بازگشت

هل خرجت زينب بعد مصرع الحسين عصرا


الجواب: سوف ننقل ما ذكره المؤرخون من خروج زينب بشكل عام، ومن خلاله سيتم الاجابة:

فقد ذكر المؤرخون أن زينب عليها السلام خرجت في المواضع التالية خارج [1] المخيم:

1- خروج زينب عندما قتل علي الأكبر عليه السلام، فقد ذكرالطبري في تأريخه نقلا عن أبي مخنف ينهيه إلي حميد بن مسلم قال سماع أذني يومئذ من الحسين يقول قتل الله قوما قتلوك يا بني ما أجرأهم علي الرحمن وعلي انتهاك حرمة الرسول علي الدنيا بعدك العفاء قال وكأني أنظر إلي امرأة خرجت مسرعة كأنها الشمس الطالعة تنادي يا أخياه ويا ابن أخاه قال فسألت عنها فقيل هذه زينب ابنة فاطمة ابنة رسول الله صلي الله عليه وسلم فجاءت حتي أكبت عليه فجاءها الحسين فأخذ بيدها فردها إلي الفسطاط وأقبل الحسين إلي ابنه وأقبل فتيانه إليه فقال احملوا أخاكم فحملوه من مصرعه حتي وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه [2] .

2- خروج زينب عندما أرادت أن ترجع الغلام عن عمه: وهذه الحادثة قد رويت في كلمات المؤرخين بأكثر من نحو، فمن بعضها يستفاد أن الحسين عليه السلام كان يقاتل وخرج في هذه الاثناء عبد الله بن الحسن المجتبي عليه السلام، بينما يستفاد من بعضها الآخر أن الحسين كان قد وقع صريعا علي الأرض ولا يستطيع القتال، وقد أحاط به القوم لكنهم كانوا يتهيبون قتله فانفلت في هذا الحال عبد الله، منطلقا إلي عمه للدفاع عنه، فنادي الحسين عليه السلام اخته زينب أن تمسكه وتحبسه، فلم يقبل، وتخلص منها وجاء إلي عمه، فدفع عن عمه ضربة سيف قام بها بحر بن كعب، واتقاها الغلام بيده فإذا يده معلقة بجلدة!! فضمه الحسين إلي صدره.

3- خروجها عليه السلام ومخاطبتها لعمر بن سعد، ولعل هذا الخروج هو نفس السابق ولكن في مشهدين، نُقلا مقطعين.. فقد ذكر الطبري عمن حضر المعركة قوله: فوالله ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا ولا أمضي جنانا منه ولا أجرأ مقدما والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله إن كانت الرجالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزي إذا شد فيها الذئب قال فوالله إنه لكذلك إذ خرجت زينب ابنة فاطمة أخته...وهي تقول ليت السماء تطابقت علي الارض وقد دنا عمر بن سعد من حسين فقالت يا عمر بن سعد أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه قال فكأني أنظر إلي دموع عمر وهي تسيل علي خديه ولحيته قال وصرف بوجهه عنها [3] !!. ثم نادي شمر ويحكم ماذا تنتظرون بالرجل..الخ.

وهذه الموارد الثلاثة يظهر منها أن خروج العقيلة زينب عليها السلام كان قبل مقتله سلام الله عليه.

4- ما يستفاد من زيارة الناحية المقدسة (...حتي نكسوك عن جوادك، فهويت الي الأرض جريحا، تطؤوك الخيول بحوافرها، وتعلوك الطغاة ببواترها، قد رشح للموت جبينك، واختلفت بالانقباض والانبساط شمالك ويمينك، تدير طرفا خفيا الي رحلك وبيتك، وقد شغلت بنفسك عن ولدك واهلك، واسرع فرسك شاردا، والي خيامك قاصدا، محمحما باكيا. فلما رأين النساء جوادك مخزيا، ونظرن سرجك عليه ملويا، برزن من الخدور، ناشرات الشعور علي الخدود لاطمات وبالعويل داعيات، وبعد العز مذللات، وإلي مصرعك مبادرات والشمر جالس علي صدرك، مولع سيفه علي نحرك، قابض علي شيبتك بيده، ذابح لك بمهنده، قد سكنت حواسك، وخفيت أنفاسك، ورفع علي القنا رأسك..) فإن فيه تصريحا بخروج النساء ولا شك في كون زينب معهن..

لكن لا صراحة في هذه الكلمات بأن الخروج كان بعد المصرع، فقد يمكن فهم هذا النص [4] علي أنهن خرجن حالة كون الشمر جالسا علي صدر الحسين عليه السلام، وذبحه له واستمر ذلك إلي ما بعد الذبح.. فيكون الخروج مترافقا مع الذبح ومستمرا إلي ما بعده.

وقد يفهم علي أن النص ينقل صورا مختلفة من الواقعة فيكون ذبح الشمر للحسين، وما ذكر في النص معطوفا علي الصورة الأولي وهي صورة خروج النساء، كما أن الخروج بتلك الصورة لم يكن حالة ذبح الحسين عليه السلام.. والشاهد عليه أنه بعد ذلك قال (.. وسبي اهلك كالعبيد، وصفدوا في الحديد، فوق أقتاب المطيات، تلفح وجوههم حر الهاجرات، يساقون في البراري والفلوات، أيديهم مغلولة الي الأعناق، يطاف بهم في الأسواق..).

