بازگشت

شهربانو ابنة من ؟


المشهور بين المؤرخين هو ان ام الإمام السجاد (ع) هي ابنة يزدجرالثالث (آخر أكاسرة الفرس ).

ونسجل هنا اقوال بعضهم :

1 ـ إن اقدم المؤرخين الذين يرون أن أم الإمام السجاد (ع) هي ابنة يزدجر الثالث هو «اليعقوبي » الذي ألّف كتابه في حدود النصف الثاني من القرن الثالث الهجري ، واثبت الحوادث حتّي عام 299 ه. وقد كتب في ترجمة الإمام الحسين بن علي (ع) يقول :

«وكان للحسين (ع) من الولد علي الاكبر.. وعلي الاصغر وامه حراربنت يزدجرد وكان الحسين سمّاها غزالة ».

2 ـ كتاب «فرق الشيعة » لذي الّف مقارناً لتاريخ اليعقوبي أو بعده بقليل ، ونُسب إلي الحسن بن موسي النوبختي وسعد بن عبد الله بن ابي خلف الاشعري القمي ، وكلاهما توفيافي اوائل المائة الرابعة ، وقد جاء في هذا الكتاب : «ولد ـ علي بن الحسين (ع) ـ في سنة 38 من الهجرة ، و امه ام ولد تسمي سلافة وكانت قبل أن يأسرها المسلمون العرب تسمي جهانشاه ، و هي ابنة يزدگرد آخر ملوك إيران ابن خسرو برويز بن هرمز».

3 ـ روي ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني من كبار المحدثين من علماء الشيعة المتوفي سنة 329 هجرية ، في كتابه «الكافي » الذي كتبه مقارناً لفرق الشيعة او بعده بقليل ، روي عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر (ع) قال : لما أُقدمت بنت يزدجر علي عمر، أشرف لها عذاري المدينة وأشرق المسجد بضوئها لما دخلته . فلما نظر إليها عمر غطّت وجه ها وقالت : «أبيروج بادا هرمز» فقال عمر: اتشتمني هذه ؟! وهم ّ بها! فقال له أمير المؤمنين (ع): ليس ذلك لك ، خَيّرها رجلاً من المسلمين واحسبها بفيئه . فخَيّرها، فجاءت حتّي وضعت يدها علي رأس الحسين (ع)، فقال لها أمير المؤمنين (ع): ما اسمك ؟ فقالت : جهانشاه ، فقال لها أمير المؤمنين (ع): بل شهربانويه . ثم قال للحسين (ع): يا أبا عبد الله ليولدن ّ لك منها خير اهل الارض . فولدت علي بن الحسين (ع). وكان يقال لعلي بن الحسين (ع): ابن الخِيرتين ، فخيرة الله من العرب هاشم ، و من العجم فارس .

4 ـ وجاء في كتاب «تاريخ قم ».

«عدد اولاده : علي الاكبر الذي هو من بطن شهربانويه ابنة يزدجرد بن شهريار بن شيرويه بن كسري أبرويز وعلي الاصغر الذي قتل في كربلاء».

ويقول أيضاً:

«وكني الإمام زين العابدين بأبي محمد وابي بكر وأبي القاسم أيضاً،وقد ولد سنة سبع وثلاثين من الهجرة ، واُمه شهربانويه بنت يزدجرد بن الملك ، وهي توفّيت في داء مخاضها بالامام زين العابدين (ع). و توفي الإمام زين العابدين في سنة خمس وتسعين ، وكان عمره سبع وخمسون عاماً واربعة عشر يوماً، وبرواية اخري كانت وفاته في شهر محرم سنة اربع وتسعين ، ومدة عمره خمس وخمسون سنة ً، وكانت امه ام ولد تدعي سلامة واسمها جهانشاه بنت يزدجرد».

