بازگشت

بدء التحرك و ظهور المختار


ظلت هذه الحركة تعمل في اطار من السرية، كما أشرنا، حتي جاء الخبر بوفاة الخليفة يزيد وبعده بقليل ابنه معاوية الثاني في ظروف لازالت غير واضحة تماماً. وقد سبب ذلك أزمة حكم قاسية في عاصمة الخلافة الاموية لم تخرج منها الاسرة الحاكمة الا بصعوبة... (وقد ذكرنا ذلك في فصل سابق وتطرقنا الي الظروف المحلية والخارجية التي عصفت بالحكم الاموي وكادت أن تطيح به). وبوصول أخبار التطورات السياسية في دمشق الي الكوفة غمر هذه الاخيرة جو من الارتياح، نابع عن التشفي بموت الخليفة المسؤول الاول والرئيسي عن مقتل الحسين، وعن شعور متفائل باحداث بعض التغييرات في صورة الحكم، فضلاً عما توفر من امكانيات أمام التوابين للقيام بنشاطهم العلني وخروج دعوتهم الي حيز التنفيذ والمباشرة. حتي أن بعضهم نصح باستغلال الموقف المتدهور في الشام [1] .


واستباق الموعد الذي حددوه للتحرك. غير أن حكمة سليمان وبُعد نظره حالاً دون تنفيذ هذه الرغبة، لان الدعوة لم تكن قد رسخت جذورها بعد، لا سيما في الكوفة التي افتقرت الي التجانس ووحدة الموقف. ويبدو ان أكثر ما كان يخشاه سليمان ويتحسب له، هي تلك الفئة الانتهازية من الكوفيين، الممالئة دائماً للنظام الحاكم، التي عرفت بالاشراف [2] حتي أننا نجد ان سليمان كان يصورها بأنها العدو الشرس للثورة والخصم الذي يجب التعامل معه بمنتهي الحيطة والحذر. «رويداً لا تعجلوا، اني قد نظرت فيما تذكرون فرأيت ان قتلة الحسين هم أشراف أهل الكوفة وهم المطالبون بدمه، ومتي علموا ما تريدون وعلموا انهم المطلوبون كانوا أشد عليكم» [3] .

وكان الابقاء علي موعد التحرك بدون شك في صالح الحركة التوابية، اذ أن الاستجابة البشرية تضاعفت بعد موت يزيد [4] وما أحدثه من ارباك في نظام الحكم، وساعد علي ذلك انتقال الحركة من مرحلة السرية والعمل تحت جنح الظلام الي دور النشاط العلني والمجاهرة الصريحة.


ولقد تحولت الكوفة حينئذ الي مركز حيوي للنشاط السياسي بمختلف مظاهره وأبعاده. وما لبثت الاحداث أن أخذت تتلاحق بسرعة مذهلة لتترك بصماتها علي المجتمع الكوفي بصورة عامة. ففي خلال السنة التي امتدت من وفاة يزيد الي اعلان التوابين ثورتهم في النخيلة، تمخضت الكوفة عن أمور في غاية الخطورة، لابد من التوقف عندها لنشير باختصار الي أكثرها فاعلية وأشدها تأثيراً في تاريخ تلك الفترة.

والواقع ان الكوفة سارعت الي تحديد موقفها من النظام الاموي والخروج عليه كما سبق أن ذكرنا. فقد أعلنت الثورة في المدينة وهاجم الكوفيون دار الامارة وطردوا ممثل ابن زياد [5] الذي كان يقيم في البصرة وتعرض بدوره لحركة مماثلة. وقد أعقب ذلك فترة قصيرة من الفراغ في السلطة الي أن جري تسليم الحكم الي رجل اتفق عليه أشراف الكوفة وزعماؤها، وهو عامر بن مسعود [6] الذي ما لبث ان دان بالولاء لعبد الله بن الزبير حيث تمكن في تلك الاثناء من توطيد مركزه في العراق. ولم يكن هذا الاجراء عائداً الي اقتناع الكوفيين بسلامة هذا الموقف، وانما كان ضرورة اقتضتها المصلحة ليس أكثر. فالاشراف من جهة


