بازگشت

كيف توفقون بين كون جابر بن عبدالله كفيف البصر في كربلاء


كيف توفقون بين كون جابر بن عبد الله كفيف البصر في كربلاء حيث كان يقوده خادمه او غلامه عطية، وبين كونه قد راي الامام الباقر في المدينة وهو صغير فقال شمائل كشمائل رسول الله ثم بلغه سلام النبي؟ فان كان كفيفا كيف راي الباقر وان كان مبصرا حينئذ فكيف كان كفيفا في الاربعين (العشرين من صفر)؟

الجواب: في البداية نحب أن نوضح جانبا من حياة الراوي الثقة عطية العوفي، فإنه يغمط حقه عادة مع أهمية دوره وربما لا يذكر اسمه في المحافل إلا في مرة واحدة هي كونه غلاما أو خادما لجابر، ولم يكن غلاما، وإنما هو تلميذ نجيب لجابر وراو واع لأحاديثه وصاحب مواقف وإليك بعض الكلمات عنه، ثم نجيب علي السؤال الأصلي:

عطية بن سعد بن جنادة العوفي توفي سنة 111 هـ

كان أبوه سعد بن جنادة وهو من بني جديل أول من أسلم من أهل الطائف [1] ، وصحب النبي صلي الله عليه وآله، وروي عنه عددا من الأحاديث [2] ، وبعد وفاة رسول الله صلي الله عليه وآله كان ممن عرف أمير المؤمنين عليه السلام، ووالاه وشارك معه في حروبه، وروي عنه بعض الأحاديث [3] .

وربما كان في أواخر خلافة أمير المؤمنين عليه السلام عندما ولد له ابن، جاء به إلي الإمام عليه السلام لكي يسميه، فقال هذه عطية الله، وسماه عطية.

ونشأ عطية في الكوفة، ولذا لقبه بعضهم بالكوفي (إضافة إلي العوفي).وتشرب التشيع من أجوائها، وممن صحبهم فيها، ولعل أكثرهم تأثيرا فيه جابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري (أو الكلبي).

ولعل الناظر إلي نوعية الأحاديث التي رواها، وأكثر منها يعرف سر تضعيف رجاليي الجمهور لعطية، فإنه قد روي حديث الثقلين [4] ، وأن الأئمة اثنا عشر [5] ، وحديث سفينة نوح [6] ، وتفسير آية (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) في أهل البيت [7] ، وحديث الغدير، والمنزلة وسد الأبواب غير باب علي عليه السلام، وحديث إعطاء النبي صلي الله عليه وآله فدكا، وروي خطبة الزهراء الفدكية [8] وروي عن رسول الله صلي الله عليه وآله في المهدي أنه (رجل من أهل بيتي) [9] وغيرها.

لم يكتف عطية فيما يظهر من حياته بمجرد الولاء النفسي والموقف الفكري، بل كان لديه رؤية واضحة في المجال السياسي، تجلت في موقفه المضاد للحكم الأموي معتمدا علي ما رواه من أصحاب رسول الله، عنه صلي الله عليه وآله: (إذا بلغ بنو العاص أربعين رجلا اتخذوا دين الله دغلا وعباد الله خولا و مال الله دولا..) [10] .

وهو وإن لم يلحظ له ذكر في أيام الحسنين عليهما السلام، إلا ما يروي عن ذهابه مع شيخه جابر بن عبد الله إلي كربلاء يوم العشرين من صفر وافتراقه عنه بعد ذلك كما يظهر من ذيل الرواية التي نقلها عماد الدين الطبري في كتابه بشارة المصطفي، إلا أننا نلاحظ له دورا فيما بعد كربلاء، فقد شارك بدور فاعل في ثورة المختار الثقفي، وكان علي رأس الجماعة الطليعيين والأقوياء الذين ارسلهم المختار إلي مكة المكرمة، لانقاذ الهاشميين الذين سجنهم عبد الله بن الزبير بعد أن رفضوا مبايعته، وعزم علي إحراقهم (!!!) في خندق إن لم يستجيبوا لبيعته.

(...فقطع المختار بعثا إلي مكة فانتدب منهم أربعة آلاف فعقد لابي عبد الله الجدلي عليهم وقال له سر فإن وجدت بني هاشم في الحياة فكن لهم أنت ومن معك عضدا وانفذ لما أمروك به وإن وجدت بن الزبير قد قتلهم فاعترض أهل مكة حتي تصل إلي بن الزبير ثم لا تدع من آل الزبير شفرا ولا ظفرا...

