بازگشت

الخلق العظيم


حِجْرُ الزهراء فاطمة بنت الرسول ذي الخلق العظيم، هو خير مهد لتربية أولادها علي ذلك الخلق، وأكرم به.

ولكن لمّا رأت الزهراء والدها الرسول محتضراً، وعلمتْ من نبئهِ بسرعة لحوقها به، هبّتْ لتستمدّ من الرسول لأولادها الصغار المزيدَ من ذلك.

واجتهدتْ أن تطلبَ من أبيها علانية ـ حتّي يتناقل حديثها الرواة ـ أن يُورِّث ابنيها:

[55 ـ 57] أتَتْ فاطمةُ بنت النبي صلّي الله عليه وآله وسلّم بابنيها إلي رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم ـ في شكواه التي توفّي فيها ـ فقالت: يا رسول الله، هذانِ ابناكَ، تورّثهما شيئاً؟ ـ أو قالت: ـ ابناك وابناي، انحلهما.

قال صلّي الله عليه وآله وسلّم: نعم.

أمّا الحسن: فقد نحلتُه هَيْبتي وسُؤددي.

وأمّا الحسين: فقد نحلتُه نَجدتي وجُودي.

قالتْ: رضيتُ، يا رسول الله [1] .


لقد ذكّرتْ الزهراءُ فاطمةٌ أباها الرسولَ بالإرث منه. فوافقها بقوله: «نعَم».

ولم يقل لها: «إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث».

فإنّ الزهراءَ الوارثة أوْلي بأنْ يُذكر لها عدم الإرث، لو كان، ومع أنّ ابنيها الحسنين لا يرثان من حيث الطبقة من جدّهما، مع وجود امّهما بنت النبي ـ فالنبي كذلك لم يعارض ابنته في طلبها، بل قال لها: «نعم».

لكن الذي يخلُد من إرث النبيّ هو الخلُق العظيم، دون حُطام الدنيا الزائل، وهو أشرف لهما، ولذلك رضيت الزهراءُ لابنيها من الرسول إذ نحلهما ـ أيضاً ـ أهمّ الصفات الضروريّة للقيادة الإلهيّة:

الحلم، والصبر علي الشدائد، والهيبة، والسؤدد، والجلالة، للحسن الممتَحن في عصره بأنواع البلاء،فأعطاه ما يحتاجه الأئمّة الصابرون.

والشجاعة، والجرأة، والنجدة، والجود، للحسين الثائر في سبيل الله، لإعلاء كلمته، فأعطاه ما هو أمسّ للأئمة المجاهدين.


پاورقي

[1] مختصر تاريخ دمشق، لابن منظور: (7:118).