هم الذين يبدو أنهم شغلوا دوراً بارزاً [7] في حركة التمرد هذه، بعد أن أدركوا ان رياح الثورة الحجازية بدأت تهب بشكل عاصف علي العراق، فسارعوا الي التودد لابن الزبير ابتغاء لضمان مصالحهم السياسية والاقتصادية، واستمراراً لها. وأظهر زعماء الحزب الشيعي من جهة ثانية استنكافهم عن تسلم الحكم برغم توفر فرص النجاح حينئذ، لان عناصر الثورة أرادت المسير وفقاً للخطة التي تم وضعها وتدور حول هدف محدد وثابت هو الانتقام، وكان في ذلك تأكيداً علي التجرد والمثالية والالتزام بالمبدأ.. هذه الافكار تشربها التوابون بكل عمق الايمان، وانعكست علي حركتهم، فطبعتها بطابع مميز وفريد.

وبسرعة غير متوقعة انتقل العراق الي سيادة الحزب الزبيري وغدت الكوفة مرتبطة بثورة الحجاز التي انتفضت علي النظام الاموي وهزت دعائمه بعنف، وتقبّل شيعة الكوفة هذه السيادة الجديدة، ولكن بفتور وبشيء من التحفظ. فهي بنظرهم انقلاب علي النظام الذي مجوه وعارضوه طويلاً.. غير أن العداوة المشتركة التي وحدت مشاعر الطرفين ضد الامويين، لم تمنع الحركة التوابية من رفض الاعتراف بالحزب الزبيري كبديل مثالي للسيادة الاموية.


وفي تلك الاثناء كان ابن الزبير يعمل علي تأكيد سلطته في الاقاليم التي خضعت له بعد أن أصبح الرجل القوي في العالم الاسلامي. وأخذ عماله الذين انتدبهم لادارة هذه الاقاليم يصلون تباعاً. ففي الكوفة التي يهمنا الوقوف علي التطورات السياسية فيها عشية خروج التوابين، أرسل اليها اثنين من عماله أحدهما اختص بشؤون السياسية والحرب هو عبد الله بن يزيد الانصاري [8] ، وثانيهما انصرف الي شؤون الادارة والخراج وهو ابراهيم ابن محمد بن طلحة [9] ، حفيد الصحابي المعروف طلحة بن عبيد الله. وانتهت بذلك تلك الفترة الانتقالية التي تولاها باسم الحزب الزبيري، عامر بن مسعود، لتصبح الكوفة احدي ولايات الخلافة الزبيرية.

ولم تقتصر أحداث الكوفة علي هذه التغييرات السياسية المهمة، وانما شهدت أحداثاً أخري علي قدر كبير من الخطورة، كادت أن تمزق الجبهة الشيعية، وان تبعثر قواها، وذلك بظهور أحد المغامرين بصورة فجائية في الكوفة حينئد، هو المختار بن ابي عبيد الثقفي [10] وكان هذا الاخير شخصية مثيرة دار حولها كثير من الجدل،


