بازگشت

مصادر الشيعة


ولبلورة المطلب واتضاحه نمهّده بمقدمة، فنقول:

لاشك أن مبدأ انحراف الاديان قاطبة هو الانحراف في مصادر لاتشريع في كل دين، فما من دين إلا وله مصادر التشريع خاصة به يُستنبط منها عباداته ومعتقداته، وترك هذه المصادر أو استحداث مصادر أخري لم يقرّها هذا الدين أو ذاك، هو منشأ وبداية الانحراف والابتعاد عن الدين، بل الاختلاف في منابع المعرفة والتشريع هو منشأ كل الاختلاف والتنازع الفكري والثقافي والعقائدي بين بني البشر.

فمن باب التوضيح هناك خلاف بين البشر قاطبة في مصادر المعرفة، هل هي العقل او الحس أو التجربة، فهناك مذهب ومدرسة عقلية صرفة، وهناك مدرسة ثانية حسية صرفة، وهناك مدرسة ثالثة تجريبية صرفة، وهناك مدرسة رابعة تعتبر كل هذه


المنابع مصادر للمعرفة مع اختلاف في متعلق المعرفة؛ فبعض المعارف لا سبيل لمعرفتها إلا بالعقل، وبعضها الاخر لا طريق لاستيعابها إلا عن طريق الحس، وبعضها الثالث لا يعرف إلا عن طريق التجربة.

وبما أن هذه المدارس تختلف في مصادر المعرفة ومنابع التشريع، فيتفرع علي هذا الاختلاف، الاختلاف والتباين في العقيدة والسلوك العبادي، وهذا واضح لا غبار عليه، إذ بداية الخلاف بين المدارس يرجع الي الخلاف في مصادر المعرفة كما ذكرنا.

وهذا الخلاف أيضا جار بين المسلمين في مصادر المعرفة المرتبطة بالدين والاسلام، فالكتاب والسنة مجمع علي كونهما من مصادر المعرفة والتشريع عند الجميع، وهنالك خلاف في كون: سنة أهل البيت عليهم السلام، وسنة الصحابي، والقياس، والمصالح المرسلة، وسد الذرائع، والاستحسان، مصادر للمعرفة والتشريع الاسلامي.

وباختلاف المصادر تختلف الاحكام سواء المرتبطة بالجانب العقائدي أو المرتبطة بالاحكام الفرعية ـ العبادات والمعاملات ـ.


فمن جعل أهل البيت عليهم السلام [1] مصدراً للمعرفة والتشريع تختلف عقائده وممارساته عمّن لم يجعلهم عليهم السلام مصدرا لذلك.

ومن جعل قول وفعل وتقرير الصحابي ـ مهما كانت صحبته مع الرسول صلي الله عليه وآله ـ مصدرا للمعرفة والتشريع، تختلف عقائدة وممارساته عمن لم يجعلهم مصدرا للمعرفة والتشريع [2] .

ولكن هذا الخلاف كما أشرنا إليه بشكل موجز لا يؤدي الي غياب الطابع العام للإسلام [3] ، بل يبقي الطابع العام طابعا اسلاميا، نعم الاسلام بمعناه الحقيقي لايوجد إلا في طائفة واحدة المشار


إليها في قوله صلي الله عليه وآله المتقدم «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين علي الحق».


پاورقي

[1] کما هو مقتضي الادلة الکثيرة والمعتبرة والواضحة کحديث الثقلين وحديث سفينة نوح وغيرهما.

[2] ولذلک ذهب اغلبية المسلمين ـ تبعا للخليفة عمر بن الخطاب ـ الي أن قول الرجل لزوجته: أنت طالق طالق طالق، في مجلس واحد هو طلاق ثلاثي بحاجة الي محلل، خلافا لقوله تعالي (الطلاق مرتان فامساک بمعروف أو تسريح باحسان... فإن طلقها فلا تحل له حتي تنکح زوجا غيره)، وخلافا لسنة الرسول وسيرة أبي بکر، وستأتي تتمة لذلک فانتظر.

[3] مع ملاحظة الجهود التي بذلها سيد المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام في تصحيح سيرة الخلفاء بعد الرسول الاکرم صلي الله عليه وآله وارشاد بقية الصحابة والتابعين الي مصادر التشريع الحقة، حتي قال الخليفة عمر بن الخطاب في مواقف کثيرة «لولا علي لهلک عمر» «لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن».