بازگشت

التفت اسم مكان


ويا ليت الشهيد السعيد لو صحت النسبة إليه ذكر لنا المصدر الذي إعتمد عليه حين قال: إن التفت هو إسم المكان الذي كان يقيم فيه بنو عامر بن صعصعة… فإن كلمة التفت لم نجدها فيما بأيدينا من كتب الجغرافيا، والبدان، واللغة، والتاريخ، والأدب التي تحدثت عن بني عامر ومساكنهم ومنازلهم.

ولا ندعي أننا قد إستقرأناها جميعاً، بل إننا نقول إن إطلاعنا علي المصدر يعطينا الفرصة لمحاكمة هذه المقولة وللبحث في مدي صحة الإعتماد عليها. وبدون ذلك فإنها تكون دعوي تبقي عهدتها علي مدعيها، وهي حجة عليه، ولا تلزم الآخرين بشيء … خصوصاً مع إحتمال أن يكون رحمه الله قد إستفاد ذلك بطريقة إجتهادية مما يذكره المؤرخون حول مساكن بني عامر بن صعصعة، وهم قوم قيس بن الملوح.

فقد قال عمر رضا كحالة: كانوا كلهم بنجد، ثم نزلوا ناحية من الطائف، مجاورين لعدوان أصهارهم، فنزلوا حولهم… إلي أن قال: فكانت بنو عامر يتصيفون الطائف لطيبها وثمارها، ويتشتون بلادهم من أرض نجد لسعتها، وكثرة مراعيها، وإمراء كلئها، ويختارونها علي الطائف… [1] .

وفي نصوص أخري: أنهم كانوا بذي سلم، وهو واد منحدر علي الذنائب، والذنائب في أرض بني البكاء علي طريق البصرة إلي مكة [2] وذلك لقول مجنون بني عامر:



أيا حرجات الحي حيث تحـــملوا

بذي سلم لا جـــــــادكن ربيع



وخيماتك اللاتي بمنعرج اللوي

بلين بلي لم تبلهن ربوع [3] .



وقيل: إن ليلي تزوجت في ثقيف [4] وقيل بل تزوجها ورد العقيلي [5] .

وذكروا أيضاً أن ليلي كانت تنزل بجبلي نعمان، وهما جبلان قرب مكة، وقد قال قيس بن الملوح في ذلك:



أيا جبلي نعمان بالله خليَّا

سبيل الصبا يخلص إليَّ نسيمها [6] .



و نحتمل أن يكون الشهيد مطهري – لو صحت نسبة الكلام إليه - قد أخذ كلمة التفت من كلمة التوباد علي أن يكون قد قسم هذه الكلمة إلي قسمين أحدهما كلمة التو والفارسي يلفظ الواو كالفاء، فتصير التف والأخري كلمة باد، التي تعني بالفارسية الهواء وكلمة تو بمعني داخل.

لكن إضافة التاء الثانية تبعد هذا الإحتمال، وتقرب احتمالاً آخر، وهو أن يكون الأصل: (تفت باد) فكلمة: تفت تعني بالفارسية الحرارة، فلعله رحمه الله قد إعتبر أن المراد من الكلمتين هو الهواء الحار في إشارة إلي حرارة تلك المنطقة التي سميت بهذا الإسم. وأن تركيب الكلمتين (تفت باد) مع بعضهما البعض، وإعطائهما طابع اللغة العربية قد إقتضي إسقاط التاء الثانية، فصارت الكلمة هكذا: التوباد.

نقول ذلك علي أساس أن بني عامر كانوا يسكنون قرب جبل التوباد في نجد، وقد قال مجنون بني عامر قيس بن الملوح:



واجهشت للتوباد حين رأيتــه

وكــــــبر لـلـرحمـان حين رآني



وأذريت دمع العين لما رأيته

ونــادي بـأعـلي صوته فدعاني



فقلت له قد كان حولك جيرة

وعهدي بذاك الصرم منذ زمان



فقال مضوا إلخ. [7] .


پاورقي

[1] معجم قبائل العرب ج 2 ص 708 و 709.

[2] معجم البلدان ج 3 ص 8 وفيه أيضا أنها ثلاث هضبات بنجد، وهي عن يسار فلجة مصعداً إلي مکة.

[3] الأغاني ج 2 ص 27 وسيرا علام النبلاء ج 4 ص 6 و 7 و المنظم الجوزي ج 6 ص 104 وتاريخ الإسلام حوادث سنة 61 ـ 80 ص 217.

[4] الأغاني ج 2 ص 44 و 51 و 57.

[5] الأغاني ج 2 ص 15.

[6] راجع الأغاني ج 2 ص 26.

[7] الأغاني ج 2 ص 49 وراجع ص 48 ومعجم البلدان ج 2 ص 64.