بازگشت

استطراد كلام و تتميم مرام


لا ريب في وقوع الشرور العامة و الخاصة في العالم الكوني، مثل طوفان نوح و غرق بني اسرائيل و وقعة نصر و قتال المختار و قتل العام من التركية في زمن چنگيز و امثالها من القحط


و الغلاء العالمين و الطاعون العام، و لا ريب انها مقضية داخلة تحت الارادة الازلية صلاحا لحال الكائنات، و لا شبهة لأولي البصائر و العقول السليمة في ان نظام العالم علي أشرف النظامات الممكنة و اتمها بحيث لا يتصور فوقه نظام آخر، اذ لو تصور نظام أكمل منه و أهمله الباري تعالي لزم توال فاسدة: اما الجهل او العجز عن الاتيان به او البخل، تعالي عن ذلك كله علوا كبيرا. و هذه كله مما لا ريب فيه، انما الاشكال الصعب الذي هو مزلة الاقدام تعيين المبدء لهذه الحوادث الشرية، فان انتهت الشرور الي جوهري نطقي سمي في عرف الشرع بالشيطان، فيقال: من أين جاء شرارة ابليس؟ فاما أن يقال لكل شيطان شيطان، و يتسلسل الي غير النهاية و هو باطل، او يقال ينتهي الي شيطان غير مخلوق و يلزم وجود مبتدئين: احدهما للخيرات و الثاني للشرور، و هو مذهب المجوس و الثنوية القائلين بيزدان و اهرمن، او يقال بانتهاء الشرور الي جهة شرية في الباري - تعالي عن ذلك - فانه بسيط الحقيقة احدي الذات نور لا ظلمة فيه. و الفلاسفة تخلصوا عن هذه الشبهة بتقسيم الموجودات الي اقسام خمسة: خير محض و شر محض و ما خيره غالب و ما شره غالب و ما يتساوي طرفاه، و قالوا: ان الموجود من الخمسة اثنان، و هما الخير المحض و الخير الغالب، و اما الثلاثة الباقية فغير موجود. و حاصل ما ذكره في بيانه علي اصولهم أن الشر امر عدمي لا ذات له، لأنه اما عدم الذات او عدم كمال الذات او الوجود خير محض، فكلما وجد فهو خير، و ان كان يستلزم اعداما يسمي في نظر العرف الجمهوري بالشر، فما يوجد اما خير محض لا شرية فيه اصلا كعالم الأمر، و اما خير غالب و ان كان يلحقه شرور و آفات كعالم الخلق السفلي، و تركه لا جل لواحقه قبيح، لأن ترك الخيرات الكثيرة لأجل الشر القليل شر كثير، فاذا تعارضت جهت الخيرية و الشرية فلابد لملاحظة ما هو صلاح النظام الكلي و اهمال الجهة الشرية القليلة الجزئية، كمن قطع عضوا لصلاح ساير الجسد بما يقع في هذا العالم، فهو لاقامة النظام الكلي و ان كان يترتب عليه بعض الشرور. و حاصل هذا الجواب أن العناية الربانية و الحكمة الأزلية لما تعلقت بخلق العالم السفلي المادي اوجبت ايجاد الاشياء مترتبة من العلل و المعلولات و الاسباب و المسببات، و هي بحسب المرتبة لا تنفك عن لحوق بعض النقصانات و الآفات بحسب ما أحاط به العلم الأزلي، و ان كان يتضر به بعض الموجودات الجزئية، و لا يمكن اهمال تلك البركات من جهة رعاية الجزئيات؛ مثال ذلك خلقة النار و الماء و فوائدهما لنوع الحيوان و الانسان، و ان كان يترتب عليها احراق ثوب مسكين او احتراق بدنه أو غرق بعض الاطفال فيه، و اليه اشار من قال:




هر آن ملك كه موكل بود به خانه ي باد

چه غم خورد كه بميرد چراغ پيرزني [1]



فاذا اوجبت شقاوة النفوس في عصر من الأعصار نزول عذاب الهي و اقتضاه الاسم العزيز و المنتقم فهو لا ينفك عن ابتلاء صبيانهم و من لا ذنب له. فلو روعي جهة هذه الطبقة لأوجب اهمال تأديب الطغاة و المردة و هو مما لا يجوز في حكمة الله تعالي، فاذا افعال الباري ناظرة الي النفع العام الكلي، و مع ذلك فلا محالة لتلك النفوس استعدادت بما يليق بهم ذلك العذاب، اما لخبث طينتهم او لوجود مفاسد في بقائهم، كما أشير اليه في قوله تعالي: «انك ان تذرهم يضلوا عبادك و لا يلدوا الا فاجرا كفارا». [2] .

و قد اشير في احاديث أهل بيت النبوة الحاملين لأسرار الله الي بعض ما قررناه: فمنها ما رواه الصدوق في العلل و العيون عن الرضا (ع): حين سأله ابوالصلت عن غرق قوم نوح، و فيهم الأطفال و من لا ذنب له، فقال: ما كان فيهم الأطفال، لأن الله أعقم الأصلاب اربعين عاما، فغرقوا و لا طفل فيهم، و ما كان الله ليهلك بعذابه من لا ذنب له، فغرق قوم بتكذيبهم له و الباقون برضاهم بتكذيب المكذبين، و من غاب عن امر فرضي به كان كمن شهده.

و في روايات العامة و الخاصة أن نبي الله عزيز مر علي قرية عذب أهلها، فقال: يا رب اني نظرت في جميع امورك و احكامها، فعرفت عدلك بعقلي، و بقي باب لم أعرفه، انك تسخط علي أهل البلية فتعمهم بعذابك و فيهم الأطفال، فخرج الي البرية و كان الحر شديدا، فاستظل بشجرة و نام، فجاءت نملة و قرصته، فذلك الارض برجله و قتل نملا كثيرا، فأوحي الله اليه هلا نملة واحدة؟فعرف أن ذلك مثل ضرب له، و قيل له: يا عزيز، ان القوم اذا استخفوا عذابي قدرت نزوله عند انقضاء آجال الاطفال فماتوا اولئك بآجالهم و هلك هؤلاء بعذابي [3] .

و في رواية أخري سئل الصادق (ع) عن الطاعون، فقال: عذاب لقوم و رحمة لآخرين، واسعة رحمته لما يشاء، أما ترون أنه جعل الشمس ضياء لعبادة و منضجا لثمارهم، و قد يعذب بها قوم يبتليهم بحرها. [4] انتهي.



پاورقي

[1] شعر از سعدي است و اصل آن چنين است:



فرشته‏اي که وکيل است بر خزائن باد

چه غم خورد که بميرد چراغ پيرزني.

[2] نوح، 27.

[3] و مانند آن: مجلسي: بحارالأنوار، ج 6، ص 124.

[4] همان، ص 123 ، 121.