بازگشت

خاتمة


قال القاضي سعيد أيضا في أربعينه في شرح الحديث الرابع:

«و مما يناسب نقله في هذا المقام ما روي عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله (ص): ان لله ثلاثمائة شخص في الأرض قلوبهم علي قلب آدم، و له أربعون قلوبهم علي قلب موسي، و له سبعة قلوبهم علي قلب ابراهيم، و له أربعة قلوبهم علي قلب جبرائيل، و له ثلاثة قلوبهم علي قلب ميكائيل، و له واحد قلبه قلب اسرافيل، فاذا مات الواحد من الثلاثة أبدل الله مكانه من الأربعة و اذا مات واحد من الأربعة أبدل الله مكانه من ثلاثمائة و اذا مات واحد من ثلاثمائة أبدل الله مكانه من العامة بن يدفع البلاء عن العامة ببركتهم».

و في هذا الخبر فوائد:

الأولي - أنه يدل علي الترتيب الذي ذكرنا بين جيرئيل و ميكائيل و اسرافيل و أن أقدمهم و أشرفهم منزلة هو اسرافيل، و لا يظهر من كون المنسوب الي جبرائيل اربعة و الي ميكائيل ثلاثة و الي اسرافيل واحدا، و ذلك لترتب مراتب الاعداد و أن الواحد أقدم، و لكون الأربعة عبارة عن الأوتاد، و الأوتاد في مرتبة الأفراد الذين عددهم ثلاثة، و كذا الافراد انما يخدمون الواحد


الذي هو قطب الأقطاب، فتدبر.

و الثانية - أن ذلك الخبر و ان كان مما رواه العامة لكن يحققه كشف ارباب العيان و ما ورد عن ائمة اهل الايمان اجمالا و تفصيلا؛ اما اخبار الاجمال فكما ورد عنهم (عليهم السلام) في عدة موضع أن القائم من أهل البيت معه أشخاص اتقياء يأمرهم بالخدمات و هم معه بالغدوات و العشيات، و اما التفصيل فقد ورد عنهم (عليهم السلام) في دعاء ام داود الذي يدعي به من عمل الاستفتاح بعد ما ذكر فيه الصلاة علي الملائكة و الأنبياء و الرسل و الأوصياء و ائمة الهدي و الأوتاد و السياح و العباد و المخلصين و الصالحين و الزهاد و أهل الجد و الاجتهاد الي آخر الدعا... و أنت خبير بأن ذلك علي أن وجود هؤلاء الاولياء مما يقول به أئمتنا.

الثالثة - اعلم أن الثلاثمائة الذين قلوبهم علي قلب آدم يسمون بالنقباء و ذلك أدني مراتب الأولياء، و لذلك كان عددهم كثيرا و سموا بالنقباء لحركتهم و سيرهم في البلاد لمعاونة العباد، و الأربعين الذين قلوبهم علي قلب موسي (عليه السلام) هم النجباء، لكونهم أنجب من الأولين او لأنهم نجباء عندالله انتجبهم منم خلقه، و السبعة الذين قلوبهم علي قلب ابراهيم البدلاء، و الوجه الوجيه في تسميتهم بذلك هو أنهم يقتدرون علي التبدل في الهياكل و التقلب في الصور، و الأربعة قوائم، و لما كان امور عالم الكون انما يقوم بهم سموا أوتادا، و الثلاثة الذين قلوبهم علي قلب ميكائيل انما يسمون بالافراد، ذلك لأن الثلاثة أول الأفراد و أقدمها و أشرفها، حتي قيل ان ايجاد العالم انما يكون عن ثلاثة، لأن الله لما أعطت الحقايق و التيجة لا يكون الا عن الفردية، و الثلث اول الافراد، جعل الله ايجاد العالم عن نفسه و ارادته التي هي نسبة التوجه لا تخصيص لتكوين امره و قوله الذي هو مباشرة الأمر الايجادي بمعني كلمة «كن» و العين واحدة و النسب مختلفة، فقال مشيرا الي الأمورالمذكورة: «انما قولنا لشيئي اذا اردناه أن نقول له كن فيكون،» انتهي، فقيل سمي افراد لأنهم مجالي للفردية الحقيقية، و هذا في الحقيقة يرجع الي ما قلنا، و الواحد الذي قلبه علي قلب اسرافيل هو قطب الأقطاب و الغوث الأعظم، اذ به يقوم دائرة الوجود و هو مغيث كل مكروب، و لولاه لماجت الأرض بأهله و لقامت الساعة من ساعته، و هو بقية الله في ارضه و حجته علي عباده و القائم بامره، خاتم الأولياء و صاحب الأرض و السماء، كما نص عليه الاخبار و مكاشفات أهل الأسرار.

