بازگشت

مظاهر عزاء الحسين في العصر العباسي


لقد كانت لمجالس الهاشميين دورها الفعال في جمه صفوفهم من الطالبين و العلوبين و العباسيين و انصارهم الموتورين من الحكم الاموي القائم.. و تنظيم الحمله ضدهم و انطلقت الالسنه باعاده الحكم لال هاشم و تقاضي الحكم الجائر.. و قد حدثنا التاريخ الاسلامي.. ان تاسيس الدوله العباسيه كان قائما علي دعوه الهاشميين علي اساس الثار النهائي لقتلي الطف و الانتقام للعلويين بالقضاء علي الامويين.. و كان الشعراء لم يدعوا فرصه تفلت او مناسبه تمر الا و ذكروا بهذا الثار، الي ان هيا الله لهم ذلك و مكنهم من الامر و قضوا علي الحكم الاموي و تربع ابوالعباس السفاح علي الحكم كاول خليفه هاشمي.. يذكرنا التاريخ بوليمته المشهوره التي حضرها ثمانون رجلا من عيون الامويين و هم علي سمط الطعام فدخل شبل مولي بني هاشم علي السفاح فانشد في الحال قصيدته المهشوره و الغيظ قد اخذه:



اصبح الملك ثابت الاساس

بالبهاليل من بني العباس



انت مهدي هاشم و هداها

كم اناس رجوك بعد اناس



طلبوا و تر هاشم فشفوها

بعبد ميل من الزمان و ياس



لا تقيلن عبدشمس عثارا

وارمها بالمنون و ياس



لا تقيلن عبدشمس عثارا

وارمها بالمنون و الاتعباس



و اذكرن مصرع الحسين و زيدا

و قتيلا بحانب المهراس




فقام السفاح في الحال مغتاضا و قتلهم جميعا ثم اباد المويين عن آخرهم.. و هكذا اتسع المجال امام الشعراء في رثاء آل البيت النبوي و ذكر مصابهم في قتلي الطفوف.

و من هولاء الشاعران المشهوران دعبل بن علي الخزاعي و ابراهيم بن العباس اللذان قصدا من بخراسان.. فقدم الاولي علي الامام الرضا [1] علي بن موسي بن جعفر ايام ولايه عهده في خلافه المامون العباسي 203 للهجره فانشد قصيدته المشهوره التي يقول في مطلعها [2] .



تجاوبن بالاناه و ازفرات.. الي ان يقول:



مدارس ايات خلت من تلاوه

و منزل وحي مقفر العرصات



افاطم لو خلت الحسين مجدلا

و قد مات عطشانا بشط فرات



اذن للطمت الخد فاطمه عنده

و اجريت دمع العين بالوجنات



افاطم قوم ييا ابنه الخبر و اندبي

نجوم سماوات بارض فلات



ديار رسول الله اصبحن بلقعا

و آل زياد تكن الحجرات.. الخ



و قد اجازه الامام الرضا- بعد ان بكي هو و اهله- بعشره الالف درهم من المسكوك باسمه الكريم، و خلع عليه جبته.. فكان هذا خير رمز للتقدير


و الاعجاب.. و قد اشتري القموين «الجبه» من دعبل اثناء عودته الي العراق بالف دينار.

و هكذا زميله الشاعر ابراهيم بن العباس [3] فقد انشد الامام الرضا (ع) قصيدته الداليه المشهوره التي يقول في مطلعها:



ازال عزاء القلب بعد التجلد

مصارع اولاء النبي محمد



فاكرمه الامام بمثل ما اكرم به زميله الخزاعي.

و كانت جوائز ائمه آل البيت النبوي في هذا لامجال مشهوره بالسخاء و البركه حتي ذهبت مثلا «ما بلغت صره من موسي بن جعفر لاحد الا استغني» لذلك كان الشعراء يتنفنون في هذا الباب الي جانب تاثرهم بروعه فاجعه الطف و فظاعه وقعها.. و كذلك تاثروا باقوال ائمه اهل بيت النبي في شان من يرثي الحسين.. و ماله من فضيله عند الله سبحانه.. فقد قال الامام جعفر الصادق لجعفر ابن عفان: «ما من احد قال في الحسين عليه السلام شعرا فبكي و ابكي به الا اوجب الله له الجنه و غفر له..»

