بازگشت

الاستهجان لا يصلح اساسا للرفض


بديهي أن استهجان أمرٍ من الأمور لا يصلح دائماً أساساً لردّه، والحكم عليه بالبطلان، إلا إذا نشأ هذا الاستهجان من آفة حقيقية يعاني منها النص في مدلوله، توجب إثارة حالة من الشك والريب فيه.

أما إذا كان منشأ هذا الاستهجان هو عدم وجود تهيؤ نفسي وذهني لقبول أمر ما، بسبب فقد الركائز والمنطلقات التي تساعد علي توفر مناخ الوعي والاستيعاب للحقائق العالية، والمعاني الدقيقة.. فان هذا الاستهجان لا يصلح أساساً لإيجاد ولو ذرّة من الشك، والريب، والتردد في صدقية النص، أو في أي شيء مما يرتبط به.

ولنأخذ مثالاً علي ذلك تلك الأمور التي ترتبط بمقامات الأولياء والأصفياء التي يحتاج وعيها وإدراك آثارها بعمق إلي سبق المعرفة اليقينية بمناشئها ومكوناتها.

وكذلك الحال فيما لو استند هذا الاستهجان الي افتراضات غير واقعية، فيما يرتبط بالمؤثرات، والبواعث والحوافز لنشوء حدث تاريخي مّا.

وفي كلتا هاتين الحالتين فان المطلوب هو الإعداد الصحيح، والتشبث بالمعرفة اليقينية لكل العناصر المؤثرة في تكوين التصور السليم، بعيداً عن أسر التصورات الارتجالية والخاطئة، التي تدفع إلي الاستهجان غير المسؤول، ثم إلي الرفض غير المنطقي ولا المقبول.

وإن الإعداد القوي والرصين لإنجاز عمل معرفي، وتربية ايمانية، وروحية، وإعداد نفسي، يهيّيء لتحقيق درجة من الانسجام بين المعارف الإيمانية ويقينياتها، وبين ما ينشأ عنها من آثار وتجليات في حركة الواقع، وفي الوعي الرسالي للأحداث نعم، إن الإعداد لإنجاز هذا المهم يعتبر أمراً ضرورياً ولازماً، وله مقام الأفضلية والتقدم بالقياس إلي ما عداه من مهام.

وبدون ذلك فإننا سنبقي نواجه حالة العجز عن التعبير الصادق والصريح عن تجليات الواقع، واستجلاء آفاقه الرحبة.