بازگشت

الشعر والمبالغة


إن من الواضح: أن من أهم مظاهر الشعر وميزاته، هو إستخدام أسلوب المبالغة فيه، وإطلاق عنان الخيال للتجوال في الآفاق الرحبة، وليقتنص من هنا وهناك صوراً جمالية فاتنة رائعة.

ولنأخذ مثالاً توضيحياً علي ما نقول: موضوع التشبيه وهو أبسط ما ينحو إليه الشاعر والناثر علي حد سواء، فإذا وجدنا الشاعر يشبه رجلاً بالأسد في قوته وشجاعته وإقدامه، أو يشبهه بالجبل الأشم، في ثباته، وشموخه وعظمته، فإنه يفعل ذلك دون أن يخطر له علي بال ما للأسد من أنياب ولبد، وهيئات، وحالات، أو ما في الجبل، من شجر وحجر، وتراب، و مسارب، وشعاب.

وهذا يوضح أن القصد من ذكر زراعة طريق الطف بالريحان ليس هو إنشاء نذر شرعي بالقيام بزراعة حقيقية لهذا الطريق، وإنما المراد تصوير مدي الحرص علي رجوع ذلك الولد الحبيب والغالي إلي أحضان والدته، ومدي تلهفها لرؤيته، وحقيقة الأسي الذي تعاني منه جراء فراقه.

وهو أمر تستحق لأجله الإحترام والإكبار بلاشك.

وإن من مظاهر كمال المرأة أن تملك هذه العاطفة النبيلة والجياشة، ولن يستطيع أحد أن يصفها بالحمق ولا بغيره من أوصاف السوء، مهما كان إنتماؤه الديني، وأياً كانت نظرته الإيمانية والعقائدية …