فسار القوم ومعهم السلاح حتي أشرفوا علي مكة فجاء المستغيث اعجلوا فما أراكم تدركونهم فقال الناس لو أن أهل القوة عجلوا فانتدب منهم ثمانمائة رأسهم عطية بن سعد بن جنادة العوفي حتي دخلوا مكة فكبروا تكبيرة سمعها بن الزبير فانطلق هاربا حتي دخل دار الندوة ويقال بل تعلق بأستار الكعبة وقال أنا عائذ الله!!

قال عطية ثم ملنا إلي بن عباس وابن الحنفية وأصحابهما في دور قد جمع لهم الحطب فأحيط بهم حتي بلغ رؤوس الجدر لو أن نارا تقع فيه ما رئي منهم أحد حتي تقوم الساعة وعجل علي بن عبد الله بن عباس وهو يومئذ رجل فأسرع في الحطب يريد الخروج فأدمي ساقيه. وأقبل أصحاب بن الزبير فكنا صفين نحن وهم في المسجد نهارنا ونهاره لا ننصرف إلا إلي صلاة حتي أصبحنا وقدم أبو عبد الله الجدلي في الناس فقلنا لابن عباس وابن الحنفية ذرونا نريح الناس من بن الزبير فقالا هذا بلد حرمه الله ما أحله لاحد إلا للنبي عليه السلام ساعة ما أحله لاحد قبله ولا يحله لاحد بعده...) [11] .

ولما عادت الأمور إلي سيطرة بني أمية، وعاث الحجاج في الأرض فسادا يتطلع إلي الرؤوس اليانعة، ويسكر بمنظر الدماء ترقرق بين العمائم واللحي!! وضج الناس من عموم الظلم، وشموله، حتي الذين كانوا محسوبين تاريخيا علي بني أمية كبني الأشعث لم يتحملوا ذلك المقدار فكان أن أعلن عبد الرحمن بن الأشعث تمرده علي الحجاج، بعدما جمّرهم في البعوث، لا يهمه غير الانتصار علي عدوه لجلب الغنائم، ولا يخسر شيئا علي التقديرين، فإن قُتل هؤلاء فقد استراح من (همّ القلب) وإن قتل أولئك جاءت غنائمهم وجواريهم!!

وكان عطية من جملة الثائرين.. قال بن سعد (..خرج عطية مع ابن الاشعث علي الحجاج، فلما انهزم جيش ابن الاشعث هرب عطية إلي فارس، فكتب الحجاج إلي محمد بن القاسم: أن ادع عطية فان لعن علي بن أبي طالب والا فاضربه اربع مئة سوط!! واحلق رأسه ولحيته، فدعاه فأقرأه كتاب الحجاج، فأبي عطية ان يفعل، فضربه اربع مئة سوط، وحلق رأسه ولحيته، فلما ولي قتيبة خراسان خرج عطية إليه، فلم يزل بخراسان حتي ولي عمر بن هبيرة العراق، فكتب إليه عطية يسأله الاذن له في القدوم، فأذن له، فقدم الكوفة، ولم يزل بها إلي ان توفي سنة إحدي عشرة ومئة..وكان ثقة وله احاديث صالحة..)

وأما الاجابة علي السؤال السابق: فإنه من التتبع للروايات التاريخية، وفي كتب الحديث يظهر أن هناك عدة احتمالات في وقت فقدان جابر لبصره: ـ ونحن نرجح أنه لم يكن كفيف البصر في يوم الأربعين ـ

الاحتمالات الموجودة:

1ـ أنه كان كفيف البصر في يوم الأربعين (العشرين من صفر) سنة 61 هـ.. وقد يستفاد هذا من ظاهر رواية صاحب بشارة المصطفي كما في قوله: ألمسنيه (القبر).. وقوله فيما بعد خذني نحو ابيات كوفان.

2ـ أنه كان كفيف البصر يوم واقعة الحرة، كما يستفاد من رواية البداية والنهاية [12] التي تنتهي إلي ابنيه.

