بازگشت

مجال المواضيع والمضمون


كما سبق أن ذكرنا أن المنبر الحسيني لا يزال الوسيلة الأساس الفعالة التي يمتلكها شيعة أهل البيت عليهم السلام في نشر فكرهم، وتعريف أنفسهم للعالم، وتعريف أبنائهم ببصائر أهل البيت فكرا وفقها.

ولهذا فإن تأثر هذا المجال بتغير الظروف وارتفاع المستوي العام للمستمع، بل حتي تأثره باختلاف المناطق التي يتم الاستماع فيها، أمر لا ينبغي أن يختلف فيه لوضوحه.

فإن المشاكل والاهتمامات الموجودة في بلد ليست بالضرورة موجودة في بلد آخر، والمستوي الثقافي الموجود في منطقة، بل ضمن مجلس في منطقة قد يختلف عن حضور المجلس الآخر في نفس المنطقة.

وهنا نوجه إلي الملاحظات التالية:

- إن حديثنا عن التطوير لجهة الموضوع لا ينبغي أن يغفل جانب الموعظة والإرشاد.. فالمنبر وسيلة هداية ودعوة وليس مجرد معلومات نظرية تلقي بل أخذ فيه أن يكون كما روي عن الامام السجاد عليه السلام في تشخيصه لحدود المنبر (أتكلم بكلام لله فيه رضي وللجالسين أجر وثواب). إن الموعظة هي عمل الأنبياء (قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثني وفرادي..) [1] ، وطريقة دعوتهم (ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) [2] ، ولا بد أن يتمثل الخطيب وهو علي المنبر سيرة الرسل ودورهم حتي يشعر بمسؤولية ما يتحدث ويلقي في أذهان سامعيه (أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم) [3] .

وإن تصور بعض الخطباء أو السامعين أن الوعظ معاد أو مكرر أو لا ينفع هو أمر مجانب للصواب فإن الخطيب قبل أن يكون موسوعة نظرية من الاحصاءات والأفكار، هو (طبيب دوار بطبه قد أحكم مراهمه، وأحمي مواسمه. يضع ذلك حيث الحاجة إليه من قلوب عمي، وآذان صم، وألسنة بكم) كما وصف أمير المؤمنين عليه السلام الرسول الأعظم محمدا صلي الله عليه وآله.

هذا هو الدور الذي يجب أن يرتقي إليه، وإن كان الفارق هو ما بين الثري والثريا.

ونسجل هنا نقطة في تراجع هذا الجانب في الكثير من الخطابات والمنابر الحسينية، مما يعد نقصا ينبغي الالتفات إليه. والاعتذار بأن القائل يجب أن يطبق ما يقول قبل أن يدعو إليه، ليس بصحيح بمعني الامتناع عن الوعظ، نعم هو صحيح بمقدار ما يدفع القائل لتشديد الالتزام بما يقول.

فوظيفة المستمع أن يقبل الحكمة والحق من القائل من دون شرط عمل القائل به، وأن يأخذ الموعظة ممن قالها وإن لم يعمل بها، فعن رسول الله صلي الله عليه وآله (كلمة الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها) [4] .

كما أن وظيفة الخطيب أن يقول الحكمة والموعظة، ولا ينتظر أن يعمل بها في أعلي صورها حتي يقولها. وأدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم تقيد بعمل الآمر بها، وانتهاء الناهي عنها... مع أنه ينبغي لو أراد التأثير فالأفضل أن يقول بعد العمل، ولا يجوز أن يُفهم من هذا التشجيع علي القول ومخالفته بالعمل!!.


پاورقي

[1] سبأ 46.

[2] النحل 125.

[3] الأعراف 62.

[4] ميزان الحکمة - 2.