بازگشت

في التداوي بالطين الارمني


انه روي في «المصباح» عن محمد بن جمهور العمي عن بعض اصحابه قال: «سئل جعفر بن محمد عليهماالسلام عن «الطين الارمني» يوخذ للكسير أيحل اخذه؟

قال: لا بأس به أما أنه من طين قبر ذي القرنين، و طين قبر الحسين (عليه السلام) خير منه [1] .

و عن الطبرسي عن المكارم الاخلاق عن أبي عبدالله (عليه السلام) مثله.

و عن «طب الائمة» بالسناد الي أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) «ان رجلا شكي اليه «الزحير» فقال له: خذ من الطين الارمني و أقله بنار لينة و استف [2] منه فانه يسكن عنك.

و عنه (عليه السلام): أنه قال: في «الزحير»، «تأخذ جزءا من خربق ابيض و جزءا من بزر القطونا و جزءا من صمغ عربي و جزءا من الطين


الارمني يقلي بنار لينة» [3] .

أقول: انه قد اختلف في جواز التداوي بأكل الطين الارمني، فقد جري في «الشرايع» علي القول بالجواز، تعليلا برواية حسنة، قال: لما فيه من المنفعة المضطر اليها، و ارتضاه في «المسالك».

و حكي في البحار عن بعض القول: بجواز الاستشفاء بالطين الارمني [4] تعليلا بالاخبار المؤيدة بعمومات دلائل حل المحرمات عند الاضطرار و حكي عن بعض آخر القول، بعدم الجواز تعليلا بعدم صلاحية تلك الاخبار لتخصيص اخبار التحريم. و قد ورد المنع عن التداوي بالحرام، و الاكثر لم يعتنوا بهذه الاخبار و جعلوا الخلاف فيه، فرع الخلاف في جواز التداوي بالحرام و عدمه.

و بالجملة: فالاخبار المذكورة ضعيفة، و ما ذكره في «الشرايع» من حسن الرواية، غير حسن، مضافا الي اختلال حال قوله: «لما فيه» حيث أنه قال: و في الارمني رواية بالجواز لما فيه من المنفعة المضطر اليها، و ليس في العبارة ما يصلح لكونه معلولا لقوله المشار اليه، أعني قوله: «لما فيه».

نعم يتأتي الاستفاضة، لو كان الروايتان الاخيرتان مختلفتين سندا بناء علي كفاية التجاوز عن الواحد أو الاثنين في الستفاضة و عدم لزوم التجاوز عن الثلاثة و أما بناء علي اتحاد السند فيشكل الامر بعد كفاية


التجاوز عن الثلاثة، اذ القدر الثابت من خروجه عن الاجماع علي عدم جواز العمل، بالخبر الضعيف، هو ما تعدد متنه بتعدد سنده، و أما ما تعدد متنه مع اتحاد السند فخروجه عن الاجماع المشار اليه غير ثابت.

نعم لا بأس بالحجية، بناء علي حجية مطلق الظن لكفاية عدم ثبوت عدم الاعتبار في الحجية بناء علي حجيته الظن الشخصي للشك في الدخول في عموم منطوق «آية النبأ» [5] و الخروج عنه لفرض الشك في الخروج عن الاستفاضة و الدخول تحت الاجماع المشار اليه، اذ القدر المتيقن من الدخول انما هو الخبر الواحد امتحد متنا و سندا نعم لا بأس بالحجية بناء علي حجية الظن النوعي و قد يستدل علي عدم الجواز بأنه اذا اضطر الي المنافع التي تترتب علي الطين الارمني خصوصا في زمان الوباء و دفع الاسهال و الي غير ذلك مما هو مذكور في الطب فيتأتي عموم قوله سبحانه: (فمن اضطر غير باغ و لا عاد فلا اثم عليه) [6] .

