بازگشت

خطاب قياده الامه الشرعيه: (وقاتلوهم حتي لا تكون فتنه، ويكون الدين لله)


علي الجانب الاخر كان معسكر الحق، معسكر القياده الشرعيه للامه الاسلاميه، قياده اهل البيت، ورمزها يومئذ امير المومنين علي بن ابي طالب (ع)، يجاهد للحفاظ علي الاسلام نقيا صافيا. وكان هذا هو الهدف الحقيقي الذي تهون من اجله كل التضحيات. كان الامام علي (ع) ومن حوله كوكبه المومنين الخلص من اصحاب النبي محمد (ص).

روي ابن ابي الحديد، في شرح نهج البلاغه، نقلا عن (كتاب صفين) لنصر بن مزاحم: (خطب علي (ع)، في صفين، فحمد اللّه واثني عليه، وقال: اما بعد، فان الخيلاء من التجبر، وان النخوه من التكبر، وان الشيطان عدو حاضر، يعدكم الباطل. الا ان المسلم اخو المسلم فلا تنابذوا ولا تجادلوا، الا ان شرائع الدين واحده، وسبله قاصده، من اخذ بها لحق، ومن فارقها محق، ومن تركها مرق، ليس المسلم بالخائن اذا ائتمن، ولا بالمخلف اذا وعد، ولا بالكذاب اذا نطق. نحن اهل بيت الرحمه، وقولنا الصدق، وفعلنا الفضل، ومنا خاتم النبيين، وفينا قاده الاسلام، وفينا حمله الكتاب. الا انا ندعوكم الي اللّه ورسوله، والي جهاد عدوه والشده في امره، وابتغاء مرضاته، واقام الصلاه، وايتاء الزكاه، وحج البيت، وصيام شهر رمضان، وتوفير الفي ء علي اهله. الا وان من اعجب العجائب ان معاويه بن ابي سفيان الاموي وعمرو بن العاص السهمي، يحرضان الناس علي طلب الدين بزعمهما، ولقد علمتم اني لم اخالف رسول اللّه (ص)، قط، ولم اعصه في امر، اقيه بنفسي في المواطن التي ينكص فيها الابطال، وترعد فيها الفرائص، بنجده اكرمني اللّه سبحانه بها، وله الحمد. ولقد قبض رسول اللّه (ص) وان راسه لفي حجري، ولقد وليت غسله بيدي وحدي، تقلبه الملائكه المقربون معي. وايم اللّه ما اختلفت امه قط، بعد نبيها، الا ظهر اهل باطلها علي اهل حقها الا ما شاء اللّه) [1] .

ولا باس، ايضا، ان ننتقل الي معسكر الافك والباطل لنسمع ذلك الحوار العجيب الذي رواه نصر بن مزاحم، ونقله عنه ابن ابي الحديد قال: (طلب معاويه الي عمرو بن العاص ان يسوي صفوف اهل الشام، فقال له عمرو: علي ان لي حكمي ان قتل اللّه ابن ابي طالب، واستوثقت لك البلاد، فقال: اليس حكمك في مصر؟ قال: وهل مصر تكون عوضا عن الجنه، وقتل ابن ابي طالب ثمنا لعذاب النار الذي (لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون) «الدخان/75»، فقال معاويه: ان لك حكمك، ابا عبداللّه، ان قتل ابن ابي طالب، رويدا لا يسمع اهل الشام كلامك. فقام عمرو، فقال: معاشر اهل الشام سووا صفوفكم قص الشارب، واعيرونا جماجمكم ساعه، فقد بلغ الحق مقطعه، فلم يبق الا ظالم او مظلوم) [2] ونعود الي معسكر الحق، لنسمع الكلمات المضيئه لابي الهيثم بن التيهان وكان من اصحاب رسول اللّه (ص)، بدريا نقيبا عقبيا يسوي صفوف اهل العراق، ويقول: (يا معشر اهل العراق، انه ليس بينكم وبين الفتح في العاجل، والجنه في الاجل، الا ساعه من النهار، فارسوا اقدامكم وسووا صفوفكم، واعيروا ربكم جماجمكم، واستعينوا باللّه الهكم، وجاهدوا عدو اللّه وعدوكم، واقتلوهم قتلهم اللّه وابادهم، واصبروا فان الارض للّه يورثها من يشاء من عباده والعاقبه للمتقين) [3] .

