بازگشت

حجم التزوير


وفي حين اننا لا ننكر وجود شاذ نادر حاول ان يزور، أو يحرف او يختلق أمراً، أو ان ينسج من خياله تصويراً لمشهد بعينه، لكننا نقول: ان هذا النوع من الناس في ندرته، وفي قلته، وفي حجم محاولاته، وفي تأثيره اشبه بالشعرة البيضاء في الثور الأسود؛ فلا يمكن ان يبرر ذلك اطلاق تلك الاحكام العامة والشاملة الهادفة الي نسف الثقة بكل شيء..

نقول هذا، وكلنا شموخ واعتزاز لإدراكنا ان عاشوراء حدث هائل، بدأت ارهاصاته منذ ولد، وحتي قبل ان يولد الامام الحسين عليه السلام، واستمرت الارتجاجات التي احدثها تتوالي عبر القرون والاحقاب، ولسوف تبقي الي ان يرث الله الارض ومن عليها..

وقد اشتمل هذا الحدث نفسه بالاضافة الي ارهاصاته، وتردداته، وآثاره، علي مئات الحوادث، والتفصيلات، والخصوصيات الصغيرة، والكبيرة، والمؤثرة علي أكثر من صعيد، وفي اكثر من مجال..

ولكن.. و برغم هذا الاتساع والشمول، فان أحداً لم يستطع، ولن يستطيع - مهما بلغ به الجد - أن يثبت علمياً أياً من حالات التزوير او الخرافة، إلا الشاذ النادر الذي يكاد لا يشعر به أحد بالقياس الي حجم ما هو صحيح وسليم، رغم رغبة جهات مختلفة بالتلاعب بالحقيقة، وبالتعتيم عليها، وذلك لشدة حساسية هذا الحدث، وتنوع مراميه، وتشعب مجالاته، واختلاف حالاته وتأثيراته..

وحتي، الذين ينسب اليهم انهم اسهموا في اثارة هذه الحملة الشعواء، يسجلون هذه الحقيقة بوضوح، ويعتزون بها، فيذكر الكتاب المنسوب الي الشهيد المطهري عن المرحوم الدكتور آيتي قوله: ان تأريخ أبي عبدالله الحسين عليه السلام يعتبر نسبة الي كثير من التواريخ الاخري تاريخاً محفوظاً من التحريف، ومصاناً منه [1] .

و ذلك إن دل علي شيء فهو يدل علي ان الله سبحانه قد حفظ هذا الدم الزاكي ليكون هو الحافظ لهذا الدين، فأراد له أن يبقي مصوناً صافياً نقياً الي درجة ملفتة و ظاهرة.

ويتجلي هذا اللطف الالهيّ، و العناية الربانية، حين تفاجؤنا الحقيقة المذهلة، وهي انه حتي تلك الموارد النادرة جداً التي يدعيها هذا البعض لم تدخل في تاريخ كربلاء؛ لانها قد جاءت مفضوحة الي درجة انها تضحك الثكلي، وتدعو الي الاشمئزاز والقرف..

وذلك من قبيل قولهم - كما سيأتي -: ان عدد جيش يزيد في عاشوراء كان مليوناً وست مئة الف مقاتل.. وان الامام الحسين عليه السلام قد قتل منهم بيده ثلاث مئة الف.. وان طول رمح سنان بن أنس، الذي يقال: انه احتز رأس الحسين عليه السلام كان ستين ذراعاً.. وان الله قد بعثه اليه من الجنة.. وكذلك الحال بالنسبة لعرس القاسم.

وظهر بذلك مصداق قول رسول الله صلي الله عليه وآله في الحسين عليه السلام: انه مصباح هدي، و سفينة نجاة [2] .

فصدق الله، وصدق رسوله، وصدق اولياؤه الابرار، الطاهرون، والائمة المعصومون..


پاورقي

[1] الملحمة الحسينية ج3 ص 236 عن کتاب: تحليل تاريخ عاشوراء ص 151.

[2] فرائد السمطين ج2 ص155 واحقاق الحق، قسم الملحقات ج14 ص62 و کمال الدين و تمام النعمة ج1 ص265 وعيون اخبار الرضا ج1 ص60 والبحار ج36 ص 205.