بازگشت

شواهد اخري من الكتاب


ثم إن من يراجع كتاب الملحمة يخرج بحقيقة: أن الكتاب لا يمكن أن يكون من تأليف الشهيد مطهري رحمه الله. اذا لا يمكن لمفكر يحترم نفسه، وقد بلغ هذا المقام الرفيع من المعرفة، والخبرة بالشأن الثقافي، وفن التأليف أن يقدم للناس كتاباً بمواصفات كتاب الملحمة الحسينية.

ونستطيع أن نخلص بعض ما نرمي اليه ضمن النقاط التالية:

أولاً: ان طائفة من النصوص قد جاءت بطريقة غير مألوفة فقد وردت في الكتاب علي ثلاثة أنحاء.

أحدها: أنه أورد كلاماً كثيراً للعقاد، وللصالحي، ولغيرهما. بالإضافة الي نصوص كثيرة هنا وهناك أيضاً، ولكنه لم يعلق عليها بشيء. فلماذا؟!

الثاني: أنه يورد أحياناً نصوصاً ويعلق عليها، ولكنها تعليقات مجتزأة، وموجزة جداً، وقد جاءت علي شكل نتف متناثرة، أو تعليقات تحتاج إلي مزيد من المعالجة؛ لإنضاج نتائجها بشكل حاسم وقوي. وهذا كثيراً أيضاً..

الثالث: إنه يفيض في تحليل نصوص أخري أيضاً، ويوفيها البحث والمناقشة بما لا مزيد عليه..

فلماذا هذا التفاوت والإختلاف في المعالجة ومستوياتها.

ثانياً: إن المعروف عن الشهيد السعيد العلامة المطهري: أنه حين يطرح الشبهة فإنه يلاحقها بالنقد القوي، وبالنقض والإبرام، ويشحن ذهن القارئ او السامع بالشواهد والدلائل..

ولكننا نري في بعض فصول هذا الكتاب كمَّاً كبيراً جداً من التساؤلات والشبهات الحساسة الي درجة كبيرة قد طرحت، من دون أن يقدم أية إجابة عليها [1] .

وقد سردت علي القارئ بطريقة تجعله يستفظع الأمر، وينبهر أمام عددها الكبير، ويسقط في مواجهتها، ويأخذ عليه إتقانها، وتفريعاتها الحاصرة كل المهارب والمسارب، حتي يقع فريسة الحيرة القاتلة، ولتلج الشكوك – من ثم – في عقله وفكره، دونما سدود، أو حدود، فتفتك في يقينياته، وتعيث فساداً فيما لديه من مسلمات ايمانية، فطرية، وعقلية، ووجدانية.

ثالثاً: ان الكتاب يعاني من خلل كبير في سبك وترصيف مطالبه، فتارة تظهر المطالب فيه بمثابة كشكول، حيث تذكر الفكرة القصيرة والصغيرة الي جانب المفصلة والكبيرة مع عدم وجود أي ربط بينهما.

وأخري تظهر الفكرة في حلة الخطابة والخطابيات.

وثالثة يظهر عليها اسلوب تأليف وتصنيف له منهجيته، وأهدافه، يتميز بالموضوعية، والرصانة..

وبعبارة أخري: تأتي المطالب تارةً علي شكل نتف وتعليقات، وأخري علي شكل بحوث وتحقيقات، وثالثة علي شكل خطابة وخطابيات.

ثم انك تارة تراه يورد نصوصاً مختلفة، ومن دون تعليق، وأخري يوردها مع تعليقات.

وتارة تأتي التعليقات موجزة، وتارة تأتي مطولة مسهبة.

وبينما هو: يوجز إلي درجة الإخلال تجده يطنب ويسهب الي حد الإملال.

كما أنه تارة يجيب علي كل سؤال يثيره مهما كان بسيطاً، أو غير بسيط، بل ولو كان في غاية التعقيد.

وأخري يطرح عشرات الأسئلة الهامة جداً، ولا يجيب علي شيء منها..

رابعاً: اضف الي ذلك كله، ان هذا الكتاب يعاني من مشكلة التكرار لبعض مطالبه بكل تفصيلاتها، وبمختلف نصوصها، وتقسيماتها - تقريباً – رغم أنها تستغرق صفحات كثيرة...


پاورقي

[1] راجع: الملحمة الحسينية ج3 من ص 181 حتي ص 186.