بازگشت

عقيدة الارجاء


من الأفكار و العقائد الدخيلة علي الاسلام و التي عمل معاوية و سائر الأمويين علي تزويجها و تأصيلها في حياة المسلمين عقيدة الارجاء.

و المرجئة هم الذين يعتقدون بان الايمان تصديق بالقول دون العمل، و يقولون في مرتكب الكبيرة بالتوقف في الحكم عليه و ارجاء الأمر له سبحانه، و يعني ذلك أن الناس ليس من حقهم أن يحاسبوا صاحب الكبيرة، بل أمره راجع الي الله تعالي في الآخرة.

و هذا النوع من التفكير يخدم معاوية و سائر بني امية، بل و كل ظالم في التاريخ: لأن هذه العقيدة توحي الي الأمة أنها ليس من حقها محاسبة معاوية علي ما يفعل من ظلم و جور بسفك الدماء و هتك الحرمات، بل يكفيهم منه أن يعلن بلسانه كلمة الاسلام أو الايمان و ليتركوا حسابه علي الله تعالي في الآخرة.

و من أهداف هذه العقيدة تعطيل عملية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر التي متي ما عطلت فقدت الأمة شخصيتها و تحولت الي أمة ميتة و أصبحت ألعوبة في أيدي الظالمين.

و قد حارب أهل البيت عليهم السلام هذه الأفكار الدخيلة علي الاسلام من أجل ألا تفقد الأمة روح الوقوف في وجه الانحراف و المنكر، و لتبقي تشعر بمسؤوليتها تجاه حركة التغيير التي ينشدها الاسلام.

و يبدو هذا البعد واضحا من بيانات الثورة الحسينية، فقد حاول أبوالأحرار في مسيرته الاستشهادية أن يحرك الأمة و يبعث فيها روح القيام معه من أجل تغيير واقعها السي ء. قال عليه السلام:

» أيها الناس، ان رسول الله صلي الله عليه و آله قال: من رأي سلطانا جائرا


مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله صلي الله عليه و آله، يعمل في عباد الله بالاثم و العدوان فلم يغير عليه بفعل و لا بقول كان حقا علي الله أن يدخله مدخله، ألا و ان هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان و تركوا طاعة الرحمن و أظهروا الفساد و عطلوا الحدود و استأثروا بالفي ء و أحلوا حرام الله و حرموا حلاله، و أنا أحق من غير» [1] .

ففي هذا البيان وضع أبوالأحرار الأمة بكل أجيالها أمام المسؤلية الشرعية و التاريخية تجاه ما تعيشه من أوضاع تحتاج فيها الي مواقف التغيير. و كما نراه واضحا أن هذا المنطق الحسيني ينسجم تمام الانسجام مع الفكر القرآني.



پاورقي

[1] تاريخ الطبري ج 4 ص 304 طبع العلمي بيروت، تحف العقول ص 505 و بحارالأنوار ج 44 ص 382 و العوالم الامام الحسين ص 232 و اللفظ للأول.