بازگشت

احتمال اشتباه الراوي


إن الرواية تصرح بأن حميد بن مسلم لم يكن يعرف زينب العقيلة، فسأل عن المرأة التي رآها فأخبروه أنها زينب.

والظاهر أن المجيبين كانوا أيضاً لا يعرفون زينب العقيلة، فأطلقوا كلامهم، وقبله منهم حميد بن مسلم ذاهلاً هو الآخر عن حقيقة الأمر، أو غير مصدق له لكنه لم يشأ الإعتراض عليه.

والدليل علي ما نقوله هو أن زينب الحوراء كانت مخدرة ومحجوبة عن نظر الناس إليها، فكيف يمكن أن يعرفها أفراد ذلك الجيش المشؤوم من مجرد رؤية وجهها، إن كان قد انكشف، فإن وجوه المخدرات لم تكشف إلا بعد إستشهاد الإمام الحسين (ع)، وسبي العيال و الأطفال، مع أنها لم تكن لتكشف وجهها باختيارها أمام ذلك الجيش في أي من الظروف والأحوال.

ولعل إطلاق إسم زينب في الجواب إنما هو بسبب أن اسمها كان هو المعروف المتداول لدي الجميع …

سؤال وجوابه:

غير أن سؤالاً آخر قد يلح بطلب الإجابة عليه هنا هو: أنه إذا كان ذلك هو معني كلمة: واثمرة فؤاداه وكذلك الحال إذا كانت قد قالت: واولداه، فكيف توهم ذلك المسؤول أنها زينب، وكيف قبل منه سائله هذا الجواب، وهما يعلمان: أن المقتول هو ابن الحسين. وأن زينب هي أخت الحسين، فلا يعقل أن يكون المقتول ولدها.

ويمكن أن يجاب عن ذلك:

أولاً: إنه ليس في كلامه ما يدل علي قبوله ورضاه بذلك الجواب، وإن كان قد سكت عنه فلعله أهمل الإعتراض عليه لعلمه – من خلال – هذه الإجابة بالذات – بجهله بتلك المرأة – وأنه إنما يردد اسماً سمعه كالببغاء، ولم يكن المقام مقام جدال وأخذ ورد، فإن الأمر أعجل من ذلك.

ثانياً: لعل المجيب لم يسمع ما قالته تلك المرأة في ندبها لقتيلها، فأرسل كلامه علي عواهنه، لأنه – ربما – لم يكن يُعرف في حرم الحسين إلا من إسمها زينب أخته عليه السلام.

وبالنسبة لكشف وجهها فلا يبعد أنه لم يكن يعرف أن شأن السيدة زينب يجل عن أن تكشف وجهها أمام الملاء، وربما كان يقيس الأمور علي نفسه وعلي أمثاله من الفسقة والفجرة الذين لا يرجعون إلي دين ولا ينتهون إلي وجدان…

هذا كله.. إن لم نسوغ لأنفسنا إحتمال التحريف والسهو من قبل نقلة هذه الأخبار… وقديماً قيل: ما آفة الأخبار إلا رواتها…