قال صاحب الفتوحات:

«و أما ختم الولاية المحمدية فهي لرجل من العرب من أكرمها أصلا و هو في زماننا اليوم


موجود عرفت به سنة خمس و تسعين و خمسمائة، و رأيت العلامة التي أخفاها الحق فيه عن عيون عباده و كشفها لي بمدينة فارس حتي رأيت خاتم الولاية منه، و هو خاتم الولاية الخاصة لا يعلمه كثير من الناس، و قد ابتلاه الله بأهل الانكار عليه فيما يتحقق به من الحق من سره، و كما أن الله ختم بمحمد صلي الله عليه و آله نبوة التشريع كذلك ختم الله - بالختم المحمدي الولاية التي يحصل من الوارث المحمدي، لا التي يحصل من ساير الأنبياء، فان من الأولياء من يرث ابراهيم، و منهم من يرث موسي و عيسي، فهولاء يوجدون بعد هذا الختم المحمدي و لا يوجدون علي محمد (ص) [1] » انتهي.

قال ذلك في الفصل الثالث عشر من اجوبة الامام محمد بن علي الترمذي. انتهي كلام القاضي، و وجدنا نقله مطابقا لما في الفتوحات.

و ذكر الشيخ الثقة الكفعمي (ره) في حواشي «جنة الأمان» عند ذكر دعاء ام داود عن علي (ع) أن الأبدال بالشام و هم خيار بدل من كل خيار، و الأوتاد هم صفوة الأبدال، و السياح الصائمون، و السياحة في هذه الأمة الصيام.

و قيل: ان الأرض لا تخلو من القطب و أربعة اوتاد و أربعين بدلا و سبعين نجيب أو ثلاثمائة و ستين صالحا، فالقطب هو المهدي (عليه السلام)، و لا يكون الأوتاد أقل من الأربعة و لأن الدنيا كالخيمة و المهدي (ع) و تلك الأربعة أطنابها، و قد تكون الأوتاد اكثر من الأربعة و الأبدال اكثر من الأربعين، و النجباء اكثر من سبعين و الصالحون اكثر من ثلائمائة من ستين، و الظاهر أن الخضر و الياس من الأوتاد، فهما ملاصقان لدائرة القطب، و اما صفة الأوتاد فهم قوم لا يغفلون عن ربهم طرفة عين و لا يجمعون من الدنيا الا البلاغ و لا تصدر منهم هفوات البشر و لا يشرط فيهم العصمة و شرط ذلك في القطب، و اما الابدال فدون هؤلاء في المراقبة، و قد تصدر منهم الغفلة فيتداركونها بالتذكر و لا يتعمدون ذنبا، و اما النجباء فدون الأبدال، و اما الصالحون فهم المتقون الموصوفون بالعدالة و قد يصدر منهم الذنب فيتداركونها بالاستغفار و الندم، قال الله تعالي: «ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون». جعلنا الله من القسم الأخير، لأنا لسنا من الأقسام الاول، لكن ندين الله بحبهم ولايتهم، و من أحب قوما حشر معهم.