3ـ أنه كان كفيف البصر في زمان عبد الملك بن مروان (من سنة 73 هـ ـ سنة 86 هـ)، وبالتحديد في سنة خمس وسبعين عندما حج هذا وذهب إلي المدينة كما ذكره ابن سعد في الطبقات [13] فقد صرح فيه بأنه كان قد كف بصره. وبعدها توفي كما عليه أكثر المؤرخين في سنة 78 هـ.

ـ أن يكون قد كف بصره قبل سنة (74 هـ) وبعد سنة (71) هـ.

مناقشة الاحتمالات:

أما الاحتمال الأول، فلا مقتضي للالتزام به إلا ما يظهر من رواية بشارة المصطفي المتقدمة من خلال كلمات (ألمسنيه ـ القبر ـ وقوله: خذني إلي أبيات كوفان) وهذه لا صراحة فيها بل لا ظهور في العمي، فإن الرجل الكبير مثل جابر في ذلك السن المتقدم (حوالي 82 سنة أو 87 سنة)، (إذ أن عمره عندما توفي كان 95 سنة) يحتاج إلي مساعدة شخص يكون معه، وهكذا ألمسه القبر، ثم أخذه إلي طريق كوفان دليلا و مرافقا. و ربما يكون ذلك من أثر حالة الحزن الشديد والبكاء المتواصل التي اعترت جابرا إلي حد أنه قد وقع مغشيا عليه علي القبر، لما لمسه.

بل في نفس الخبر الذي نقله صاحب بشارة المصطفي قرائن أخري تخالف هذه العبارات: مثل قول (عطية) عن جابر أنه دنا من الفرات ثم قوله دنا من القبر؟.. وهكذا قوله فيما بعد ثم جال ببصره حول القبر. فكيف يجول ببصره وهو كفيف؟

ولم يذكر في أي مصدر آخر م المصادر التي تعرضت لحياة جابر علي نحو مستقل أو ضمنا، أي إشارة إلي كونه كفيف البصر في تلك المرحلة.

علي أنه مخالف لما اتفق عليه الرجاليون والمؤرخون من أن جابر بن عبد الله إنما كف بصره في أواخر عمره (وبعضهم يقول آخر عمره)، ولا يقال لمن كف بصره قبل سبعة عشر سنة من وفاته أنه فقد بصره في أواخر عمره.

وهو يصطدم بما ذكر في أكثر المصادر الشيعية (وبعض المصادر السنية) من لقائه بالإمام الباقر عليه السلام، في المدينة فيما بعد، ونظره إليه وتعرف شمائل النبي صلي الله عليه وآله فيه [14] .

الاحتمال الثاني: يلحق سابقه في الضعف، ولا دليل عليه سوي رواية محمد وعبد الرحمن ابني جابر. وقد نقله في البداية والنهاية باثبات (خرجنا مع أبينا يوم الحرة وقد كف بصره) بينما لم تكن هذه الجملة في رواية محمد بن جابر بنفس النص التي رواها في كتاب الآحاد والمثاني.. أي لم يكن في هذا الكتاب غير نص (من أخاف أهل هذا الحي من الأنصار فقد أخاف ما بين هذين ووضع يده علي جبينيه).

إضافة إلي ما سبق ذكره في رد الاحتمال الأول.

الاحتمال الثالث: وهو الذي نرجحه أن جابر بن عبد الله بعدما بقي في الكوفة لمدة من الزمن، عاد إلي المدينة كما ينص عليه المؤرخون وبقي فيها وفي هذه الأثناء حدثت واقعة كربلاء، ولا نعرف شيئا عن الاسباب التي منعت جابر عن الخروج من المدينة مع الحسين (وهي ليست بالضرورة العمي وفقدان البصر) فإن الحسين عليه السلام لم يدعُ كل من كان في المدينة للخروج معه بعد موت معاوية، وإنما خرج مع أهل بيته من المدينة المنورة متجها إلي مكة، والذين التحقوا به من غير أهل بيته إنما التحقوا به من مكة المكرمة أو من الطريق أو ممن راسلهم في الكوفة أو البصرة.

وبعد الواقعة قدم جابر بن عبد الله إلي كربلاء زائرا، فوافي هناك الركب الحسيني بما ذكرناه في الحديث عن اللقاء بين ركب السبايا وجابر (فراجعه في موضعه في القسم الأول).