5 ـ و حدّث الشيخ الصدوق بن بابويه المتوفي 381 هـ في كتابه عيون اخبار الرضا (ع) بسنده عن سهل بن القاسم النوشجاني قال :

«قال لي الرضا (ع) بخراسان : إن ّ بيننا وبينكم نسباً، قلت : و ما هو أيها الامير؟ قال : ان عبد الله بن عامر بن كريز لما افتتح خراسان اصاب ابنتين ليزدجرد ابن شهريار ملك الاعاجم فبعث بهما إلي عثمان بن عفان ،فوهب احداهما للحسن والاخري للحسين (ع) فماتنا عندهما نُفَساوين ،وكانت صاحبة الحسين نفست بعلي بن الحسين ، فكفل عليا بعض امهات ولد ابيه ، فنشأ و هو لا يعرف اُمّاً غيرها، ثم علم أنها مولاته ، فكان الناس يسمّونها امه و زعموا أنه زوّج امه ! و معاذ الله! انما زوّج هذه علي ماذكرناه ».

6 ـ وقال الزمخشري (467 ـ 538) في كتابه «ربيع الابرار»:

«اِن قريشاً لم يكونوا يعبأون باولاد الإمام حتّي ولد ثلاثة من خير أهل الارض في زمانهم من امهاتهم وهن امهات اولاد: علي بن الحسين والقاسم بن محمد بن أبي بكر و سالم بن عبد الله بن عمر. وكانت قصة هؤلاء انه : لما اُتي بسبي فارس في خلافة عمر بن الخطاب كان فيهم ثلاث بنات ليزدجرد، فباعوا السبايا، وأمر عمر ببيع بنات يزدجرد، فقال له علي (ع): إن ّ بنات الملوك لا يعاملن معاملة غيرهن ! فقال عمر: وكيف الطريق إلي العمل معهن ؟ فقال علي (ع): تقوّمهن ، فمهما بلغ ثمنهن ّ قام به من يختارهن . فقوّمن فأخذهن ّ علي (ع)، فدفع واحدة لولده الحسين (ع) فولدت له علياً زين العابدين (ع)، وواحدة لعبدالله بن عمر فولدت له سالماً، وواحدة لمحمد بن أبي بكر فولدت له القاسم ، فهؤلاء الثلاثة بنوخالة .

7 ـ وجاء في كتاب «مجمل التواريخ و القصص »:

«وكان اسم امّه : شهرناز بنت يزدجرد الملك . وبرواية اخري قالوا:هي ابنة الملك سنجان ملك فارس . وقيل ملك هراة والرواية الاولي اصح ».

8 ـ كتب كيكاووس بن اسكندر بن قابوس بن وشمگير ابو المعالي في كتابه «قابوسنامه » الذي كتبه سنة 547 هـ يقول :

«سمعت ان شهربانو كانت بنتاً صغيرة ذهبوا بها اسيرة من العجم للعرب ، فلما أُقدم بها علي أمير المؤمنين عمر (ع) أمر أن يبيعوها، فلما ذهبوا بها ليبيعوها جاء أمير المؤمنين علي (ع) وأخبر بهذا الخبر عن رسول الله(ص): ليس البيع علي أبناء الملوك . فلما أخبر بهذا الخبر ارتفع البيع عن شهربانو وذهبوا بها إلي بيت سلمان الفارسي ليزوجوها، فلما عرضوا عليها التزويج قالت : لا أتزوجه ما لم أره ، فاجلسوها في منظرو مرّوا بسادات العرب واليمن عليها لتكون زوجة من تختاره هي ،وجلس عندها سلمان يعرّفها بالقوم : أن هذا فلان وذاك بهمان ، و هي تنتقصهم ، حتّي مرّ عمر، فقالت : من هذا؟ قال سلمان : هو عمر، قالت :رجل جليل إلاّ أنه شيخ كبير. ولما مرّ علي قالت : من هذا؟ قال سلمان : هو علي (ع): فقالت : رجل جليل ، إلاّ أني لا أستطيع النظر في غد يوم القيامة إلي وجه فاطمة الزهراء بن محمد و أستحي منها ولذلك فلا اريده ، فلما مرّ الحسن بن علي و علمت بحاله قالت : هو كُفُؤلي و يليق بي إلاّ أنّه نكّاح النساء فلا اُريده ، و لما مرّ الحسين بن علي (ع) سألت عنه فعرفته و قالت :هو كُفُؤلي و يليق بي وينبغي أن يكون هو زوجي ، فان البنت العذراء الباكر لا بد لها من زوج باكر، وأنا لم اتزوّج و هو بعد لم يتزوّج ».