و قيل: اذا نقص أحد من الأوتاد الأربعة وضع بدله من الأربعين، و اذا نقص احد من الأربعين وضع بدله من السبعين، و اذا نقص أحد من السبعين وضع بدله من الثلاثمائة و ستين، و اذا


نقص أحد من الثلاثمائة و الستين وضع بدله من ساير الناس، و الله أعلم بالصواب، انتهي.

و قال بعض العرفاء: ان لله رجالا هم رجال الاسماء و هم تسعة و تسعون رجلا، و رجل جامع يقال له الغوث و الفرد، القطب الجامع لا يعرفه احد من هذه التسعة و التسعين مع استمدادهم جميعا منه.

و قال بعض علماء علم الحروف: أن من كان من هؤلاء في رجال الحروف النورانية كان الغالب عليه الظهور الظهور و ارتفاع الصيت، و من كان في رجال الحروف الظلمانية كان الغالب عليه الخفاء و خمول الذكر، هذا القطب هو الذي يسمي عند الحكماء، مدبر العالم و انسان المدينة و هو المسمي بفار قليط في قول عيسي (عليه السلام):

«نحن نأتيكم بالتنزيل، و اما التأويل فسيأتي به الفار قليط في آخر الزمان».

و قال الشيخ كمال الدين القاشاني في تأويلاته:

«القرآن لا يقرؤه بالحق و الحقيقة الا المهدي، فان قوله (صلي الله عليه و آله): ان الزمان دار الي أن وصل الي النقطة التي بدء منها» مطابق لان خاتم الاولياء هو المهدي، لأنه في الحقيقة هو الخاتم للولاية و النبوة و الرسالة و الآفاق و الانفس و القرآن و الشرع و الاسلام و الدين، لأن الكل موقوف عليه قائم به بامر الله، لأنه القطب، و الوجود لا يقوم الا بالقطب، و لا يبقي الا به كالرحي، فانه لا يبقي نفعه و لا يدور الا بالقطب» انتهي.

أقول: روي الشيخ في الغيبة بسنده عن جابر الجعفي، قال: قال ابوجعفر (عليه السلام): يبايع القائم بين الركن و المقام ثلاثمائة و نيف عدة أهل بدر، و فيهم النجباء من أهل مصر و الأبدال من أهل الشام، و الأخيار من أهل العراق، فيقيم ما شاءالله أن يقيم.

و روي المسعودي في كتاب اثبات الوصية: أن الله عزوجل انتصر و ينتصر لدينه منذ اول الدهر الي آخر اصحاب بألف رجل، فسئل عن تفصيلهم، فقال (ع): ثلاثمائة و ثلائة عشر أصحاب طالوت و ثلاثمائة و ثلاثة عشر اصحاب يوم بدر مع النبي و ثلاثمائة و ثلاثة عشر اصحاب القائم، بقي أحد و ستون رجلا الذين قتلوا مع الحسين في يوم الطف.

هذا آخر ما أردنا ايراده في الأربعين الحسينية، و لعل الله تعالي يوفقنا لتأليف رسالة موجزة في دفع شبهات الملحدين و اقامة الحجج و البراهين و نتعرض لكثرة من شاهد القائم من أهل اليقين، تواتر اخبار الأئمة الطاهرين بغيبته و ظهوره و انتشار علماء الشيعة و فقهائنا الاماميين في عصر سيدنا أبي محمد العسكري في العراق و اليمن و ديلم و طبرستان و اهواز و خراسان و قم و كاشان و غيرها من البلدان و وفور تصنيفاتهم و تأليفاتهم و شدة ورعهم و تحقيقاتهم بما


لا يبغي معه مجال للمرتابين، و حاشاهم ثم حاشاهم عن التواطؤ علي امر الا بعد اقامة البراهن و سطوع الحق من الأفق المبين.



