بازگشت

اللهم احكم بيننا و بين قومنا فانهم غرونا و خذلونا و غدروا بنا و قتلونا


وحتي اللحظات الأخيرة التي كان الإمام الحسين (ع) يجود فيها بنفسه، وهو مضمّخ بدمه علي أرض كربلاء، لم يغفل أبداً عن مبدأيته الرسالية، فكانت آهاته وآلامه، وهو في تلك الحالة، هي تسليم لأمر الله، ونظرٌ إلي مستقبل الرسالة والأمة، وبيان لحقيقة موقفه وموقعه من الرسالة التي حملها، والدور الذي اضطلع به، فمما روي أن هلال بن نافع قال: كنت واقفاً نحو الحسين وهو يجود بنفسه، فو الله ما رأيت قتيلاً قط مضمّخاً بدمه أحسن منه وجهاً، ولا أنور، ولقد شغلني نور وجهه عن الفكرة في قتله، فاستقي في هذه الحال ماء فأبوا أن يسقوه، وقال له رجل: لا تذوق الماء حتي ترد الحامية فتشرب من حميمها، فقال (ع): "أنا أرد الحامية؟ وإنما أرد علي جدّي رسول الله، وأسكن معه في داره في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وأشكوا إليه ما ارتكبتم منّي وفعلتم بي"، فغضبوا بأجمعهم حتي كأن الله لم يجعل في قلب أحدهم من الرحمة شيئاً". [1] .

ولما اشتد به الحال رفع طرفه إلي السماء وقال: "اللّهم متعال المكان، عظيم الجبروت، شديد المحال، غنيّ عن الخلايق، عريض الكبرياء، قادر علي ما تشاء، قريب الرحمة، صادق الوعد، سابغ النعمة، حسن البلاء، قريب إذا دُعيت، محيط بما خلقت، قابل التوبة لمن تاب إليك، قادر علي ما أردت، تدرك ما طلبت، شكور إذا شُكرت، ذكور إذا ذُكرت، أدعوك محتاجاً، وأرغب إليك فقيراً، وأفزع إليك خائفاً، وأبكي مكروباً، وأستعين بك ضعيفاً، وأتوكل عليك كافياً. اللّهم احكم بيننا وبين قومنا، فإنهم غرّونا وخذلونا وغدروا بنا وقتلونا، ونحن عترة نبيّك، وولد حبيبك محمد (ص)، الذي اصطفيته بالرسالة، وائتمنته علي الوحي فاجعل لنا من أمرنا فرجاً ومخرجاً يا أرحم الراحمين". [2] .

صبراً علي قضائك يا ربّ لا إله سواك يا غياث المستغيثين، [3] مالي ربّ سواك ولا معبود غيرك، صبراً علي حكمك يا غياث من لا غياث له، يا دائماً لا نفاد له، يا محيي الموتي يا قائماً علي كل نفس بما كسبت، أحكم بيني وبينهم وأنت خير الحاكمين". [4] .


پاورقي

[1] ابن نما، مثير الأحزان: 49.

[2] مصباح المتهجّد والإقبال وعنهما في مزار البحار: 107، باب زيارته يوم ولادته.

[3] أسرار الشهادة: 433.

[4] رياض المصائب: 33.