فقد ارتبط منذ نشأته بالحركة الشيعية وتربي في وسط شيعي مشبع بالاخلاص والحب لعلي وأبنائه [11] ، ثم أعد نفسه ليكون أحد أركان الثورة التي كان مقدراً أن يقودها الحسين، حيث سبق هذا الاخير الي الكوفة ليشارك في تهيئة المناخ الملائم للثورة، ولكن عامل العراق الاموي قبض عليه وأودعه السجن مع عدد من الزعماء الشيعيين [12] وظل في سجنه حتي أفرج عنه بعد توسط صهره عبد الله بن عمر لدي الخليفة يزيد [13] فغادر الكوفة الي الحجاز وفي نفسه حقد لا يوصف ضد الامويين وعاملهم ابن زياد [14] ولهذا لم يتردد في الاشتراك مع ابن الزبير في ثورته التي وجد فيها بعض أهدافه وهي العمل علي مقاومة النظام الاموي بدون هوادة. غير أن الانجسام لم يستمر طويلاً بين الرجلين، فالمختار كانت له مطامحه السياسية واحلامه الاستقلالية، لذلك ما لبث ان زهد بدور التابع لابن الزبير وقفل عائداً الي الكوفة بعد أن سمع بطرد ابن زياد من العراق، فقد كانت الكوفة علي الدوام قبلة طموحه ووجد انها الارض الملائمة لتحقيق هذا الطموح.. وقد بلغ من اهتمامه بها انه كان يستفسر عن احوالها من الوافدين الي


الحجاز، حيث حدثه أحدهم [15] عن أهلها بقوله: «انهم في صلاح واتساق علي طاعة ابن الزبير، الا ان طائفة من الناس اليهم عدد أهل مصر لو كان لهم رجل يجمعهم علي رأيهم أكل بهم الارض الي يوم ما [16] فأجابه المختار: «أنا ابو اسحق، أنا والله لهم، أنا أجمعهم علي مر الحق، وأنفي بهم ركبان الباطل وأقتل بهم كل جبار عنيد» [17] .

وهكذا جاء المختار الي الكوفة، تتجاذبه أحلام السيادة والتحكم علي المدينة بسهولة ويسر، معتمداً علي تردد شيعتها من حكومة ابن الزبير، ومحاولة استقطابهم عن طريق شعار الثأر للحسين وهو نفس الشعار الذي طرحه التوابون، وتبعتهم جماهير الكوفة الشيعية من أجله. ولكن المختار اختلف عنهم بأنه ذهب الي أبعد من الانتقام والتكفير عن الذنب، الي السعي لاستلام الحكم [18] وهو أمر رفضه التوابون. ولكي يزيد حجته تسويغاً، ويضفي علي حركته نوعاً من الشرعية، زعم أن


أحد زعماء الاسرة العلوية [19] أرسله للدعوة باسمه في الكوفة.

ولكن محاولات المختار لاستقطاب شيعة الكوفة تحت زعامته لم تصادف ما كان يتوقع لها من نجاح، لان فئة قليلة فقط استهوتها شخصية المختار واقتنعت بدعوته، بينما ظلت الاغلبية علي تأييدها لابن صُرد [20] ، ولم تتأثر بالحملة الدعائية الواسعة التي أحاط بها نفسه وهو في طريقه الي الكوفة وبعد وصوله اليها حتي انها شككت بصحة ادعائه عن علاقته بمحمد بن الحنفية [21] ولما أدرك ان معركته مع سليمان معركة خاسرة أخذ يصعد حملات التشهير ضد هذا الاخير متهماً اياه بقصر النظر وعدم الكفاءة لقيادة الثورة الشيعية الهادفة الي الانتقام من قتلة الحسين «ان سليمان ليس له بصر بالحرب، ولا تجربة بالامور، وانما يريد أن يخرجكم فيقتلكم ويقتل نفسه، وأنا أعمل علي مثال قد مثل لي، وأمر قد بين لي، فيه عز وليكم وقتل عدوكم وشفاء صدوركم، فاسمعوا قولي وأطيعوا أمري» [22] .


هذه الحملة النفسية التي قام بها المختار، لم يكن لها كبير أثر علي جماعة التوابين الذين بلغوا من الاندفاع حداً بعيداً، وأصبح من المستحيل عليهم، التراجع أو التوقف عن الهدف الذي اقتنعوا به وآمنوا كل الايمان. وعلي العكس من ذلك فان نشاط المختار انقلب عليه، واشتدت مخاوف السلطة وأنصارها من تحركاته، حتي أن زبانية الحكم التي انتقل ولاؤها بسرعة مذهلة من النظام الاموي الي نظام ابن الزبير، ثقل عليها وجود المختار في الكوفة فشكا نفر [23] منها خطورة هذا الرجل الي عاملي المدينة بقوله: «ان المختار أشد عليكم من سليمان بن صُرد. ان سليمان انما خرج يقاتل عدوكم ويذله لكم وقد خرج عن بلادكم، وان المختار انما يريد أن يثبت في مصركم، فسيروا اليه واوثقوه في الحديد وخلدوه في السجن حتي يستقيم أمر الناس» [24] .

