بازگشت

المقدمة


الحمدُ لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام علي سيّد الأنبياء والمرسلين محمّد صلّي الله عليه وآله وسلّم، وعلي الأئمّة الأطهار من آله الأخيار، وعلي الأبرار من أصحابهم والتابعين لهم بإحسان.

علي سيرتي في المناسبات والأحداث، وأنا ألتزمُ بقراءة ما يخصّها، لأتعرّف علي مجرياتها ومداخلاتها، رغبةً في العلم، وأملاً في أنْ اُؤدّي حقّ ما أقوم به من خدمات دينيّة وتراثيّة أعتزُّ بها...

بدأتُ في أوّل يوم من شهر محرّم الحرام سنة 1415 بقراءة الجزء الخاصّ بترجمة الإمام السبط الشهيد سيّدنا أبي عبدالله الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، من كتاب «تاريخ دمشق» تأليف الحافظ المؤرّخ الدمشقي ابن عساكر، علي بن الحسن بن هبة الله (499 ـ 571).

وهو كتاب حافلٌ بالروايات التي أسندها ابن عساكر، المعروف بسعة العلم، والتضلّع في الفنّ، بما يجعله جديراً بكلّ عناية واهتمام.

وقد ناهزتْ أحاديثُ هذه الترجمة، حسب ترقيم محقّق الكتاب «400» حديثاً، ترتبط بالإمام الحسين عليه السلام وشؤون حياته: سمات، وسيرة، قبل كربلاء، وفيها، وبعدها.

والكتاب ـ مثله مثل سائر المؤلّفات القديمة ـ يعتمد اُسلوب الإسناد، فيُكثر من الأسانيد ويعدّدها ويكرّرها، الأمر الذي له أهمّيته وضرورته في مجال النقد والتقييم للتراث، إلاّ أنّه يجعله شاقّاً علي غير العلماء والمتخصّصين، أن يراجعوه ويستفيدوا منه، لاستثقالهم لمثل هذا الاُسلوب التراثي، فلا يُقدمون علي اقتناء مثله، ولا يستسيغون مطالعته والاستفادة منه، فعزّ عليَّ أنْ يبقي هذا الكتاب وما فيه من ثروة حديثيّة وعلميّة بعيداً عن متناول أكثر محبّي المعرفة....

فقمتُ باستخلاص الأحاديث من ذلك الكتاب العظيم، وعمدتُ إلي تنظيمها بشكل يستذوقه عامّة القُرّاء.


ولمزيد التيسير، والرغبة في متابعتها، وضعت كلّ حديث في إطار معيّن، يحدّد الأبعاد المنظورة ـ وحتي غير المنظورة ـ لمؤدّاه، ممّا يتوقّف عليه فهمُ النصّ: لغوياً، وتاريخياً، وعقائدياً، ومنهجياً، كي لا يبقي النصُّ جامداً، ولا مبهَماً، في صورة بُعده عن القرائن الحالية أو المقالية، المتوافرة في بيئات صدوره، وربّما في بيئات اُخري لها الصلة الوثيقة بالنصّ ومدلوله، ممّا يفرض ذكر القرائن، وضرورتها لتوضيح النصّ وفهمه.

أمّا غير «تاريخ ابن عساكر» فقد التزمتُ بعدم النقل منه، إلاّ بعض الشؤون التي اعتمدتُ فيها أساساً علي كتاباتي السابقة، وخصوصاً ما احتوي منها علي قضايا «حسينيّة».

ورغم أنّ عملي هذا متواضعٌ، فإنّ أملي بالله واسعٌ: أَنْ يتقبّلَهُ بقبول حَسَن، فأحظي أنْ يؤهّلني لشفاعة الحسين عليه السلام يوم الورود، وأنْ يثبّتَ لي قدمَ صدق عنده، مع الحسين، وأصحاب الحسين، الذين بذلوا مُهَجَهم دون الحسين عليه السلام.

حرّر في محرّم الحرام سنة 1415

وكتب

السيد محمّد رضا الحسيني

الجلالـــي