بازگشت

نماذج اناس باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم


وقبل ان نصل الي بلاغات الحسين، في يوم المقتل، نستعرض نموذجا من نماذج (الابناء) الذين باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم، انه عمر بن سعد بن ابي وقاص، فقد كان الرجل يبحث عن دور في خدمه بني اميه، فارسله ابن زياد الي بلاد فارس واعطاه عهدا علي الري، ثم استدعاه وامره بالسير الي الحسين (ع) وقال له:

(سر الي الحسين فاذا فرغنا مما بيننا وبينه سرت الي عملك.

فقال له عمر بن سعد: ان رايت ان تعفيني فافعل. قال: نعم علي ان ترد لنا عهدنا. فاستمهله ابن سعد حتي ينظر ثم عاد اليه مجيبا ومنفذا امر سيده ابن زياد) [1] ولنا هنا وقفه، الرجل يريد الاماره ولا يطيق الصبر عنها ولا مانع لديه من ارتكاب اي جرم ليجلس بضعه ايام علي الكرسي، وبنو اميه ائمه الضلال هم والشيطان سواء، يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا، يسوقون الناس من رغباتهم وشهواتهم ومكامن ضعفهم. فلما سار بجيشه لملاقاه الحسين دعاه الحسين لملاقاته وناجاه طويلا وقال له الحسين (ع): (ويل لك يا ابن سعد، اتقاتلني وانا ابن من علمت. ذر القوم، وكن معي فانه اقرب الي اللّه تعالي.

فقال ابن سعد: اخاف ان يهدم داري. فقال الحسين (ع): انا ابنيها لك. فقال: اخاف ان توخذ ضيعتي. فقال (ع): انا اخلف عليك خيرا منها من مالي بالحجاز. ثم قال: لي عيال وسكت.

فانصرف عنه الحسين (ع) وهو يقول: مالك ذبحك اللّه علي فراشك عاجلا ولا غفر لك يوم حشرك، فواللّه اني لارجو ان لا تاكل من بر العراق الا يسيرا. فقال ابن سعد: في الشعير كفايه عن البر) [2] اي خزي هذا واي عار تحس به الارض وهولاء الاوغاد يسيرون عليها، يخرج لقتل ابن بنت رسول اللّه لانه يخشي علي ضيعته ويخشي ان يضيع ماله، اما عن دينه فلا يسال، ثم يزعم بعض الباحثين ان هذا القاتل الماجور من خير القرون، وهل رضي عنه ابن زياد وسيده يزيد؟، لا واللّه، لقد احسوا منه شيئا من التردد في الاقدام علي قتل الحسين وذهب الوشاه الي سيده ابن زياد فارسل اليه: (اما بعد، فاني لم ابعثك الي حسين لتكف عنه ولا لتطاوله ولا لتمنيه السلامه والبقاء، ولا لتقعد له عندي شافعا، انظر فان نزل حسين واصحابه علي الحكم واستسلموا فابعث بهم الي سلما، وان ابوا فازحف اليهم حتي تقتلهم وتمثل بهم فانهم لذلك مستحقون، فان قتل حسين فاوط ي ء الخيل صدره وظهره فانه عاق مشاق قاطع ظلوم وليس دهري في هذا ان يضر بعد الموت شيئا، ولكن علي قول لو قد قتلته فعلت هذا به، ان انت رضيت لامرنا جزيناك جزاء السامع المطيع، وان ابيت فاعتزل عملنا وجندنا وخل بين شمر بن ذي جوشن وبين العسكر فانا قد امرناه بامرنا، والسلام).

هذه هي شريعه بني اميه وهي شريعه فرعون نفسها وشريعه كل طاغيه، ان ابن زياد، والي يزيد يحاصر الحسين بن علي، وابن بنت رسول اللّه، ويخيره بين الاستسلام التام والذل الزوام او القتل علي هذه الطريقه الهمجيه، ثم يقول بعض المورخين ان هولاء كانوا يحكمون بالشريعه الاسلاميه، رجل لم يسل سيفا ليقتل مسلما او كافرا، رجل كل ذنبه انه يامر بالمعروف وينهي عن المنكر يكون هذا مصيره، اي خزي وعار تحمله الارض اذا حملت هولاء الاوغاد علي ظهرها، وهذا عمر بن سعد لم يتجاوز، كما يري بعضهم، وان له اجرا واحدا، لانه مجتهد في قتله لابن بنت رسول اللّه (ان لعنه اللّه علي الظالمين الذين يصدون عن سبيل اللّه ويبغونها عوجا وهم بالاخره كافرون)«الاعراف/44-45».

هذا هو صنيع بني اميه مع خير هذه الامه، اما وابا، فكيف صنيعهم مع بقيه الامه؟!!، انها سياسه الاستعباد والعبوديه التي ورثناها منهم الي يومنا هذا. لم تكن قضيه فرديه ولا شخصيه كما يحاول انصار الحزب الاموي تسويغ مقتل الحسين (ع) او تسويغ استمرارهم في السلطه بالمعطيات نفسها والاساليب عينها، يشيرون علي خط ي آبائهم واجدادهم، مثل: معاويه، ويزيد، وزياد، وابن زياد، وعمر بن سعد، وشمر بن ذي الجوشن.


پاورقي

[1] تاريخ الامم والملوک للطبري‏4/309.

[2] المصدر نفسه،4/309.