بازگشت

الشك في المجنون وفي شعره


والملفت للنظر هنا أمران، كل واحد منهما يجعلنا نرجح أن هذا الشعر قد نسب إلي مجنون ليلي أو مجنون بني عامر علي سبيل الإدعاء والتزوير، وهذان الأمران هما:

الأول: إن أصل وجود المجنون موضع شك.

الثاني: إن شعره المنسوب إليه كله مولد عليه، أو اكثره، وللتدليل علي ذلك نشير إلي روايات عديدة دلت علي ذلك:

ونقتصر علي ما ورد في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، ومن أراد المزيد من المصادر فعليه بمراجعة كتب الأدب والتراجم وغيرها. والنصوص التي إخترناها هي التالية:

1ـ أيوب بن عبابة يقول: سألت بني عامر بطناً بطناً عن مجنون بني عامر فما وجدت أحداً يعرفه [1] .

2ـ وعن ابن دأب أنه سأل أحد بني عامر عن وجود المجنون فأنكر وجوده وقال: هيهات بنو عامر أغلظ أكباداً من ذاك. إنما يكون هذا في اليمانية الضعاف قلوبها.. إلخ [2] .

3ـ وعن الأصمعي: رجلان ما عرفا في الدنيا قط إلا بالإسم. مجنون بني عامر، وإبن القرية وإنما وضعهما الرواة [3] .

4ـ وهناك إختلاف كثير في إسم المجنون ونسبته فراجع [4] .

5ـ وعن عوانة أنه قال: المجنون إسم مستعار لا حقيقة له. وليس له في بني عامر أصل ولا نسب، فسئل من قال هذه الأشعار، قال: فتي من بني أمية [5] .

6ـ عن ابن الأعرابي: أنه ذكر عن جماعة من بني عامر أنهم سئلوا عن المجنون فلم يعرفوه، وذكروا أن هذا الشعر كله مولد عليه [6] .

7ـ عن ابن الكلبي قال: حدثت أن حديث المجنون وشعره وضعه فتي من بني أمية كان يهوي إبنة عم له، وكان يكره أن يظهر ما بينه وبينها فوضع حديث المجنون وقال الأشعار التي يرويها الناس للمجنون ونسبها إليه [7] .

8ـ وعن أيوب بن عباية: أن فتي من بني مراون كان يهوي أمرأة منهم فيقول فيها الشعر وينسبه إلي المجنون، وأنه عمل له أخباراً، وأضاف إليها ذلك الشعر، فحمله الناس وزادوا فيه [8] .

9ـ وقال الجاحظ: ما ترك الناس شعراً مجهول القائل في ليلي إلا نسبوه إلي المجنون [9] .

10ـ عن عوانة قال: ثلاثة لم يكونوا قط ولا عرفوا: ابن أبي العقب صاحب قصيدة الملاحم، وابن القرية ومجنون بني عامر. [10] .

11ـ الأصمعي: الذي ألقي علي المجنون من الشعر وأضيف إليه أكثر من ما قاله هو [11] .

ويقول أبو الفرج: إن أكثر الأشعار المذكورة في أخباره نسبها بعض الرواة إلي غيره وينسبها من حكيت عنه إليه وإذا قدمت هذه الشريطة برئت من عيب طاعن ومتتبع للعيوب [12] .

وكل ذلك يرجح: أن تكون نسبة هذا الشعر إلي المجنون، قد جاءت علي سبيل التزوير والإفتعال كما هو الحال في كثير مما نسب إليه.

وإن الأرجح هو سرقة هذا البيت من صاحبه الأصلي، وهو ام علي الأكبر رحمها الله، ثم التصرف فيه، ثم نسبته إلي أخر هو المجنون، أو شخص آخر رأوه أولي به، لما يتضمن من حكايته لحاله أو لحالهم. إن كان المجنون شخصية وهمية صنعها رجل من بني أمية للتستر وراءها.


پاورقي

[1] الأغاني ج 2 ص 4 و 10.

[2] الأغاني ج 2 ص 4 و 10.

[3] الأغاني ج 2 ص 4.

[4] الأغاني ج 2 ص 5 و 6 و 7 و 8 و 9.

[5] الأغاني ج 2 ص 10.

[6] الأغاني ج 2 ص 10.

[7] الأغاني ج 2 ص 5.

[8] الأغاني ح 2 ص 9.

[9] الأغاني ج 2 ص.10.

[10] الأغاني ج 2 ص 10.

[11] الأغاني ج 2 ص 11.

[12] الأغاني ج 2 ص 11.