جوارح: أي طيور جوارح کالنسر والعقاب والبازي وسواها. المشاش: النفس.

[14] نهج البلاغة: ص 318 رقم 200 قال ابن أبي الحديد في شرح النهج: ج 10 ص 211 رقم 193: والفجرة والکفرة: الکثير الفجور والکفر، وقوله (عليه السلام): لکل غادر لواء يُعرف به يوم القيامة؛ مرويّ عن النبي 2.

[15] کلام الإمام (عليه السلام) يحمل علي الترخيص وليس الالزام، فترخيص الإمام (عليه السلام) لأصحابه بالسب کاشف عن التخيير، فيظهر لهم سب الإمام (عليه السلام) حتي يدفع عن نفسه القتل والضرر، لأهمية الملاک.

[16] نهج البلاغة: ص92 ج رقم 57، عن أبي عبيدة قال: کتبَ معاويةُ إلي علي بن أبي طالب: يا أبا الحسن! إن لي فضائل کثيرةً، وکان أبي سيداً في الجاهلية، وصرتُ ملکاً في الإسلام، وأنا صهرُ رسول الله وخال المؤمنين، وکاتبُ الوحي، فقال علي: أبا الفضائل تفخَرُ عليَّ ابن آکلةِ الأکبار؟ ثم قال: اکتب يا غلام:



وحمزةُ سيدُ الشهداء عَميِّ

محمد النبيُّ أخي وصهري



يطير مع الملائکة ابن أُمي

وجعفر الذي يُمسي ويُضحي



منوط لحمُها بدمي ولحمي

وبنت محمد سَکْني وعِرسي



فأيکم له سهمٌ کسهمي

وسبطا أحمدٍ ولداي منها



صغيراً ما بلغتُ أوان حِلْمي

سَبَقْتُکُم إلي الإسلام طُراً



فقال معاوية: أخفوا هذا الکتابَ لا يقرأ أهل الشام، فيميلون إلي ابن أبي طالب. کنز العمال: ج 13 ص 112 ح 36366.

[17] تاريخ الطبري: ج 5 ص 621.

[18] سورة الدهر: الآية 7.

[19] سورة آل عمران: الآية 64.

[20] سورة آل عمران: الآية 61.

[21] سورة الأنعام: الآية 151.

[22] بحار الأنوار: ج 43 ص 277.

[23] سورة النساء: الآية 59.

[24] ينابيع المودّة: ص 137.

[25] مروج الذهب: ج 4 ص 115.

[26] کابر عن کابر: أي ورثته عن آبائي وأجدادي کبيراً عن کبير في العزِّ والشرف.

[27] بحار الأنوار: ج 2 ص 172 ح 3.

[28] مقتل الحسين للخوارزمي: ج 1 ص 146؛ انظر: ينابيع المودة: ص 198، وفيه: (صلي الله عليه وآله وسلم)خديه بدل عينيه.

[29] کفاية الطالب: ص 381.