بازگشت

تنبيه


ودائع النبوة و ذخائر الامة محفوظة عند أهله و لم تنهب شيي ء منها في الطف، و ما جاء بها الحسين (ع) الي كربلا، بل أودعها في المدينة عند أم سلمة، لعلمه (ع) بما روي في الكافي بسنده عن الصادق (ع) قال: ان الحسين (ع) لما صار الي العراق استودع ام سلمة - رضي الله عنها - الكتب و الوصية، فلما رجع علي بن الحسين دفعتها اليه. و فيه أيضا عن الباقر (ع) قال: ان الحسين لما حضره الذي حضره، دعا ابنته الكبري فاطمة بنت الحين فدفع اليها كتابا ملفوفا و وصية ظاهرة، و كان علي بن الحسين مبطونا فدفعت الكتاب بعد ذلك الي علي بن الحسين (ع).

و بمعنا هما روايت في كتاب «البصائر» و غيره نقلها العلامة المجلسي (ره) في المامة البحار في باب ما عند هم من سلاح رسول الله (ص). و في كتاب «اثبات الوصية» للمسعودي (ره) في آخر الكتاب: أن الحين أوصي الي اخته زينب بنت علي في الظاهر، فكان ما يخرج من علي بن الحسين ينسب الي زينب، سترا علي علي بن الحسين و تقية و اتقاء عليه. و الي بعض ما ذكرنا أشار السيد في اللهوف.

قوله (ع): «و لم ترع لرسول الله حرمته» يعني أنهم لو كانوا يحبون نبيهم لراعوا ذريته، و لو كرم عليهم رسول الله لكرم عليهم من كان كريما عليه، و لقد ذبحوا من كان أكرم عليه من كريمته، و كثير عزة أصدق منهم، حيث قال:



لقد علمت بالغيب أني أخوتها

اذا هو لم يكرم علي كريمها



و قال الصادق (ع): عجبا لبعرب، كيف لا تحملنا علي رؤسهم و الله يقول: «و كنتم علي شفا حفرة من النار فأنقذكم منها...» الخبر.

و أقول: و لقد عمل المنافق عمر بن سعد بتمني مولينا الصادق (ع) حيث نصب رأس الحسين (ع) علي رمح طويل فوق رأسه يوم ورود الكوفة.

قوله (ع): «ان يوم الحسين...» يدل علي أن مصاب الحسين لا يندرس علي كرور الليالي و مرور الأيام، و لا يطفي حزنهم عليه بتكاثر السنين و الاعوام، و أنهم كانوا يجددون المآتم في كل المحارم، و يتكففون فيها عن لذائذ الشمارب و المطاعم، و يحبون لمحبيهم تذكار تلك الملاحم، و لهذا اتسي بهم شعتهم في كل البلاد سيما بلاد الأعاجم، بل دل بعض النصوص علي أن نفوسهم المقدسة متفجعة علي هذا المظلوم في كل العوالم، و ان هذا الحزن سار في جميع الموجودات حتي أهل النار و الجنات و الموحوش في الخلوات و الاراضي و الاراضي و البلاد، و لعل يوفقني لشرح هذه الجملة في الأحاديث الآتية ان شاء الله.


روي الشيخ الثقة «ابن قولويه» في كتاب «كامل الزيارة» عن أبي بصير، قال: كنت عند أبي عبدالله (ع) أحدثه، فدخل عليه ابنه، فقال: مرحبا و ضمه اليه و قبله و قال: حفر الله من حقركم، و انتقم ممن و تركم، و خذل من خذلكم، و لعن الله من قتلكم، و كان الله لكم وليا و حافظا و ناصرا، فقد طال بكاء النساء و بكاء الأنبياء و الصديقين و الشهداء و ملائكة السماء، ثم بكي و قال: يا أبابصير، اذا نظرت الي ولد الحسين أتاني بما لا أملك بما أوتي الي أبيهم و اليهم. يا أبابصير، ان فاطمة لتبكيه و تشهق، فتزفر جهنم زفرة لولا أن الخزنة يمسمعون بكائها و قد استعدوا لذالك مخافة أن يخرج منها عنق أو يشرد دخانها فتحرق أهل الأرض فيكبحونها مادامت باكية و يزجرونها و يوثقون من ابوابها مخافة علي أهل الارض، فلا تسكن حتي يسكن صوت فاطمة، و ان البحار تكاد أن تنفتق فيدخل بعضها علي بعض مخافة عيل الدنيا و من فيها و من علي الأرض فلا يزال الملائكة مشفقين، يبكون لبكائها و يدعون الله و يتضرعون اليه، و يتضرع أهل العرض و من حوله، و ترتفع أصوات الملائكة بالتقديس لله سبحانه مخافة علي أهل الارض، و لو أن صوتا من اصواتهم يصل الي الارض لصعمق أهل الأرض و تقلعت الجبال و زلزلت الارض بأهلها، قلت: جعلت فداك أن هذا الأمر عظيم! قال: غيره أعظم منه مالم تسمعه! ثم قال: يا أبابصير، أتحب أن تكون ممن يسعد فاطمة؟ فبكيت حين قالها... [1] الخبر، و نعم ما قيل:



در بارگاه قدس كه جاي ملال نيست

سرهاي قدسيان همه بر زانوي غم است




پاورقي

[1] کامل الزيارات، ص 83 - 82، طبع المطبعة المر تصوية، النجف الاشرف، 1356 ه ق.