ثم بعد أن عاد الي الكوفة كر راجعا إلي المدينة وبقي فيها، وتعرض للأذي الشديد لا سيما في وقعة الحرة، وفي زمان عبد الملك تعرض لعنت الحجاج الثقفي الذي ولي علي المدينة سنة 74 هـ، فقام يتتبع أصحاب الرسول صلي الله عليه وآله بالإهانة والإذلال حتي لقد ختم عنق سهل بن سعد الساعدي، وختم كف جابر بن عبد الله الأنصاري كما ذكر الطبري.

في هذه الفترة أي ما بين سنة (71 هـ وبين سنة 74 هـ) كف بصر جابر، وكان قد التقي بالإمام الباقر عليه السلام قبيل هذه الفترة وقبل فقده البصر [15] .

تذييل في احتمالات كيفية اللقاء وصوره المختلفة:

- يحتمل أن يكون الإمام عليه السلام قد جاء مع والده لزيارة جابر، كما في تاريخ دمشق، وأنه لم يبق جابر بعد ذلك اللقاء إلا بضعة عشر يوما حتي توفي.. يضعف هذا أن في الرواية أن الباقر كان صبيا صغيرا، مع أنه مع فرض ولادة الإمام الباقر في سنة 58 هـ، ووفاة جابر سنة 78 هـ يكون عمره حينئذ عشرين سنة ولا يمكن أن يقال لمثله (صبي صغير)، وحتي لو كانت وفاة جابر سنة 74 هـ يكون عمر الباقر عليه السلام ستة عشر عاما، وكذلك لا يقال صبي صغير لمن كان في مثل تلك السن.

- كما يحتمل أن يكون اللقاء بين الإمام الباقر وبين جابر قد حدث قبل سنة 74 هـ (والتي هي سنة وفاته أيضا علي رأي جماعة من المؤرخين وإن كانت تضعف برواية أخري تفيد أن لقاءه بعبد الملك بن مروان سنة 75 هـ)، فاللقاء تم بينه وبين الإمام حينما كان جابر مبصرا، وربما يكون في حدود سنة (70 هـ) أو ما بعدها بقليل، وفيها مثلا قد يكون جابر يجلس للحديث في مسجد رسول الله صلي الله عليه وآله ويتشوق إلي أداء أمانة رسول الله، فيقول يا باقر ويا باقر..إلي آخر ما ذكر في الأحاديث المختلفة، حتي إذا التقاه وعرّفه رسالة جده وبلغه سلامه، كان جابر يأتي الإمام الباقر عليه السلام، ويتدارسان العلم النبوي، فربما تصور الناس أن الباقر يتعلم منه وإنما كان يعلمه كما في رواية أبان بن تغلب.

وهذا الاحتمال يمكن أن توفق به سائر الروايات، سواء تلك التي قالت أنه رآه في طريق فيه كتّاب أو أنه قال له يا غلام حيث يكون عمره في ذلك الوقت حوالي (13) سنة. أو غيرها كالتي ورد فيها أن جابر كان ينظر في الصحيفة التي كان فيها أسماء المعصومين عليهم السلام وكان الباقر يقرأ من حفظه، وجابر يتابعه بالنظر في الصحيفة فما خالف حرفا.


پاورقي

[1] أسد الغابة - 2.

[2] منها قوله صلي الله عليه وآله (إن الله زوجني في الجنة مريم ابنة عمران، وامرأة فرعون، واخت موسي..) وفي حديث آخر يخاطب فيه خديجة، زوجني معک...

[3] منها قوله عليه السلام: أمرت بقتال القاسطين والناکثين والمارقين..) کما في تاريخ دمشق ج 42.

[4] ففي مسند أحمد ج 3: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا عبد الملک يعني ابن سليمان عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله أني قد ترکت فيکم الثقلين احدهما اکبر من الآخر کتاب الله عزوجل حبل ممدود من السماء إلي الارض وعترتي أهل بيتي ألا إنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض.

[5] في کفاية الأثر للخزاز القمي: أخبرنا أبو المفضل رضي الله عنه، قال حدثنا الحسين ابن زکريا العدوي، عن سلمة بن قيس، عن علي بن عباس، عن ابن الحجاف، عن عطية العوفي، عن ابي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: الائمة بعدي تسعة من صلب الحسين عليهم السلام والتاسع قائمهم، فطوبي لمن أحبهم والويل لمن أبغضهم.