9 ـ يقول بن شهر آشوب المتوفي 588 هـ:

«وامه شهربانويه بنت يزدجرد بن شهريار بن كسري ويسمّونهاأيضاً: شه زنان ، و جهان بانويه ، و سلافة ، وخولة ، وقالوا: شاه زنان بنت شيرويه بن كسري ابرويز. ويقال : هي برة بنت النوشجان ، و الصحيح هوالاوّل . وكان أمير المؤمنين سماها: مريم و يقال : سمّاها فاطمة ، وكانت تدعي : سيدة النساء».

10 ـ يقول ابن البلخي مولف كتاب «فارسنامه » الذي كان يعيش في القرن السادس معاصراً لمحمد بن ملكشاه السلجوقي :

«وقد قال الرسول (ع): إن ّ لله خيرتين من خلقه : من العرب قريش و من العجم فارس . فيقال للفرس : قريش العجم بمعني أن شرفهم في العجم كشرف قريش في العرب . وكان يقال لعلي بن الحسين كرم الله وجهه المعروف بزين العابدين (ع) ابن الخيرتين ، لان ّ أباه الحسين بن علي رضوان الله عليهما، وأُمّه شهربانويه بنت يزدجرد الفارسي . وانّما يفخرالحسينيون علي الحسنيون لان ّ جدّتهم كانت شهربانويه فهم كرام من الطرفين ».

11 ـ كتب ابن خلكان في «وفيات الاعيان » يقول :

«اُمّه سلافة بنت يزدجرد آخر ملوك الفرس ، وهي عمّة اُم ّ يزيد بن الوليد الاُموي المعروف بيزيد الناقص . فان قتيبة بن مسلم الباهلي الوالي علي خراسان حيث كان يتابع و يعقّب أُمراء الفرس حتّي قتل فيروز بن يزدجرد، وبعث بابنتيه إلي الحجاج بن يوسف الثقفي ، الذي كان آنذاك أميراً علي العراق وخراسان ، أمسك الحجاج باحدي البنتين لنفسه ، و بعث بالاخري إلي الوليد بن عبد الملك فولدت له يزيد الناقص . واسمها: شاه آفريد» ثم يذكر عبارة ربيع الابرار للزمخشري باختلاف يسير في الالفاظ ثم يقول : فان علي بن الحسين وسالم بن عبد الله و قاسم بن محمدبن أبي بكر أبناء خالة .

12 ـ نقل فخر الدين الطريحي في «مجمع البحرين » في مادة : زجر،يقول : «ويزدجرد احد ملوك الفرس ومنه سلامة بنت يزدجرد ام زين العابدين (ع). وأسمها: شاه زنان » ثم نقل قول الزمخشري .

ومن العجب أن صاحب «روضة الصفا» كتب قصة زواج شهربانو عن الزمخشري هكذا:

«واسم امه : شهربان ، وقيل : شهربانويه بنت يزدجرد بن شهريار بن خسرو ابن برويز بن نوشيروان العادل ! و جاء في ربيع الابرار: أن أميرالمؤمنين بعث حريث ابن جابر الجعفي للحكم في بعض بلاد المشرق فاصاب بنتين ليزدجرد فبعث بهما إلي أمير المؤمنين ، فوهب شهربانو لقرّة عينه الحسين ، و الاخري المسماة بكيهان بانو لمحمد بن أبي بكر،فوهب الله لاحدي الاختين الإمام زين العابدين و الاخري قاسم بن محمد».

و هذه فرية علي كتاب ربيع الابرار وهو غير قليل النسخة ، فلاغرو أن تشيع هذه القصص في طول ثلاثة عشر قرنا.