وهكذا انتهي أمر المختار سجيناً في الكوفة، ينتظر مرة أخري من وراء قضبان السجن ما تؤول اليه الامور وما تسفر عنه الاحداث.. ولعله أدرك ان الفرصة ستلوح له من جديد بعد التخلص من منافسة زعيم التوابين، حيث


كان يتوقع الفشل الذريع لحركة هذا الاخير، فتخلو له الساحة حينئذ ويصبح الزعيم المنتظر لشيعة الكوفة. ولهذا لم يعد يتورع عن التصريح بين الحين والآخر، مباركاً التحرك الذي يقوده سليمان والحث علي اعلان الثورة والخروج من الكوفة. وفي سجنه كان المختار لا ينفك يردد علي مسامع زائريه انه لن يتخلي مطلقاً عما سعي اليه وجاء من أجله، أو يتوقف لحظة عن السير في حملته الانتقامية، التي كانت عصب دعوته الرئيسي في معاقبة المسؤولين عن دم الحسين، والمضي في ملاحقتهم أياً كانوا وفي أي أرض ذهبوا اليها «أما ورب البحار، والنخيل والاشجار، والمهامة والقفار، والملائكة الابرار، والمصطفين الاخيار، لاقتلن كل جبار بكل لدن خطار ومهند بتار في جموع من الانصار ليسوا بميل اغمار ولا بعزل أشرار. حتي اذا أقمت عمود الدين وزايلت شعب صدع المسلمين وشفيت غليل صدور المؤمنين وأدركت بثأر أولاد النبيين، لم يكبر علي زوال الدنيا ولم أحفل بالموت اذا أتي» [25] .

فاز سليمان اذا في معركة الزعامة الشيعية ضد هذا المغامر الدخيل، الذي قدم من الحجاز باحثاً عن الزعامة ومتعطشاً الي السلطة. وفي تلك الاثناء كانت الحركة التوابية تدخل مرحلتها الحاسمة والصعبة، وكان زعماؤها


يصعّدون الجهود ويركزون الحملات الاعلامية عبر اتجاهين رئيسيين. أولاً: عن طريق التبشير بأفكار الدعوة [26] والمفهوم الحقيقي للتحرك. وثانياً: عن طريق القيام بعروض شبه عسكرية والتجوال في شوارع الكوفة وأسواقها مع سواها من المدن [27] لاستثارة الجماهير واجتذاب أكبر عدد من المتطوعين للحركة.

كانت سنة خمس وستين للهجرة (684م) قد حلّت، وفي هذه السنة خرجت حركة التوابين من محتواها التخطيطي واطارها التبشيري الي مرحلة التنفيذ الحاسم. فلم يعد يفصلها غير شهور قليلة عن موعدها الفاصل الذي حددته لانطلاقتها من (النخيلة). ومعني ذلك أن الفئات الشيعية التي التزمت مبدئياً بالحركة، كان عليها أن تبادر الي تحمل مسؤوليتها بالسرعة الممكنة. ولكن الذي حدث ان عدد المنتمين فعلياً الي الحركة حينئذ كان لا يزال قليلاً [28] ،


بينهم الكثير ممن يعوزهم الانضباط والقناعة. وكان أشد التوابين ارتباكاً بهذه النتيجة وأكثرهم انزعاجاً هو زعيم الحركة الذي وجد ان هذا العدد [29] لا يتناسب مع حجم القضية التي يقاتلون في سبيلها. وكان لابد من تصعيد لعمليات الدعاية من أجل استقطاب المزيد من المؤيدين.. ومن الشعارات التي كثر تردادها حينئذ: «من أراد الجنة فليلتحق بسليمان في النخيلة».. «من أراد التوبة فليلتحق بسليمان» [30] الي غير ذلك من الشعارات التي لم تخرج عن اطار الغفران والتكفير عن الذنب.

