بازگشت

مفهوم الفتنه، والعجز عن الوقوف مع الحق


قال تعالي: (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني الا في الفتنه سقطوا) «التوبه/49».

جرت علي السنه بعض الباحثين، قديما وحديثا، مقوله ان هذه الاحداث، كانت فتنه لا يدري المرء فيها وجه الخطا من الصواب او الحق من الباطل، وكلمه (الفتنه)، هنا، بمعني انعدام القدره علي التمييز. وهذه الحاله، اي انعدام القدره علي التمييز، قد تكون نابعه من قدره الشخص نفسه وضميره ومعارفه، او من الظروف الملتبسه بالاحداث كان تكون احداثا ومعارك لا تعرف الهويه الحقيقيه لابطالها ولا تاريخهم الشخصي او تاريخهم العام، ولا يمكن معرفه تسلسل الوقائع التي قادت الي هذه اللحظه. واعتقد ان هذا الكلام لا ينطبق بحال علي هذه الكارثه الفاجعه، او علي مجموعه الكوارث التي حلت بامه محمد (ص)، فلا يبقي الا ان نقول ان عدم وضوح الرويه انما هو نابع من الحاله الشخصيه والنفسيه لبعض الاشخاص الذين عجزت نفوسهم وهممهم عن ملاحقه تيار الحق الصامد بقياده امير المومنين علي (ع)، فاختاروا موقفا يكون شعاره (ولا تفتني) وحقيقته كما قال سبحانه وتعالي: (الا في الفتنه سقطوا).

لم تكن الكارثه الفاجعه التي لحقت بالامه الاسلاميه، في هذه المرحله من بدايات تاريخها، هينه ولا سهله فقد كانت كارثه انشقاق اولا ثم كارثه ضلال واضلال ثانيا، وقد مارسها ائمه الفتنه والضلال من بني اميه، اضافه الي ان حادثه الانقسام لم تحدث في فراغ، وانما شقت معها جسد الامه الوليد الذي لم يكن قد بلغ بعد مرحله النضج، ولا هي جرت في هدوء وصمت، وانما صاحبها ضجيج وصخب ادي الي التشويش علي امام الحق علي (ع)، ما ادي الي حاله من الارتياب اصابت الجميع، وليس ادل علي هذا من ذلك الرجل التائه الذي راي الفريقين يصلون ويقروون قرآنا واحدا، فاصابته هزه شديده فذهب يسال الامام (ع)، فاحاله علي عمار، رضوان اللّه عليه، الذي اجابه اجابه العارف الخبير الذي لا يخدع. ولكن من اين للامه بمثل عمار او مالك الاشتر او ابو الهيثمي التيهان، هولاء الخلص من اصحاب محمد (ص)، الذين صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه وعملوا بوصيته الخالده: (من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه).