بازگشت

من يقيل عثره الامه المنكوبه؟


وهكذا انقضت هذه الجوله ونال كل طرف ما يستحقه، نال الحسين وآل بيته الشهاده التي ارادوها واستحقوها، فيما نال بنو اميه ومن والاهم اللعنه الدائمه، والخسران المبين.

اما هذه الامه المنكوبه فلا نجد من يصف حالها ومالها الا هذه الروايه التي يذكرها الطبري في (تاريخ الامم والملوك) فيقول ما نصه: (لما وضع راس الحسين (ع) بين يدي ابن زياد اخذ ينكت بين ثنيتيه ساعه، فلما رآه زيد بن ارقم لا ينجم عن نكته بالقضيب قال له: اعل بهذا القضيب عن هاتين الثنيتين فوالذي لا اله غيره لقد رايت شفتي رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم علي هاتين الشفتين يقبلهما. ثم انفضخ الشيخ يبكي، فقال له ابن زياد:ابكي اللّه عينيك، فواللّه لولا انك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك. قال: فنهض فخرج. فلما خرج سمعت الناس يقولون: واللّه لقد قال زيد بن ارقم قولا لو سمعه ابن زياد لقتله، فقلت: ما قال؟ قالوا: مر بنا وهو يقول: ملك عبد عبدا، فاتخذهم تلدا. انتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم قتلتم ابن فاطمه وامرتم ابن مرجانه، فهو يقتل خياركم ويستعبد شراركم فرضيتم بالذل فبعدا لمن رضي بالذل) [1] .

اي واللّه، ايها الشيخ، انها لشهاده حق ولكن بعد فوات الاوان، ولكنها تحكي الواقع الذي احتار الناس في تفسيره، لماذا وكيف صرنا لما نحن عليه الان عبيد في ديارنا لا نملك من الظالمين دفعا ولا نفعا، هذا يحكي لنا عن الحريه في اوروبا! وذاك يحكي لنا عن طبيعه هذا الشعب او ذاك الذي يحب العبوديه ولم يحاول احد ان يصل الي الحقيقه.

ان ما جري علينا هو استجابه لدعوه دعاها ابو عبداللّه علي من قتله او رضي بذلك او سمع فلم ينكر. فها هو ابو عبداللّه الحسين يدعو عليهم وقد اثخنته الجراح: (اللهم امسك عنهم قطر السماء، وامنعهم بركات الارض، اللهم فان متعتهم الي حين ففرقهم فرقا واجعلهم طرائق قددا ولا ترض عنهم الولاه ابدا فانهم دعونا لينصرونا فعدوا علينا فقتلونا) [2] .

ثم هو قبل قتله مباشره: (سمعته يقول قبل ان يقتل وهو يقاتل علي رجليه قتال الفارس الشجاع يتقي الرميه ويفترض العوره ويشد علي الخيل وهو يقول: اعلي قتلي تحاثون؟، اما واللّه لا تقتلون بعدي عبدا من عباد اللّه، اللّه اسخط عليكم لقتله مني وايم اللّه اني لارجو ان يكرمني اللّه بهوانكم ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون، اما واللّه ان لو قد قتلتموني لقد القي اللّه باسكم بينكم وسفك دماءكم ثم لا يرضي لكم حتي يضاعف لكم العذاب الاليم).

وهكذا ضاعت الفرصه تلو الفرصه من هذه الامه دون ان تستفيد منها وكان امر اللّه قدرا مقدورا.

والفرص لا تمنح للامم مائه مره، ولا عشرين مره، ولا عشر مرات، ان الفرص التاريخيه لاصلاح الاحوال والسير علي نهج مستقيم لا تاتي الا قليلا. وهكذا ضاعت من هذه الامه فرصه السير علي نهج نبيها ثلاث مرات، فرصه الامام علي، ثم فرصه الامام الحسن، ثم كانت فرصه الامام الحسين هي القاصمه التي ما بعدها قاصمه، وكان لا بد من انتظار طويل. واسدل ستار الليل في سماء هذه الامه وهو ليل لن يجلوه الا ظهور قائم اهل البيت (ع)، الامام الثاني عشر محمد المهدي المنتظر (عجل اللّه تعالي فرجه الشريف).

وهكذا قدر لنا ان ننتظر ذلك الانتظار الطويل وان نعيش ذلك الصراع المرير بين قوي الحق والباطل داخل هذه الامه، وان نري كل هذه المصاعب والويلات من سفك دماء وطاقات تهدر في صراعات داخليه ورووس تطير وسجون تملا وغزوات خارجيه تتريه وصليبيه واخيرا صهيونيه وقبلها اوروبيه وحكومات من كافه الانواع والاشكال مملوكيه وعباسيه وامويه وعثمانيه، وهل هناك اسوا من ان يحكم المماليك العبيد امه وهم لا يملكون حق التصرف في ذواتهم، كل هذه الحكومات اكثرت من الظلم، وقللت من العدل وادعي الجميع انهم يطبقون الاسلام، والكل يقتل بالظنه، والكل يستبيح الخمور، وانتهاك الاعراض واخيرا جاءت الينا الحكومات العلمانيه والقوميه والاشتراكيه والملكيه والشيوعيه، جربوا فينا كل شي ء الا العدل، ذلك الممنوع علينا من يوم ان جاء بنو اميه.

وهكذا قدر لنا ان نعيش الصراع والانتظار..


پاورقي

[1] الطبري: تاريخ الامم والملوک، 4/349 احداث سنه (61ه).

[2] المصدر نفسه، 4/344-345.