و ليس يصح في الافهام شيئي

اذا احتاج النهار الي دليل



و ناهيك في هذا الباب مراجعة كتب المورخين و فهارس المصنفين في احوال العلماء و الرواة و ضبط الاثبات و الثقات، و لنختم الكلام بنقل توقيع شريف وجد بخط سيدنا أبي محمد العسكري (ع) علي ما شهد به أرقام جماعة من العلماء العظام منهم المحقق الدواني و الحكيم العليم محمد الخفري و هو هذا:

«قد صعدنا ذري الحقايق بأقدام النبوة و الولاية، و نورنا سبع طرائق بأعلام الفتوة و الهداية، فنحن ليوث الوغي و غيوث الندي، و فينا السيف و القلم في العاجل و لواء الحمد في الآجل، و اسباطنا خلفاء الدين و حلفاء اليقين، مصابيح الأمم و مفاتيح الكرم، فالكليم البس حلة الاصطفاء خلفاء الدين و حلفاء اليقين، مصابيح الأمم و مفاتيح الكرم، فالكليم البس حلة الاصطفاء لما عهدنا منه الوفاء، و روح القدس في جنان الصاغورة ذاق من حدائقنا الباكورة و شيعتنا الفئة الناجية و الفراقة الزاكية صاروا لنا درءا وصونا، و علي الظلمة البا و عونا، و سيسفر لهم ينابيع الحيوان بعد لظي النيران لتمام «الم» «طه» و «الطواسين» من السنين. و هذا الكتاب درة من درر الرحمة و قطرة من بحر الحكمة و كتبه الحسن بن علي العسكري في سنة اربع و خمسين و مأتين». [2] .

و مما ينبغي المواظبة عليه في الغيبة الكبري انتظار الفرج و الالحاح في الدعاء، سيما الدعاء الذي علمه الصادق عبدالله بن سنان المعروف بدعاء الحريق و هو:

«يا الله يا رحمان يا رحيم يا مقلب القلوب ثبت قلبي علي دينك».

و المداومة في القنوت بما رواه الحسن بن أبي عقيل عن اميرالمؤمنين (ع) و قال: بلغني ان الصادق (ع) كان يأمر شيعته ان يقنتوا به بعد كلمات الفرج و هو هذا:

«اللهم اليك شخصت الأبصار و نقلت الأقدام و أنت دعيت بالألس و اليك سرهم و نجواهم في الأعمال، ربنا افتح بيننا و بين قومنا بالحق و أنت خير الفاتحين. اللهم انا نشكو اليك غيبة نبينا و قلة عددنا و تظاهر الأعداء علينا و وقوع الفتن بنا، ففرج اللهم ذلك بعدل تظهره و امام حق نعرفه اله الحق آمين يا رب العالمين».

و لنختم الكلام حامدا لله مصليا.

و فرغ من تحريره و تأليفه بيمناه الجانية العبد المترقب لشفاعة أهل البيت (عليهم السلام)


و المرتجي لأن يعد في خدام علومهم و حفاظ احكامهم العاصي المحتاج و أقل الحاج ميرزا محمد القمي- عفي الله عن جرائمه و خطاياه و حشره مع من كان يتولاه - في بلدة المؤمنين قم، عشية الجمعة العشرين منه شعبان سنة الف و ثلاثمائة و ثمان و عشرين.

و الحمدلله رب العالمين و صلي الله علي سيدنا و نبينا محمد و خلفائه الطاهرين.

تم تنميق هذا الكتاب في يوم الخميس الثالث من شهر محرم الحرام سنة 1329 علي يد أقل السادات علما و عملا و اكثرهم خطأ و زللا العبد الاثم ابن المستغرق في رحمة الله محمد كاظم اسدالله الموسوي الخوانساري في دار الايمان قم - صانها الله عن التصادم -.


پاورقي

[1] ابن العربي: الفتوحات المکية، ج 2، ص 49، چاپ دار صادر، بيروت.

[2] بحارالأنوار، ج 52، ص 121.