بازگشت

موقف الامام الحسين من البيعة ليزيد


تواترت الاخبار واستفاضت بفسق وفجور يزيد بن معاوية ، بين الموالف و المخالف لمذهب اهل البيت :؛ لان يزيد انتهك الحرمات وقتل النفس المحترمة ظلماً و عدواناً، وتجاهر بشرب الخمور التي حرّمها الله (سبحانه وتعالي ) عندما اتّخذ موائد الخمر في مجالسه ، و التي كان يحضرها اصدقاؤه وندماؤه ، فتُقام السهرات المطربة التي يحييها المغنّون في بلاطه .

وكان الضبي من اشهرهم الذي تميّز بحسن غنائه حتي جعله يزيد من المقرّبين منه لبراعته في الغناء.

ولما قدم إليه مسلم بن زياد من البصره ، سهر معه يزيد و شربا الخمر سوية حتي قال يزيد في ذلك بيتاً من الشعر:



اسقني شربة تروي عظامي

ثم فاسق مثلها ابن زياد



واشتهر ايضاً، بحب الكلاب وخاصّة المدرّبة للصيد، وجعل لكل ّ واحد منها عبداً يخدمه و جعل لها الاساور من الذهب والفضة ، توضع في ارجلها، و البسها الملابس الفاخرة من الذهب .

واستمرّ يزيد علي سياسة ابيه في إخماد نور الإسلام ، و إعادة ايام الجاهلية بين المسلمين ؛ حيث عبادة الاوثان وشرب الخمور، وممّا ساعدعلي ذلك استلامه للسلطة بعد ان استطاع ابوه إخماد الحركات المعارضة له في البلاد الإسلامية ، و امام هذا الخنوع والسكوت من الاُمة الإسلامية اعلن الإمام الحسين (ع) المواجهة المسلّحة مع بني اُمية واميرهم يزيد بن معاوية .

ويكتب يزيد إلي والي المدينة ، الوليد بن عتبة بن ابي سفيان ، يامره باخذ البيعة من الإمام الحسين (ع) ليلاً، ويدعوه إلي بيعة يزيد، فيطلب منه الإمام ان تكون البيعة جهراً.

وتفشل محاولة مروان في إجبار الإمام الحسين (ع) علي البيعة فوراً،ليعلن الإمام الحسين (ع) بعد مشادّة مع ابن الحكم بانه لا يبايع ليزيد، لانّه رجل فاسق شارب للخمر، فقال للوليد:

«ايها الامير إنّا اهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومهبط الرحمة ، بنا فتح الله وبنا ختم ، ويزيد رجل فاسق ، شارب للخمر، قاتل النفس ، و معلن بالفسق ، فمثلي لا يُبايع مثله ، ولكن ّ نصبح وتصبحون ، وننظر وتنظرون اُيّنا احق ّ بالخلافة والبيعة ».

ولكن ّ مروان بن الحكم قال للوليد: والله لئن فارقك الحسين الساعة و لم يُبايع لا قدرت علي مثلها ابداً حتي يكثر القتل بينكم وبينه ، إحبس الرجل فلا يخرج من عندك حتي يُبايع او تضرب عنقه .

فوثب عند ذلك الحسين و قال :

«انت يابن الزرقاء تقتلني او هو؟ كذبت والله واثمت » وخرج ومعه مواليه حتي اتي منزله .

وكيف يُبايع الحسين (ع) وهو إمام الاُمّة وخليفة المسلمين بنص ّ رسول الله (ص)؟ وإليه مسؤولية قيادتها إلي طريق الحق ّ والنجاة ، وهداية العباد علي يديه ، و اعمالهم مشروطة به (صلوات الله وسلامه عليه )،وخاصة ان يزيد قد طغي وتكبّر علي الناس و جعلهم عبيداً له ، واستمرفي ذلك حتي بعد شهادة الإمام (ع) فكان يامر الناس ان يبايعون علي انهم عبيد له ، فعن ابي جعفر(ع) قال :

«إن ّ يزيد بن معاوية دخل المدينة و هو يريد الحج ّ؛ فبعث إلي رجل من قريش فاتاه ، فقال له يزيد: اتقرّ لي انّك عبد لي ، إن شئت بعتك و إن شئت اشتريتك ؟

فقال له الرجل : اوالله يا يزيد ما انت باكرم مني في قريش حسباً، ولا كان ابوك افضل من ابي في الجاهلية والإسلام ، وما انت بافضل منّي في الدين ، ولا بخير،فكيف اقرُّ لك بما سالت ؟ فقال يزيد: إن لم تقرّ لي والله قتلتك .

فقال له الرجل : ليس قتلك إيّاي اعظم من قتلك الحسين بن علي (ع) ابن رسول الله (ص).

فامر به فقتل ».

وقف الإمام الحسين (ع) بوجه الخطر المحدق بالإسلام بعد ان ابتليت الاُمة براع ٍ مثل يزيد، ولابدّ من التضحية والفداء في سبيل إنقاذ الدين الإسلامي الحنيف ؛ ليقدّم نفسه الشريفة قرباناً لربّه في يوم عاشوراء.

ومن اجل هذه المهمة العظيمة يقرّر الرحيل من المدينة إلي مكة مع اهل بيته و انصاره ، وتتّخذ القافلة الطريق الرئيسي العام ، ليكون فيه سيره إلي مكة ؛ لكي لا يسمح لاحد من اهل المدينة ممّن تخلّفوا ان يزعموافيما بعد انّهم لم يعلموا بخروج الإمام (ع) او علموا بعد حين ، فلحقوا به ولم يعثروا علي اثرٍ للركب لاتّخاذه طريقاً غير الجادة الرئيسة و يصل الركب إلي مكة و يبقي الحسين (ع) فيها حتّي يوم التروية الذي يتوجّه فيه الحاج إلي عرفات فينوي عمرة مفردة ، ويغادر مكة متوجّهاً إلي كربلاء، لتكون رحلته المباركة رسالة لكل ّ الحجّاج الذين حضروا من كافة البلاد الإسلامية .

تبيّن لهم ان الحج لا يكون له قيمة مع انتهاك الظالم لحرمات المسلمين ، وتعطيل حدود الله، وقتل النفس المحترمة ظلماً.

ويتم َّ الإمام (ع) تبليغ الرسالة علي اكمل وجه ، ولكن ّ لم يجبه إلاّ اهل بيته و ثلة من اصحابه وانصاره المخلصين له فيتوجّهون جميعاً إلي مدينة الكوفة بعد ان وصلت إليه الرسائل والكتب التي تحثّه في الإسراع إلي المدينة التي كانت عاصمة ابيه الإمام علي (ع) من قبل .