و وردت هذه القصة في «فرهنك آنندراج » ذيل كلمة : شهربانو و شهربانويه علي صورة اخري إليك ترجمة عباراته :

«شهربانو وشهربانويه : هي بنت يزدگرد بن شهريار بن خسرو برويز ملك العجم ، التي أُسرت هي واختها كيهان بانو بعد انقراض دولتهم و قتل يزدگرد في مرو خراسان ، وقعت أسيرة بيد الحريث بن جابرالجعفي ، فحافظ عليهما وجاء بهما إلي حضرة الإمام أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب سلام الله عليه وعلي اولاده الطاهرين المعصومين . فامر أن يعرضوا عليهما اشراف العرب واعيانهم من بعيد لتقبلا بمن ترضيان به ،وبعد ان رأت الشبان و الاعيان من السادات و الاشراف ارتضت الحسين (ع)، وقالوا: انها كانت قد عاينت الحسين سابقاً في الرؤيا فعشقته !وهي الوالدة الماجدة لجناب الإمام نجيب الطرفين علي بن الحسين (ع)،و وهب الامير اختها لمحمد بن أبي بكر فولد منها قاسم بن محمد ابن خالة الإمام . و قيل لها أيضاً شهربانويه ».

13 ـ و في اقوال المستشرقين المعاصرين ، كتب ادوارد براون يقول :

«يقول المعتمد من المؤرخين كاليعقوبي : ان احدي بنات آخر الملوك الساسانيين و هو يزدجرد الثالث زوجت بالامام الحسين فولد له منها الإمام زين العابدين الذي يصل نسبه من طرف فاطمة إلي نبي الإسلام و من طرف آخر إلي الاسرة الايرانية المالكة قديماً، فلا عجب أن يبدي الايرانيون بالنسبة إلي علي و أولاده هكذا اخلاص وعبادة »علي حد تعبير هذا المستشرق فاللفظة الاخيرة تبدو مغرضة .

14 ـ و نقل المستشرق الجنرال السيربرسي سايكس في كتابه «تاريخ إيران » بترجمة السيد محمد تقي فخر داعي يقول :

«كتب المؤرخون العرب و في مقدمتهم اليعقوبي الذي كان يعيش في القرن التاسع الميلادي : أن شهربانو بنت يزدجرد زوّجت بالحسين بن علي و الايرانيون يبدونها في تمثيليات العزاء وكأنها امرأة ذات شهامة وشجاعة ».

ثم ينقل عن براون : أنه في بعض كتبه ترجم شعراً لشهربانويه و فيه :أنها دخلت المدينة مع سبايا الحرب باشراف الحسن بن علي ، وأنه كان يخصها بفتوّته و رجولته !.

وحكم عمر أن يعرضوها في سوق النخاسة للبيع ، وكان علي حاضراًفتغيّر و لامه علي عمله هذا وقال : لا ينبغي هذا العمل بالنسبة إلي بنات الملوك . فالايرانيون كما يرون الاسكندر من قبل امه من نسل الملوك الهخامنشيين كذلك يرون ان اولاد و احفاد الحسين (ع) يصلون من طرف امهم إلي سلالة الملوك الساسانيين الممتازين ! فان الايرانيين كانوا يقولون للملوك الساسانيين بالحق الالهي ويرونهم ظلالاً من يزدان الإله . وليس مجالاً للجدل أن هذه العقيدة : أي امتزاج دم اولاد الحسين بدم الملوك الساسانيين بعث الايرانيين إلي أن يعتقدوا بالنسبة إلي آل علي عقيدة فدائية كما نشاهدهم اليوم علي ما هم عليه ».

هذا ما رأيته حول شهربانو، وبناء علي هذه المصادر فان المؤرخين يرون أن ام الإمام السجاد (ع) هي «شهربانويه » والاختلاف هو حول والدها، حيث لا يري بعضهم أن أباها يزدجرد. والذي يمكن الاعتماد عليه هنا هو ما يلي :

اولاً: ان أقدم مصدر لهذه القصة لا يرجع إلي ابعد من منتصف القرن الثالث للهجرة .

ثانياً: ان شهرة شهربانويه بدأت منذ بداية القرن الرابع الهجري .