بازگشت

خلود الاسلام بالقرآن


ولعلك تقول: حُفظُ الاسلام بحفظ القران، فمادام القران موجودا فالاسلام موجود.

نقول: الكل يستدل بالقرآن الكريم، فما من فرقة من الفرق إلا وهي تستدل علي عقائدها وممارساتها من القران الكريم،


الجبري [1] يستدل علي عقيدته في الجبر من القران الكريم، والمفوّض يستدل علي تفويضه من القران الكريم، وقس علي ذلك بقية الفرق.

ويكفي في ذلك ان المسلمين اختلفوا في اوضح اية في القران الكريم وهي اية الوضوء [2] بين قائل بالمسح في الارجل وقائل بالغسل، فإذا حصل الخلاف في مثل هذه الاية الواضحة الدلالة فالاختلاف في بقية الايات أسهل وأوضح، بل الكفرة والملحدين أيضا يستدلون علي بطلان الاسلام من القران الكريم.

ومثال آخر آية الطلاق فقد قال تعالي (الطلاق مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان.... فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتي تنكح زوجا غيره) فمع أن الاية في غاية الصراحة والوضوح نجد جمهور المسلمين خالفوا كتاب الله وتركوه وراء ظهورهم واتبعوا اجتهاد الخليفة عمر بن الخطاب، فإذا قال الرجل لزوجته أنت طالق طالق طالق في مجلس واحد، اعتبرها جماعة كثيرة من


فقهاء المسلمين [3] هذا الطلاق ثلاثيا مع أنه مخالف لصريح ونص القران الكريم، كل تقليداً للخليفة عمر بن الخطاب، فاذا كانت هذه الاية الواضحة الدلالة مُعرض عنها فكيف ببقية الايات التي لها ظهورات متعددة.

فالقرآن حمال ذو وجوه والكل يمكنه بمغالطته وأفكاره الخاطئة من أن يفسر القران وفق أفكاره ومعتقداته وممارساته الخاصة، ومن هنا تبرز أهمية وجود من يفسر القران كما هو، وليس هو الا الامام المعصوم الذي هو عدل القران.

ولذا في حديث الثقلين قرن الرسول بين الكتاب والعترة وان الابتعاد عن الضلال رهن التمسك بهما معا لا بأحدهما دون الاخر [4] فقال صلي الله عليه واله «اني مخلف فيكم الثقلين كتاب


الله وعترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي فإنهما لن يفترقا حتي يردا عليّ الحوض».


پاورقي

[1] وهو القائل بأن الانسان مجبر علي فعله.

[2] يا أيها الذين آمنوا اذا قمتم الي الصلاة فاغسلوا وجوهکم وأيديکم الي المرافق وامسحوا برؤوسکم وأرجلکم الي الکعبين.

[3] نعم رجعت مشيخة الازهر في هذه الاعصار الي کتاب الله وسنة الرسول الاکرم صلي الله عليه واله والاقتداء بأهل البيت، وترکوا سنة الخليفة عمر بن الخطاب، فجعلوا الطلقات الثلاث بصيغة واحدة طلقة واحدة.

[4] وحديث الثقلين من الاحاديث التي وصلت الي مرتبة الاستفاضة بل الي مرتبة التواتر لکثرة الاسانيد والطرق الواردة فيه قال الفاضل القطيفي: وقد ذکر الالباني هذا الحديث ضمن أحاديث سلسلته الصحيحة، وخرج بعض طرقه وأسانيده الصحيحة والحسنة، وذکر بعض شواهده وحسنها، ووصف من ضعف هذا الحديث بأنه حديث عهد بصناعة الحديث، وأنه قصر تقصيرا فاحشا في تحقيق الکلام عليه، وأنه فاته کثير من الطرق والاسانيد التي هي بذاتها صحيحة أو حسنة، فضلا عن الشواهد والمتابعات، وأنه لم يلتفت الي أقوال المصححين للحديث من العلماء، إذ اقتصر في تخريجه علي بعض المصادر المطبوعة المتداولة دون غيرها، فوقع في هذا الخطأ في تضعيف الحديث الصحيح، راجع سلسلة الاحاديث الصحيحة: 4/355 حديث 1761، عنه مسائل خلافية: 98.