بازگشت

اصحابي كالنجوم


وأما رواية «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم» فهو


حديث ضعّفه وحكم بوضعه عدة من المحدثين والمحققين، فقد ضعف سنده ابن حجر العسقلاني والبزار [1] والبيهقي، واحمد بن حنبل وأخيرا الالباني [2] وغيرهم.

وقال ابن حزم: فقد ظهر أن هذه الرواية لاتثبت أصلا، بل لاشك أنها مكذوبة، لأن الله تعالي يقول في صفة نبيه صلي الله عليه واله (وما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي@ فإذا كان كلامه عليه الصلاة والسلام في الشريعة حقا كله وواجبا فهو من الله تعالي بلا شك، وما كان من الله تعالي فلا يختلف فيه، لقوله تعالي [3]

اقتداء بعائشة وابن عمر، وكل هذا مروي عندنا بالاسانيد الصحيحة.... فكيف يجوز تقليد قوم يخطئون ويصيبون؟! [4] .

ثم قال: فصح ان الاختلاف لايجب أن يراعي أصلا، وقد غلط قوم فقالوا: الاختلاف رحمة، واحتجوا بما روي عن النبي صلي الله عليه واله: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم.

قال: وهذا الحديث باطل مكذوب من توليد أهل الفسق لوجوه ضرورية:

احدها: أنه لم يصح من طريق النقل.

والثاني: أنه صلي الله عليه واله لم يجز أن يأمر بما نهي عنه وهو عليه السلام قد أخبر أن أبا بكر قد أخطأ في تفسير فسره وكذّب عمر في تأويل تأوله في الهجرة، وكذب أسيد بن حضير في فتيا أفتي بها في العدة... فمن المحال الممتنع الذي لايجوز البتة أن يكون عليه السلام يأمر باتباع ماقد أخبر أنه خطأ، فيكون حينئذ أمر بالخطأ، تعالي الله عن ذلك وحاشا له صلي الله عليه واله من هذه الصفة، وهو عليه الصلاة والسلام قد أخبر أنهم يخطئون فلا يجوز أن يأمرنا باتباع من يخطيء [5] .


وقال الغزالي: فإن من يجوز عليه الغلط والسهو ولم تثبت عصمته عنه فلا حجة في قوله، فكيف يحتج بقولهم مع جواز الخطأ وكيف تدعي عصمتهم من غير حجة متواترة، وكيف يتصور عصمة قوم يجوز عليهم الاختلاف، وكيف يختلف المعصومان؟ وكيف؟! وقد اتفقت الصحابة علي جواز مخالفة الصحابة، فلم ينكر ابو بكر وعمر علي من خالفهم بالاجتهاد [6] .


پاورقي

[1] تلخيص الحبير: 4/190، قال بعد أن ضعف سند هذه الرواية: قال البزار: هذا الکلام لم يصح عن النبي صلي الله عليه واله، وقال ابن حزم هذا خبر مکذوب موضوع باطل.

[2] سلسلة الأحاديث الضعيفة: 1/79 قال: قال احمد: لايصح هذا الحديث کما في المنتخب لابن قدامة: 10/199/2.

[3] ولو کان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا کثيرا) وقد نهي تعالي عن التفرقة والاختلاف بقوله (ولا تنازعوا)، فمن المحال أن يأمر رسوله باتباع کل قائل من الصحابة رضي الله عنهم، وفيهم من حلّل الشيء وغيره يحرمه، ولو کان ذلک لکان بيع الخمر حلالا اقتداء بسمرة بن جندب، ولکان أکل البرد للصائم حلالا اقتداء بأبي طلحة، وحراما اقتداء بغيره منهم، ولکان ترک الغسل من الإکسال واجبا اقتداء بعلي وعثمان وطلحة وابي أيوب وأبي بن کعب، وحراما

**صفحه=40

[4] الإحکام في أصول الأحکام: 6/244.

[5] سلسلة الاحاديث الضعيفة للالباني: 1/83 نقلا عن ابن حزم في الإحکام في اصول الاحکام: 5/62.

[6] المستصفي في علم الاصول: 1/135.