بازگشت

محاولات اخفاء الحقيقه ابن كثير يناقض نفسه


كلمات واضحه يفهمها من يقراها، تستعصي علي التزوير، لكن يد الغش والخيانه اخفت كل شي ء وزورت كل شي ء، ونشات اجيال واجيال لا تعرف من ذكري الحسين الا انه ابن بنت رسول اللّه (ص)، وانه خرج يطلب الملك والاماره فخذله المسلمون الشيعه، وقتله بنو اميه وهم اصحاب الدوله الشرعيه، واما الشيعه فهم يضربون انفسهم ويسيلون دماءهم لانهم قتلوه، قليل اولئك الذين يعرفون الحقيقه بتفصيلاتها حتي ابن كثير يكتب فصلا، في البدايه والنهايه، بعنوان (صفه مقتل الحسين بن علي رضي اللّه عنه ماخوذه من كلام ائمه هذا الشان لا كما يزعمه اهل التشيع من الكذب الصريح والبهتان).

ولا يلام ابن كثير الدمشقي علي حب قومه من بني اميه، ولا علي سبابه للمسلمين الشيعه واتهامه لهم بالكذب الصريح والبهتان. ولكن العجب كل العجب انه لم يخالف حرفا واحدا مما رواه ائمه التشيع في كتبهم عن مقتل الحسين (ع)، ويكذب عده روايات وردت في هذا الشان ليست محوريه ولا اساسيه في القضيه وهو يتناقض مع نفسه فيقول: (ولقد بالغ الشيعه في يوم عاشوراء فوضعوا احاديث كثيره كذبا وفحشا من كون الشمس كسفت يومئذ حتي بدت النجوم..) [1] .

ثم يقول ناقضا ما ذهب اليه: (واما ما روي من الاحاديث والفتن التي اصابت من قتله فاكثرها صحيح!!! فانه قل من نجا من اولئك الذين قتلوه من آفه او عاهه في الدنيا فلم يخرج منها حتي اصيب بمرض واكثرهم اصابهم الجنون) [2] .

ثم يناقض نفسه، ويتخبط ويواصل الشتم والسب، ويقول:

(للشيعه والروافض في صفه مصرع الحسين كذب كثير واخبار باطله وفي ما ذكرناه كفايه، وفي بعض ما اوردناه نظر، ولولا ان ابن جرير وغيره من الحفاظ ذكرو ما سقته واكثره من روايه ابي مخنف لوط بن يحيي، وقد كان مسلما شيعيا وهو ضعيف الحديث عند الائمه، ولكنه اخباري حافظ عنده من هذه الاشياء ما ليس عند غيره. ثم يقول: (وقد اسرف الرافضه في دوله بني بويه فكانت الدبادب تضرب بغداد ونحوها من البلاد في يوم عاشوراء) الخ.

(وقد عاكس الرافضه والشيعه يوم عاشوراء النواصب من اهل الشام فكانوا يوم عاشوراء يطبخون ويغتسلون ويتطيبون ويلبسون افخر ثيابهم، ويتخذون ذلك اليوم عيدا يصنعون فيه انواع الاطعمه ويظهرون فيه السرور والفرح يريدون بذلك عناد الروافض ومعاكستهم) [3] .

اذا الشيخ ابن كثير يقر ويعترف ان اجهزه الدعايه الامويه قلبت الحقائق وحولت يوم الكارثه الي يوم عيد وسرور، وهو الذي ما زال متداولا الي يومنا هذا. ويمضي الرجل يكشف علي استحياء دخيله نفسه فيقول: (وقد تاول عليه من قتله انه جاء ليفرق كلمه المسلمين بعد اجتماعها وليخلع من بايعه من الناس واجتمعوا عليه فقد ورد في صحيح مسلم الحديث بالزجر عن ذلك والتحذير منه والتوعد عليه).

عفوا، ايها الشيخ، يبدو ان (خطا) الامام الحسين (ع) انه ولد واستشهد قبل مجي ء (مسلم) وكتابه، فلم يدر بالحديث المزعوم علي رسول اللّه، ولم يعلم ان الامه بعد قرنين ستعرف (صحيح مسلم) وتجهل (صحيح الحسين). عفوا، ايها الشيخ، فقد جهلت الامه (حديث الثقلين): (اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به بعدي لن تضلوا ابدا كتاب اللّه وعترتي اهل بيتي وانهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض)، وهو حديث رواه (مسلم) في صحيحه بعد الحسين بقرنين، لقد جهلت الامه هذا الحديث يوم كان عليها ان تذكره ثم روته بعد ذلك ولم تفهمه هذه الامه التي نسيت وتناست ما صح نصا وما جسده الامام الحسين، مارست الدين علي الطريقه الامويه ومن حاول المقاومه كان مصيره القتل كما اسلفنا من قبل.

