بازگشت

هل الذهاب الي العمل يوم العاشر حرام؟


الجواب: ليس حراما، ولكن يستفاد من بعض الروايات استحباب ترك السعي في الأمور الدنيوية، وعدم الانشغال بها واستحباب التفرغ لإحياء الذكري الحسينية، فقد روي الشيخ الصدوق في الأمالي [1] .

عن أبي الحسن علي بن موسي الرضا (عليه السلام)، قال: من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضي الله له حوائج الدنيا والآخرة، ومن كان يوم عاشوراء يوم مصيبة وحزنه وبكائه جعل الله عز وجل يوم القيامة يوم فرحه وسروره، وقرت بنا في الجنان عينه.

كما روي شيخ الطائفة الطوسي رحمه الله بسنده [2] عن أبي جعفر عليه السلام في حديث زيارة الحسين عليه السلام يوم عاشوراء من قرب وبعد... إلي أن قال: قلت: وكيف يعزي بعضنا بعضا؟ قال: تقول: عظم الله أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السلام، وجعلنا وإياكم من الطالبين بثأره مع وليه الامام المهدي من آل محمد، وإن استطعت أن لا تنشر (لا تنتشر) يومك في حاجة فافعل، فإنه يوم نحس لا تقضي فيه حاجة مؤمن، وإن قضيت لم يبارك له فيها، ولا يري فيها رشدا..).

هذا لو كان عمل الانسان مملوكا له، كما هو حال من يعملون في (الأعمال الحرة) والتجارة لأنفسهم فإنه يحسن بهم في مثل ذلك اليوم أن يتوجهوا لإحياء الذكري، ما لم ينطبق علي سعيهم للعمل ذاك عنوان ملزم.

وأما بالنسبة لغيرهم وهم الأكثر ابتلاء، كالعاملين في مؤسسات مملوكة لأشخاص أو تابعة للحكومات، فلا يستطيع الشخص الغياب في ذلك اليوم من غير أن يأذن له رب العمل، وإلا كان غير مالك لأجرة ذلك اليوم في المؤسسات والشركات الأهلية والشخصية، حيث أن مقتضي عقده معهم أن يعمل في الأيام المتعارفة، باستثناء التعطيلات الرسمية أو ما أذنوا له في التغيب، وليس العاشر منها ـ بحسب الفرض ـ وإخلاله بهذا العقد بمقدار ذلك اليوم، يجعله غير مستحق لأجرته ولا يملكها. فلا بد من استئذان رب العمل أو إخباره عن غيابه ذاك واسترضائه في أمر المال أو إرجاعه عليه.

وبالنسبة للمؤسسات الحكومية، فإن الحكومات غير الخاضعة للفقيه، وإن لم تملك ـ كما هو المشهور بين المعاصرين من الفقهاء ـ فلا ولاية لها مالكية ولا شرعية [3] ، علي التعاقد وإعطاء المال، واستحصال العمل، إلا أن ذلك لا يسوغ للعامل وهو طرف العقد أن يتملك أجرة في مقابل يوم عمل لم يذهب إليه، ولم يقم به. ولذا فإنه يشكل أمر تملكه من قبله، حيث أن الفقهاء قد صرحوا في فتاواهم بأنهم لا يأذنون في الاستلام إلا مع قيام العامل بواجباته بحسب ما ورد في العقد. ولذا لا بد في ذلك من التصدق بذلك المقدار من المال علي الفقير المؤمن والأحوط أن يكون بإذن الحاكم الشرعي (المجتهد) الذي له ولاية علي مجهول المالك.


پاورقي

[1] (حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله)، قال: أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني، عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه عن الرضا عليه السلام..) والرواية يمکن أن تکون معتبرة، فإن محمد بن ابراهيم هو الطالقاني وقد روي عنه الصدوق مترضيا عليه، بناء علي أن ترضي مثل الصدوق کاشف عن حسن حال المترضي عنه ـ وإن ناقش في ذلک بعض العلماء ـ، وأحمد بن محمد بن سعيد الهمداني هو أبو العباس بن عقدة، قالوا عنه أنه جليل القدر عظيم المنزلة وأمره في الحفظ والجلالة أشهر من أن يذکر توفي سنة 333 هـ. وعلي بن الحسن بن فضال فقيه أصحابنا بالکوفة ووجههم وثقتهم کما ذکر النجاشي، وأبوه الحسن بن علي ثقة عظيم القدر، قيل إنه کان فطحيا وعاد عن ذلک..

ولا نحتاج إلي هذا بعدما کانت الرواية من الروايات الواعدة بالثواب، وهي مشمولة لقاعدة التسامح في أدلة السنن.

[2] نقله في وسائل الشيعة الحر العاملي ج 14 ص 509: محمد بن الحسن، في (المصباح) عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة عن أبيه، عن علقمة. والرواية من حيث السند غير تامة، فإن صالح بن عقبة (بن قيس بن سمعان) وإن کان من رجال تفسير علي ابن ابراهيم ـ القسم الأول

ـ ويکون ثقة علي المبني، إلا أنه قد ضعف واتهم بالکذب، کما عن الخلاصة، إلا أن يقال أن يونس بن عبد الرحمن والذي هو من أصحاب الاجماع قد روي عنه، ويکون علي المبني المعروف مقبول الرواية، وقد يناقش ما ذکر في الخلاصة بأنه معتمد في جرحه ذاک علي کتاب ابن الغضائري، والمعروف عندهم التشکيک في کون کل ما في الکتاب الموجود صحيح النسبة إلي الشيخ ابن الغضائري (والمسألة بحاجة إلي بحث أکثر، وللتفصيل مقام لا يتسع له هذا المختصر). وابوه عقبة بن قيس أيضا لم يوثق لا بتوثيق عام ولا خاص، ومثله علقمة (بن محمد الحضرمي).

[3] أمضي بعض المراجع المعاصرين العقود القائمة بين الموظفين وبين الحکومات، وبناء عليه ترجع المسألة إلي القسم السابق.