اما عن مواقف عمار بن ياسر، رضوان اللّه عليه، في صف الامام، فهي في المكانه العليا، ويمكن ان نتبينها من خلال هذه الروايه: (عن اسماء بن حكيم الفزاري، قال: كنا بصفين مع علي، تحت رايه عمار بن ياسر، ارتفاع الضحي، وقد استظللنا برداء احمر، اذ اقبل رجل يستقري الصف حتي انتهي الينا، فقال: ايكم عمار بن ياسر؟ فقال عمار: انا عمار، قال: ابو اليقظان؟ قال: نعم، قال: ان لي اليك حاجه افانطق بها سرا او علانيه؟، قال: اختر لنفسك ايهما شئت، قال: لا بل علانيه، قال: فانطق، قال: اني خرجت من اهلي مستبصرا في الحق الذي نحن عليه، لا اشك في ضلاله هولاء القوم، وانهم علي الباطل، فلم ازل علي ذلك مستبصرا، حتي ليلتي هذه، فاني رايت في منامي مناديا تقدم، فاذن وشهد ان لا اله الا اللّه وان محمدا رسول اللّه (ص)، ونادي بالصلاه، ونادي مناديهم مثل ذلك، ثم اقيمت الصلاه، فصلينا صلاه واحده، وتلونا كتابا واحدا، ودعونا دعوه واحده، فادركني الشك في ليلتي هذه، فبت بليله لا يعلمها الا اللّه، حتي اصبحت، فاتيت امير المومنين، فذكرت ذلك له فقال: هل لقيت عمار بن ياسر؟، قلت: لا، قال: فالقه، فانظر ما يقول لك عمار فاتبعه، فجئتك لذلك. فقال عمار: تعرف صاحب الرايه السوداء المقابله لي، فانها رايه عمرو بن العاص، قاتلتها مع رسول اللّه (ص)، ثلاث مرات وهذه الرابعه فما هي بخيرهن ولا ابرهن، بل هي شرهن وافجرهن، اشهدت بدرا واحدا ويوم حنين، اوشهدها اب لك فيخبرك عنها؟، قال: لا، قال: فان مراكزنا اليوم علي مراكز رايات رسول اللّه (ص)، يوم بدر ويوم احد ويوم حنين، وان مراكز رايات هولاء علي مراكز رايات المشركين من الاحزاب، فهل تري هذا العسكر ي ي ي ي ومن فيه؟ واللّه لوددت ان جميع من فيه ممن اقبل مع معاويه يريد قتالنا، مفارقا للذي نحن عليه كانوا خلقا واحدا، فقطعته وذبحته، واللّه لدماوهم جميعا احل من دم عصفور، افتري دم عصفور حراما؟، قال: لا بل حلال، قال: فانهم حلال كذلك، اتراني بينت لك؟، قال: قد بينت لي، قال: فاختر اي ذلك احببت.

فانصرف الرجل، فدعاه عمار ثم قال: اما انهم سيضربونكم باسيافكم حتي يرتاب المبطلون منكم فيقولوا: لو لم يكونوا علي حق ما ظهروا علينا، واللّه ما هم من الحق ما يقذي عين ذباب، واللّه لو ضربونا باسيافهم حتي يبلغونا سعفات هجر، لعلمنا انا علي حق وانهم علي باطل) [4] .

وعمار، اذ يقف هذا الموقف، انما يصغي الي صوت اللّه تعالي يدعوه: (وقاتلوهم حتي لا تكون فتنه ويكون الدين للّه..) «البقره/193».


پاورقي

[1] شرح نهج البلاغه لابن ابي الحديد، تحقيق محمد ابوالفضل ابراهيم،5/181، الطبعه الاولي، دار الجيل بيروت‏1407 ه - 1987 م.

[2] شرح نهج البلاغه لابن ابي الحديد، 5/189-190.

[3] المصدر نفسه،5/190.

[4] شرح نهج البلاغه لابن ابي الحديد، تحقيق محمد ابوالفضل ابراهيم،5/256-257-258، ط‏1، دار الجيل بيروت‏1407 ه - 1987 م.