[6] أخرجه الطبراني في المعجم الصغير ج 2 ص 22:

حدثنا محمد بن عبد العزيز بن ربيعة الکلابي أبو مليل الکوفي حدثنا أبي حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد المقري عن أبي سلمة الصائغ عن عطية عن أبي سعيد الخدري سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم وآله وسلم يقول إنما مثل أهل بيتي فيکم کمثل سفينة نوح من رکبها نجا ومن تخلف عنها غرق وإنما مثل أهل بيتي فيکم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له.

[7] المعجم الأوسط - الطبراني ج 2 ص 229:

حدثنا أحمد قال حدثنا محمد بن عباد بن موسي قال حدثنا أبو الجواب الاحوص بن جواب عن سليمان بن قرم عن هارون بن سعد عن عطية العوفي قال سألت أبا سعيد الخدري من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فعدهم في يده خمسة رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين قال أبو سعيد في بيت أم سلمة أنزلت هذه الآية.

[8] بلاغات النساء لابن طيفور.

[9] کتاب الفتن للمروزي.

[10] البداية والنهاية لابن کثير - 10.

[11] الطبقات الکبري 5.

[12] البداية والنهاية - ابن کثير ج 8 ص 244:

الدارقطني: ثنا علي بن أحمد بن القاسم، ثنا أبي، ثنا سعيد بن عبد الحميد بن جعفر، ثنا أبو زکريا، يحيي بن عبد الله بن يزيد بن عبد الله بن أنيس الانصاري، عن محمد وعبد الرحمن ابني جابر بن عبد الله قالا: خرجنا مع أبينا يوم الحرة وقد کف بصره فقال: تعس من أخاف رسول الله صلي الله عليه وسلم فقلنا: يا أبة وهل أحد يخيف رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ فقال: - رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: من أخاف أهل هذا الحي من الانصار فقد أخاف ما بين هذين - ووضع يده علي جبينه - .

[13] الطبقات الکبري - محمد بن سعد ج 5 ص 231:

أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني بن أبي سبرة عن عبد المجيد بن سهيل عن عوف بن الحارث قال رأيت جابر بن عبد الله دخل علي عبد الملک فرحب به عبد الملک وقربه فقال جابر يا أمير المؤمنين إن المدينة حيث تري وهي طيبة سماها النبي عليه السلام وأهلها محصورون فإن رأي أمير المؤمنين أن يصل أرحامهم ويعرف حقهم فعل قال فکره ذلک عبد الملک وأعرض عنه وجعل جابر يلح عليه حتي أومأ قبيصة إلي ابنه وهو قائده وکان جابر قد ذهب بصره أن أسکته قال فجعل ابنه يسکته قال جابر ويحک ما تصنع بي قال اسکت فسکت جابر فلما خرج أخذ قبيصة بيده فقال يا أبا عبد الله إن هؤلاء القوم صاروا ملوکا فقال له جابر أبلي الله بلاء حسنا فإنه لا عذر لک وصاحبک يسمع منک قال يسمع ولا يسمع ما وافقه سمع وقد أمر لک أمير المؤمنين بخمسة آلاف درهم فاستعن بها علي زمانک فقبضها جابر قال أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال أقام الحج سنة خمس وسبعين عبد الملک بن مروان ثم صدر فمر علي المدينة فخطب الناس علي المنبر ثم أقام خطيبا له آخر وهو جالس علي المنبر فتکلم الخطيب فکان مما تکلم به يومئذ أن وقع بأهل المدينة وذکر من خلافهم الطاعة وسوء رأيهم في عبد الملک وأهل بيته وما فعل أهل الحرة ثم قال ما وجدت لکم يا أهل المدينة مثلا إلا القرية التي ذکر الله في القرآن فإن الله قال وضرب الله مثلا قرية کانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من کل مکان فکفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما کانوا يصنعون فبرک بن عبد فقال للخطيب کذبت کذبت لسنا کذلک اقرأ الآية التي بعدها ولقد جاءهم رسول منهم فکذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون وإنا آمنا بالله ورسله.

[14] الکافي - الشيخ الکليني ج 1 ص 469.

[15] هناک رواية نقلها العلامة المجلسي في البحار 46، تفيد أنه کف بصره، ولکنه رد إليه کما أخبره النبي صلي الله عليه وآله، فرأي الامام الباقر عليه السلام، لکن هذه الرواية التي نقلها عن أمالي الشيخ الطوسي، غير معتبرة من ناحية السند.