ولقد أعطت هذه الحملة بعض ثمارها ولاقت قدراً من التجاوب، ولكن المسألة لم تكن في تجمع المؤيدين في أسواق الكوفة [31] بل فيمن يمتلك القدرة علي الصمود والاستمرار عندما ترفع راية الحرب ويتعالي صورت النفير، وهؤلاء لم يتجاوز عددهم في بادئ الامر الالف مقاتل، ثم ارتفع هذا العدد مع تصعيد الحملات الدعائية الي نحو أربعة آلاف مقاتل [32] كانوا جميعاً مستعدين


للمسير حتي نهاية الشوط والاشتراك الفعلي في حرب الامويين.

واذا أردنا تفسير هذا التجاوب المحدود لحركة التوابين عندما بدأت تحركها الجدي، فانه يعود بدون ريب الي جو الكوفة المشحون حينئذ بالبلبلة والصراعات السياسية بعد خضوعها للحزب الزبيري. فقد كان السواد من الناس في حالة ترقب وانتظار ما تسفر عنه الاحداث.. فضلاً عن خلخلة الموقف علي صعيد الجبهة الشيعية بمجيء المختار الي الكوفة وتأثيره علي نفر من الشيعة الذين غادروا معسكر سليمان وانضموا اليه [33] كذلك فان حركة التوابين كحركة مثالية، مجردة من أي هدف سياسي معين، كان هدفها الرئيسي هو الانتقام للحسين والموت في سبيله.. وهذا ما يمكننا أن نعزو اليه ضعف الاستجابة نوعياً، والقلة العددية التي شاركت بصورة فعالة في حركة التوابين.

ولقد سبق التحرك العسكري، انعقاد مؤتمر لزعماء التوابين لبحث الموقف العام وتوزيع المسؤوليات علي العناصر القيادية ومناقشة اقتراحاتها حول كيفية التحرك والخطوات التمهيدية اللازمة. وكان هناك اتجاه علي


رأسه عبد الله بن سعيد بن نفيل [34] نحو القيام بعمليات انتقامية داخل الكوفة تستهدف بعض الاشراف المتهمين بتواطئهم مع النظام الاموي، ولكن سليمان رفض هذا الرأي وأصر علي أن الهدف اولاً هو رأس عبيد الله بن زياد [35] الذي بات المسؤول الاول بعد موت يزيد بن معاوية، ثم تأتي بعد ذلك مسألة الكوفة وأشرافها «ان الذي قتل صاحبكم وعبّي الجنود اليه، وقال لا أمان له عندي دون أن يستسلم فأمضي فيه حكمي هذا الفاسق ابن الفاسق عبيد الله بن زياد، فسيروا الي عدوكم مع الله، فان يظهركم الله عليه رجونا أن يكون من بعده أهون شوكة منه ورجونا أن يدين لكم من وراءكم من أهل مصركم في عافية فتنظرون الي كل من شرك في دم الحسين فتقاتلونه ولا تغشموا، وان تستشهدوا فانما قاتلتم المحلين وما عند الله خير للابرار لأحب أن تجعلوا حدكم وشوكتكم بأول المحلين. ولو قاتلتم أهل مصركم ما عدم رجل ان يري رجلاً قد قتل أخاه وأباه وحميمه او رجلاً لم يكن يريد قتله. فاستخيروا الله وسيروا» [36] .


