بازگشت

علينا ان نخطط للبكاء في عاشوراء


اما بالنسبة للبكاء علي الامام الحسين عليه الصلاة والسلام، فما هو إلا للتعبير عن توفر حالة من الاثارة العاطفية، التي تعني استجابة المشاعر و الاحاسيس ليقظة وجدانية، وحياة ضميرية، اثارتها مأساة لا يجد أحد في فطرته، ولا في عقله، ولا في وجدانه أي مبرر لها.

اذن فحياة الوجدان، ويقظة الضمير، تجعل المنبر الحسيني قادراً علي الاسهام الحقيقي في صنع المشاعر، و في صقلها، وبلورتها، باعتبارها الرافد الاساس للايمان، و الحافظ له من ان يتأثر بالهزات، او ان ينهار امام الكوارث والازمات.

هذا الايمان الذي يفترض فيه ان يكون مرتكزاً الي الرؤية اليقينية، والي الوضوح والواقعية؛ لان الفكر الذي لا يحتضنه القلب، ولا ترفده المشاعر لن يتحول الي ايمان راسخ، ولن يكون قادراً علي ان يفتح امام هذا الانسان آفاق التضحية و الفداء، و الإيثار، و الجهاد، وسائر المعاني والقيم الكبري، التي يريد الله للإنسان ان يقتحم آفاقها بقوة وعزيمة، وبوعي وثبات.

و ذلك يحتم علينا - اذا كنا نشعر بالمسؤولية ان نخطط لهذا البكاء الذي يحيي الضمير ويطلق الوجدان من أسر الهوي، و من عقال الغفلات، و يبعده عن دائرة الهروب، و اللامبالاة. كما خطط الائمة عليهم السلام لذلك حين أقاموا مجالس العزاء هذه، بل لقد روي ان الامام الرضا عليه السلام قد شارك دعبلاً ببيتين من الشعر يكون بهما تمام قصيدته، بما لها من المضمون الحزين المثير للبكاء.

ولتكن قصة ذبح ابراهيم لإسماعيل، و قصة حجر بن عدي الذي عمل علي ان يقتل ولده قبله، وكذلك الامام الحسين و اصحابه و اهل بيته في كثير من مفردات كربلاء. ثم ما جري علي سيدة النساء، و علي أمير المؤمنين، و علي الامام الحسن عليهم السلام و سائر مواقف الجهاد والتحدي - نعم ليكن ذلك كله وسواه هو تلك الوسائل والمفردات التي أراد الله لها ان تخدم ذلك الهدف السامي والنبيل.