و يضعف بعد ضعف اطلاقات الكتاب و عموماته، بأنه يخصص الاطلاق بالاخبار، الدالة علي أنه لا شفاء في الحرام، مضافا الي أن ظاهر الاية، قضية «الفاء» كون الاضطرار موجبا للرخصة في الامور المذكورة سابقا بالتحريم أعني: «لميتة» و «لحم الخنزير» و ما اهل لغير الله به و لا دلالة فيها علي افادة الاضطرار للرخصة مطلقا.

و قد يستدل علي الجواز ايضا بأنه لو كان التداوي بالطين الارمني للتخلص عن الهلاك فيتأتي فحوي ما دل علي جواز أكل المتية في


المخمصة و أنت خبير، بأن التخلص عن الهلاك في أكل الميتة امر يقطع به كل أحد، بخلاف التداوي بالطين فانه لا يحصل القطع بالخلاص فيه لغير الطبيب، و هذا و ان لا يوجب الفرق لامكان فرض التداوي في حق نفس الطبيب، لكن يتأتي الفرق من جهة اخري، هي، أن المانع موجود في التداوي بالطين و هو عدم تطرق الشفاء بالحرام، بخلاف أكل الميتة في المخمصة اذ ليس اكلها من باب التداوي كما هو ظاهر.

و بعد يمكن القول، بعدم شمول اخبار حرمة الطين للطين الارمني لانصرافه الي الغالب، مما لا يشتمل علي المنفعة.

ثم انه ذكر في «الروضة» ان الطين الارمني: يجلب من «ارمنية».

و في «القاموس» «الرمينية» بالكسر و قد يشدد «الياء» الاخيرة، كورة بالروم، أو أربعة أقاليم، أو اربع «كور» متصل بعضها ببعض، يقال: لكل «كورة منها «ارمينية» و النسبته «ارمني» بالفتح.

و لا يخفي أن ما ذكره في «الروضة» ينافي ما تقدم في الحديث من أن الطين الارمني يوخذ من قبر «ذي القرنين» من جهة الاستشفاء، اذ مقتضي ما ذكره في «الروضة» أنه، يوخذ من موضع مخصوص لا من القبر و لا بمداخلة القبر في الاستشفاء، كما أن تجويز الاطباء منوط باقتضاء الطين بالخاصية كالا دوية فهو ينافي أيضا ما يقتضيه الرواية من أن أكل الطين الارمني بواسطة ترتب الشفاء لا اقتضاء الطبيعة.

بقي أن الكلام في جواز التجاوز عن الحمصة في الطين الارمني علي ما تقدم في الطين المختوم و طين الداغستان و الله العالم.

هذا ختام الكلام في المرام و الحمدلله الملك العلام خالق الليالي و الايام و جاعل النور و الظلام و السلام علي نبيه خاتم الانبياء و سيد الانام


و علي آله الغر الميامين الكرام و مفاتيح دار السلام سيما ابن عمه أبي الارامل و الايتام و شفيع العصاة لدي قيام الساعة و ساعة القيام ما دام التربة شفاء اقسام الاسقام و دواء آلام الاجسام.

قد وقع لي الفراغ من تصحيح هذه الرسالة الشريفة بعد الاستنساخ من نسخة غير مصححة في الليلة الحادي عشر من شهر الصيام رمضان المبارك 1412 ه. ق.

قم المقدسة حرم آل محمد عليهم السلام

حسين غيب غلامي


پاورقي

[1] مصباح الطوسي ص 510 - بحار: 134:101 باب تربته صلوات الله عليه ح 69 و فيه: حسين بن علي عليهماالسلام.

[2] في البحار: و استسف - و في بعض النسخ و استشف منه.في بعض النسخ «و استشف منه» و خربق: کجعفر نبات ورقة کلسان الحمل ابيض و اسود و کلاهما يجلو و يسخن و ينفع الصرع و الجنون و المفاصل و البهق و الفاج... تاج العروس 327:6 مادة خرق.

[3] بحار 155:60 ح 21. الزحير: استطلاق البطن و التنفس بشدة مجمع البحرين.

[4] بحار 162:60 کتاب السماء و العالم.

[5] الحجرات: الآية 6.

[6] البقرة: آية 173.