بازگشت

التوحيد


» ان الحسين يشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له» [1] .

ان الفكر التوحيدي في الاسلام هو المحور لجميع المسائل الفكرية و كافة الأبعاد التشريعية، و انما هدف الرسالة الاسلامية هو أن تبني الحضارة الانسانية علي قاعدة التوحيد، و تقيم حياة الانسان في كل أبعادها الفردية و الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و الأخلاقية علي قاعدة التوحيد الالهي.

و قد اختصر الاسلام هذا الفكر في كلمة التوحيد و هي: (لا اله الا الله)، هذه الكلمة القصيرة في لفظها البعيدة الغور و الواسعة المعني في دلالتها، فهي تتكون من جانبين جانب النفي (لا اله) و جانب الاثبات (الا الله)، فحينما يقر بها الانسان المسلم و يعتقد بها فانه أولا ينفي كافة الآلهة المصطنعة و يرفضها، سواء كان ذلك الاله المصطنع يتمثل في وثن من الحجر أو صنم من البشر و طاغوت من الطواغيت، أو يتمثل في صنم النفس و هواها، فكل ذلك مرفوض عند الانسان المسلم.

و حينما ترفعها الامة شعارا في حياتها و تجعلها قاعدة لحضارتها فهي ترفض أولا أي مخلوق يجعل أو يجعل نفسه في مقام الاله علي أي مستوي من المستويات.

بعد هذا النفي المطلق و الرفض التام يأتي جانب الاثبات (الا الله)، فهي تعني: لا


خالق و لا رازق بالذات و لا رب و لا مدبر و مطاع بالذات و لا مشرع الا الله تبارك و تعالي.

هذه القاعدة التي اذا انطلقت منها الأمة و جعلتها الأساس لحضارتها فانها تمنحها القوة و توفر لها عوامل الحرية و الكرامة.

و الامة مكلفة بتحقيق و اقامة المسألة التوحيدية بكل أبعادها و حيثياتها علي مستوي الايمان و الاعتقاد، و علي مستوي العمل بكل متطلبات هذه المسألة في حياتها. و متي ما عطل بعد من أبعاد التوحيد فان حياة الامة سوف تبقي ناقصة من الناحية الاسلامية و تعود الصورة غير مكتملة الجوانب، و بالتالي فان الامة سوف تتعرض لعملية المسخ و التمزيق من قبل أعدائها كما نشاهده بالوجدان في وضع الامة في العصر الراهن لما عطلت جوانب من المسألة التوحيدية كتوحيد الحاكمية و التشريع الالهي استبدلت بالقوانين الوضعية و التشريعات الأرضية، فأنتج ذلك أن صار المسلمون يعيشون وضعا هزيلا أمام أعدائهم الي حد امتهان الكرامة و فقدان العزة التي يريدها الله و رسوله لهذه الأمة.

و أما في ماضي تاريخ هذه الأمة فانها تعرضت في صدر تاريخها الي محاولات لمسخ شخصيتها و حرف مسيرتها، و ذلك لما توصل الامويون الي كرسي الحكم و أصبحوا يشكلون أعظم خطر علي الاسلام، كما حذر منهم أميرالمؤمنين علي عليه السلام:» ان أخوف الفتن عليكم عندي فتنة بني امية.»

و لما أصبحت الأمة في قبضتهم عملوا بكل جهدهم علي تغيير شخصيتها و حرف مسيرتها، و لما كانوا لا يجرؤون علي مقاومة شعار (لا اله الا الله محمد رسول الله) لأنهم انما يحكمون المسلمين باسم هذا الشعار، عملوا علي خلخلة فكر الامة من


خلال ايجاد خطوط فكرية دخيلة علي الفكر القرآني و التي تخدمهم و تدعم سلطانهم، أمثال:


پاورقي

[1] تقدمت مصادره في ص 18 هامش 1.