بازگشت

فائدة


قد استفيد من الكتاب العزيز مذمته الشعر و الشعراء انشاءا و انشاء. قال عزمن قائل: «ما علمناه الشعر و ما ينبغي له» و قال: «و الشعراء يتبعهم الغاوون»، «و ما هو بقول شاعر» و قد ورد النهي عن انشاده للصائم و للمحرم و في الحرم و في يوم الجمعة، و ان يروي بالليل و ان كان شعر حق فضلا عن باطله، فقد روي النبي (ص): «من تمثل بيت شعر من الخنا لم يقبل منه صلاة ذلك اليوم»، و كذا في الليل. و روي الكشي عن محمد بن مروان قال: كنت قاعدا عند أبي عبدالله أنا و معروف بن خربوذ، فكان ينشد في الشعر و أنشده و يسألني و أساله، فقال ابو عبدالله (ع): ان رسول الله (ص) قال: «لأن يمتلي جوف الرجل قيحا خير له من أن يمتلي شعرا».

فقال معروف: انما يعني بذلك الذي يقول الشعر؟ فقال: ويحك (او ويلك قد قال ذلك رسول الله. و روي أن من الالفاظ الموجزة التي حفظ من رسول الله (ص) و لم يسبق اليه الشعر من ابليس: «ان من الشعر لحكما، و ان من البيان لسحرا [1] ». و روي النهي عن انشاد مطلق الشعر و ان كان فيهم عليهم السلام، رواه اسماعيل عن أبيه الصادق (ع)، نعم قد استثني المراثي لهم. روي خلف بن حماد، قال: قلت للرضا (ع) ان أصحابنا يروون عن آبائك أن الشعر ليلة الجمعة و في شهر رمضان و في الليل مكروه، و قد هممت أن أرثي أباالحسن (ع) و هذا شهر رمضان، فقال: ارث أباالحسن في ليلة الجمعة و في شهر رمضان و في الليل و في ساير الأيام فان الله يكافيك علي ذلك. و كان النبي (ص) يتنزه عن انشاد الشعر، حتي أنه قرء قول لبيد: «كفي الشيب و الاسلام للمرء ناهيا: «كفي الاسلام و الشيب...». و ورد النهي عن الاكثار منه، لما فيه من أنس النفوس بالأمور الخيالية و المعاني الموهومة، و هو يخرجها عن الاستقامة التي هي حقيقة الاسلام، و لا يخلو عن مفاسد أخري، كالملق و تمزيق الاعراض و الفخر و الثناء علي النفس و تزكيتها و مدح من لا يستحق المدح. و فسر «الشعراء» بالعلماء السوء الذين تفقهوا


لغير الدين مستشهدا بقوله «يتبهم الغاوون». و قال (ع) فهل رأيت أحدا يتبع الشعراء؟» و رواه في معاني الأخبار و غيره. و يمكن أن يحمل ماورد من ذمه علي ما كان من قبيل المغازلة و التشبيب و غير هما من الأمور الباعثة علي تحريك القوة الشهوية و تقوية الخيالات السوداوية التي تسمي عشقا، و اما الكلام المنظوم المشتمل علي الحكم و المواعظ و الزواجر بأوفي بيان و خطاب، أو نظم معاني الأحاديث فغير مراد قطعا، كما نبه عليه بعض الفقهاء، و يدل عليه ما ورد من انشاد الأئمة (عليهم السلام) اشعارا من هذا القبيل، و ورد في «العيون» أن المأمون قال لأبي الحسن الرضا (ع): «هل رويت من الشعر شيئا؟» قال: قد رويت منه الكثير، ثم أنشد اشعارا في الحلم و السكوت عن الجاهل و ترك عتاب الصديق و كتمان السر مما كان يقوله و يمثل به. و روي الكشي عن الصادق: علموا أولادكم شعر العبدي فانه علي دين الله [2] . و اشعار الصادق في وصف النساء معروفة رواها الصدوق في معاني الاخبار. و يمكن أن يقال: ينقسم الشعر بانقسام الأحكام الخمسة، فالواجب منه ما توقف عليه ردع أهل البدع و الأهواء الباطلة و المذاهب المخترعة الفاسدة و تنبيه الناس علي ضلالتهم و ردعهم عن معاشرتهم، فان الشعر ربما يؤثر في ذلك أثرا بينا لا يوجد في غيره من النشر و يحفظ في الصدور و يبقي علي مر الدهور، و لعل من هذا القبيل ما قاله النبي (ص) لكعب بن مالك عن الكفار: أهجهم فوالذي نفسي بيده هو اشد عليهم من النبل، و قال لحسان بن ثابت: اهجهم او هاجهم، و روح القدس معك، رواه بخاري و مسلم. و الحرام منه التشبيب بامرأة معينة أو غلام معين، و التفصيل يطلب من كتب الفقيه، و كذا هجاء المؤمن المحترم. و المندوب مدايح النبي و الأئمة و مراثبهم سيما مراثي سيدنا الحسين، فقد ورد: «لكل بيت بيت» [3] ، و الأخبار فيه مستفيضة بل متواترة، و المكروه منه التعزل و التعشق و المدح و الملق و نظم الأمور الخيالية، و عليه ينزل الذم المطلق و المباح ما عداه.



پاورقي

[1] روايت نبوي: برخي از اشعار، حکمت و بعضي از کلمات سحرآميز است.

[2] رجال کشي، ح 2، ص 704، چاپ مؤسسه‏ي آل البيت قم.

[3] ثواب هر بيت شعر خانه‏اي در بهشت است.