ومن الواضح ان المنطق وبعد النظر يتجليان في موقف زعيم التوابين الذي لم يرد لحركته ان تخفق في مكانها في الكوفة، لان ذلك سيثير بدون شك حساسيات قبلية وسيفجر صراعات داخلية، وبالتالي سيؤدي الي استهلاك الحركة بدون طائل.

وبعد تشاور، رأي زعماء الحركة ان قتلة الحسين موزعون في أنحاء الارض، وليس سهلاً أن تطالهم سيوف التوابين كما يتصور البعض. لذلك ارتأوا أخيراً أن تكون الشام (قاعدة الطغيان) هدف حملتهم العسكرية التي يعدّون لها.. فهي مركز السلطة الاموية، المسؤولة قبل أي أحد عن قتل الحسين. وفي رأيهم ان النظام هو الذي ينبغي أن يحاسب وليس الاشخاص [37] لان هؤلاء كانوا فقط الأداة التي نفذت الاوامر وقامت بما طلب منها خير قيام.



پاورقي

[1] ابن کثير: 8/247. ينفرد البلاذري في انساب الاشراف بقوله أن التوابين قدّموا موعد الخروج الي سنة 64 هجري حين علموا بوفاة يزيد.

[2] ابن کثير 4/68.

[3] الطبري: 7/52.

[4] ابن کثير: 7/53.

[5] فلهوزن: الخوارج والشيعة 190.

[6] ابن کثير: 8/248.

[7] فلهوزن: الخوارج والشيعة 190.

[8] الطبري: 7/53، ابن کثير: 8/248.

[9] الطبري: 7/53، ابن کثير: 8/248.

[10] الطبري: 7/53.

[11] بيضون: زکار: تاريخ العرب السياسي 114 - 115.

[12] فلهوزن: للخوارج والشيعة 198.

[13] اليعقوبي: 2/258، ابن کثير:8/249.

[14] ابن کثير: 2/249.

[15] هاني بن ابي حية الوادعي، الطبري 7/63.

[16] الطبري: 7/63.

[17] الطبري: 7/63.

[18] J Perier vie Dal-hadjdadj 25.

[19] يتفق معظم المؤرخين علي ان المختار خرج من الحجاز باسم الدعوة لمحمد بن الحنفية، اليعقوبي 2/258، الطبري 7/64.

[20] ابن کثير: 8/250.

[21] فلهوزن: الخوارج والشيعة 204.

[22] ابن الاثير: 4/72.

[23] عمر بن سعد بن ابي وقاص، شبث بن ربعي، يزيد بن الحارث بن رويم. طبري 7/65، ابن الاثير 4/73.

[24] طبري: 7/65، ابن الاثير: 4/73.

[25] طبري 7/66، ابن الاثير 4/73، ابن کثير 8/250.

[26] کان من ابرز الدعاة حماسة واندفاعاً عبد الله المري الذي کان يردد: «ويل للقاتل وملامة للخاذل! ان الله لم يجعل لقاتله حجة، ولا لخاذله معذرة - الا ان يناصح الله في التوبة فيجاهد القاتلين وينابذ القاسطين. فعسي الله عند ذلک أن يقبل التوبة ويقيل العثرة. انا ندعوکم الي کتاب الله وسنة نبيه والطلب بدماء أهل بيته، والي جهاد المحلين والمارقين» الطبري: 7/52.

[27] الطبري: 7/55.

[28] ابن کثير: 8/551.

[29] ابن الاثير: 4/74.

[30] الفتوح لابن الاعثم الکوفي (مخطوطة).

[31] قيل ان عدد المتطوعين ارتفع الي نحو عشرين الفاً. ابن کثير 8/251.

[32] ابن کثير: 8/251.

[33] ابن الاثير: 4/74.

[34] ابن الاثير: 4/68.

[35] الطبري: 7/68.

[36] رد سليمان علي عبد الله بن سعد بن نفيل، الطبري: 7/68، ابن الاثير: 4/74.

[37] دائرة المعارف الاسلامية الشيعية 2/58.