ثم يمضي الشيخ في منطقه ويقول بعدما عدد القتلي ممن عدهم افضل من الحسين وابيه: (ولم يتخذ احد يوم موتهم ماتما يفعلون فيه ما يفعله هولاء الجهله من الرافضه يوم مصرع الحسين) [4] ثم يناقض نفسه كعادته: (واحسن ما يقال، عند ذكر هذه المصائب وامثالها، ما رواه علي بن الحسين، عن جده رسول اللّه، صلي اللّه عليه وسلم انه قال: ما من مسلم يصاب بمصيبه فيتذكرها وان تقادم عهدها فيحدث لها استرجاعا الا اعطاه اللّه من الاجر مثل يوم اصيب فيها).

اننا نستعرض كلمات ابن كثير لانها نموذج لحاله التناقض والارتباك التي وقع فيها الكثيرون ممن اذهلهم الحدث وعجزوا عن متابعته وقول كلمه الحق فيه، ومن اولئك الذين ارادوا استتباب الامر لبني اميه وظنوا ان قضيه آل البيت قد طويت وانتهت فلما اعلن الحسين ثورته وخط كلمه الحق بدمائه علي الارض، وفي السماء بل وفي الكون كله، لجاوا مره اخري الي الكتمان والتزييف لعل الناس ينسون، ولكن هيهات هيهات.

هكذا وصل الركب الي محط رحاله الاخير.. الي كربلاء، حيث اذن اللّه ان يستقر الجسد الطاهر لابي عبداللّه الحسين ويبقي شاهدا لكل القيم التي جاء بها محمد بن عبداللّه واورثها المصطفين من عباد اللّه من آل محمد اماما وراء امام، دينا قيما مله ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين. ويبقي ايضا هذا الجسد الطاهر شاهدا علي الذين (نقضوا غزلهم من بعد) قوه امكاثا واتبعوا سنن من قبلهم شبرا بشبر وذراعا بذراع، اراد اللّه ان يستقر الجسد الطاهر لابي عبداللّه الحسين (ع) في هذا المكان شاهدا علي فضيحه بني اميه ومن مهدوا لهم ومن ساروا علي دربهم من المزورين ومن الاخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحياه الدنيا، وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا ومكروا مكرا ومكر اللّه بهم مكرا وهم لا يشعرون، هم قد خططوا لقتل ابي عبداللّه الحسين في صمت كما قتل الحسن سلام اللّه عليه من دون ان يعرف التاريخ قاتله، وهذا ما اكد عليه ابو عبداللّه في حواراته المختلفه. وكان الحسين يعلم ان الاجل لا مفر منه، ولذا كان يتمثل بابيات الشاعر:

اذل الحياه وذل الممات وكلا اراه طعاما وبيلا فان كان لا بد من احداهما فسيري الي الموت سيرا جميلا لقد كان خروج الحسين (ع)، رفضا للاغتيال خلسه وصمتا، وسعيا الي القتل شاهدا شهيدا في واقعه لا بد من تسجيلها في القلوب.. حتي القلوب الميته تعجز عن مداراتها، ذلك الاموي البغيض الذي روي كل تفاصيل الواقعه كارها كان شاهدا رغم انفه، وحاول ان يتنصل وحاول ان يتمسح بتكذيب بعض تفاصيل لن تغير شيئا. كان الجميع شاهدا علي عظمه ابي عبداللّه الحسين وعلي عظمه اهل البيت سواء المحبون ام الكارهون، وهكذا تحقق للحسين (ع) ما اراد وخسر بنو اميه ومن مهدوا لهم ومن ساروا علي دربهم.. خسروا معركه الشرعيه بشكل نهائي، تلك الغلاله الرقيقه من التمسح بالدين زورا وبهتانا سقطت وتمزقت، كان معاويه يرفع شعار الثار للخليفه المظلوم وقد موه بذلك علي البسطاء، اما الان فان النظام الاموي اسفر عن وجهه الكئيب، وها هو يزيدهم يعريهم وينادي ائمه الكفر من آبائه (فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رووسهم الحميم)«الحج/19» عتبه بن ربيعه وشيبه بن ربيعه والوليد بن عتبه الذين ارسلوا الي النار بسيف الامام علي (ع) ليشهدوا ويقول:

ليت اشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الاسل وها هي واقعه رواها كل اصحاب التواريخ بلا استثناء حتي ابن كثير الاموي، لقد علم الحسين (ع) كل البشر درسا في الادراك الواعي للهدف والسعي الي تحقيقه مهما كانت التضحيات. وهكذا سقطت مره واحده والي الابد كل اقنعه الاسلام الكهنوتي، وتبلور الصراع بين الحق والباطل ليصبح بين الحسين ويزيد. اما اصحاب انصاف المواقف اشباه الرجال فقد سقطوا وادرك الجميع انهم في صف الاسلام الاموي، وهكذا يمتد الصراع حتي آخر الزمان ليصبح بين المهدي وارث اهل البيت والسفياني وارث النهج الاموي.


پاورقي

[1] المصدر نفسه‏4/731.

[2] المصدر نفسه‏4/731.

[3] المصدر نفسه‏4/732.

[4] المصدر نفسه‏4/732.