وعلي أي حال فإن فُهم من النص السابق أن خروج النساء كان في حالة ذبح الحسين واستمر لما بعده، فإنه شاهد علي خروجهن بعيد المصرع وعدم انتظارهن إلي الليل.

5- ما ينقل عن كتاب الطراز المذهب (و لا يوجد عندي)، من أن زينب عليها السلام خرجت إلي حيث صرع أخوها الحسين فقالت: اللهم تقبل هذا القليل من القربان. وقد نقل تلك العبارة عنه الحجة الشيخ فرج العمران رحمه الله في كتابه وفاة السيدة زينب، قال: فمن عجيب صبرها وإخلاصها وثباتها ما نقله في الطراز المذهب أنها سلام الله عليها وعلي أبيها وأمها وأخويها لما وقفت علي جسد أخيها الحسين (ع) قالت: اللهم تقبل منا هذا القليل من القربان قال: فقارنت أمها في الكرامات والصبر في النوائب بحيث حرقت العادات ولحقت بالمعجزات. قال المؤلف النقدي [5] أعلا الله مقامه: فهذه الكلمات من هذه الحرة الطاهرة، في تلك الوقفة التي رأت بها أخاها العزيز بتلك الحالة المفجعة، التي كانت فيها تكشف لنا قوة إيمانها ورسوخ عقيدتها وفنائها في جنب الله تعالي، وغير ذلك مما لا يخفي علي المتأمل.

ولا يُعلم بدقة هل كان هذا الوقوف عند الجسد بعد المقتل مباشرة أو أنه كان في الليل. بل ذهب بعضهم إلي أن هذا الكلام إنما تم في اليوم الحادي عشر كما يري الشيخ الحائري في كتابه شجرة طوبي وكما يظهر من صاحب كتاب قصة كربلاء [6] .

فلم يظهر أن هناك دليلا وثيقا يعتمد عليه في تحديد وقت الخروج وأنه كان الليل أو النهار، لكن لو أريد التقريب ببعض الاعتبارات فإنه يستقرب أن الخروج كان ليلا. وذلك باعتبار أن الواقعة قد انتهت بحسب الأخبار في وقت العصر، ولما ذبح الحسين عليه السلام، غارت الخيل علي مخيم الحسين وبدأ السلب والنهب، ثم تم حرق المخيم، وانتشرت النساء والأطفال في الصحراء خوفا من النار، ومن هجمة الخيل، وبدأت زينب تجمع النساء والأطفال، وتدافع عنهن من السلب والتعدي، ويفترض أن هذه الحالة قد امتدت إلي زمن ليس بالقصير، فيبعد والحال هذه أن تترك زينب هذا الجمع من المذعورات والثكالي لكي تذهب إلي جسد الحسين مناجية له!!

وأكثر بعدا من ذلك أن تكون قد ذهبت بالنساء والأطفال إليه، مع كثرة العدد وتفرقهم وحالة الرعب والخوف الحادثة علي أثر الهجوم العسكري.

نعم يمكن ذلك بعد استقرار الأمور، وإرخاء الليل سدوله الساترة، أن تخرج زينب وربما معها غيرها، إلي جسد الحسين عليه السلام. خصوصا مع ملاحظة انستارها في ذهابها ومجيئها ليلا دون النهار الفاضح والكاشف!

لكن يبقي كل هذا في مستوي الاستقراب، ولا يرقي إلي كونه دليلا. خصوصا لو قرئ نص الزيارة بنحو يفهم منه أنهن خرجن في حال ذبح الحسين واستمرار ذلك إلي ما بعد المقتل. وأيضا مع فرض أن الزيارة نص صادر عن المعصوم.

كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَي فَهُوَ فِي الآْخِرَةِ أَعْمَي وَأَضَلُّ سَبِيلاً [الإسراء/71-72].


پاورقي

[1] من خلال هذا أيضا سوف يتأيد ما سبق أن ذکر في القسم الأول من هذا الکتاب في إجابة علي سؤال (ناشرات الشعور)، وأن أحد الاحتمالات فيه هو أنهن لم يخرجن خارج المخيم، وإنما خرجن من خدورهن في داخل حدود المخيم.

[2] الطبري 4 - 340.

[3] الطبري 4 - 345.

[4] قد سبق الحديث عن القيمة التاريخية لزيارة الناحية من حيث کونها کلام المعصوم أو لا.

[5] ذکر المرحوم الشيخ فرج بأنه انتخب (وفاة) العقيلة زينب من کتاب زينب الکبري للمحقق الشيخ جعفر النقدي رحمه الله.

[6] ذکر ه ناقلا إياه عن کتاب المناقب لابن شهرآشوب، والکتاب المطبوع ليس عندي، ولکن الکتاب الموجود في شريط (المعجم الفقهي) لا يحتوي علي تلک الجملة کما ان صياغة النص في قصة کربلاء (ثم وقفت علي جسده الشريف بخشوع وتأمل وبسطت يديها تحت الجثمان المقدس..) لا ينسجم مع طريقة التعبير السائدة في زمان ابن شهرآشوب ويظهر أن هناک اشتباها في الارجاع کما هو متعدد في الکتاب لمن يلاحظ.