و هكذا كان الشعراء يتبارون في الرثاء و المواساه و الابداع فيهما بهذه المناسبه. في مجالس آل البيت النبوي و مجالس الطالبين. و ما من شك ان هذا العزاء كان فيه العزاء لكل مظلوم و كل ذي حق مهضوم باعظم السلوان تاسيا بالحسين عليه السلام.

و كما كان في هذا العزاء عرض لتلك الماساه فانه لم يخل من قرض لجور الحاكمين و تعريض لضروب الظلم الذي اصاب آل البيت النبوي منهم و تهديد


الظالمين بالعاقبه الوخيمه لفتكها باعلام بيت النبوه.. و ما ناله الظالمون من سوء المنقلب كل ذلك علي لسان الشعراء و الخطباء و في اروع اسلوب مما كان اثره في جذب النفوس و تقويه القلوب.. حتي قال احد الشعراء:



تالله ما صنعت اميه فيكم

معاشر ما صنعت بنوالعباس



و كانت السلطات الحاكمه يومها و في فتره من الزمن وراء هذه المجالس تطارد الملقين و تفتك بالحاضرين و لقي الموالون لال البيت من الشده ضروب العذاب.. و اتلفت معظم تلك القصائد و الاشعار و غيرها من الاثار ذات العلاقه بالامام الحسين عليه السلام. و لو كانت بايه لكانت ثروه ادبيه رائعه عن تلك الفتره

و قد وصف ابن الاثير حوادث دمويه مسببه عن ذكري عزاء الحسين عليه السلام جرت بصوره فظيعه بين الحزب المتشيع لال البيت و بين الحزب المخالف له ببغداد عاصمه الهاشميين يوم ذاك.. كانت تتسع و تتقلص حسب لون السياسه الحاكمه و اجتهاد الحكام ذهبت بسببها ضحايا كثيره لا لشي ء سوي التعصب الممقوت. و بسبب الجهل بمكانه آل البيت من الرسول.. و عدم تقديرهم لشاعئر الود و المحبه لصاحب الرساله و اهل بيته.

و كان «عزاء الحسين» رغم جميع هذه الاحوال قائما كل عام في موسمه من محرم الحرام و انما يختلف تقلصا و اتساعا حسب الشروف و لكنه في جميع الاحوال كان يداد تمكنا في النفوس و استقرارا في القلوب.. و كان للشعراء الفضل الاكبر في تقويه هذا العزاء و جذب القلوب اليه.. بقصائدهم الغر في تصويري مصاب الحسين و اهل بيته.. حتي ان غالبيه الموالين لال البيت كانوا لا يحفلون بقسوه الحكام قدر اهتمامهم للحضور الي مجالس العزاء كائنا ما يكون المصير...@.



پاورقي

[1] قال الامام الرضا «ع» کان ابي اذا دخل شهر المحرم لا يري ضاحکا.. و کانت الکابه تغلب عليه حتي تمضي العشره الاولي من محرم فاذا کان اليوم العاشر کان ذلک اليوم يوم مصيبته و حزنه..

عن المجالس السنيه للسيد العاملي رحمه الله- ج 1-.

[2] قال دعبل الخزاعي دخلت علي سيدي و مولاي علي بن موسي الرضا (ع) في ايام عشر المحرم فرايته جالسا جلسه الحزين الکئيب و اصحابه من حوله فلما رآني مقبلا قال لي «مرحبا بک يا دعبل مرحبا بناصرنا بيده و لسانه.. ثم انه وسع لي في مجلسه.. و اجلسني الي جانبه ثم قال لي يا دعبل احب ان تنشدني شعرا فان هذه الايام ايام حزن کانت علينا اهل البيت و ايام سرور کانت علي اعدائنا خصوصا بني اميه.. با دعبل من بکي او ابکي علي مصابنا کان اجره علي الله.. يا دعبل من ذرفت عيناه علي مصاب جدي الحسين عليه‏ السلام غفر الله له ذنوبه.. ثم نهض (ع) ثم التفت الي و قال لي يا دعبل ارث الحسين فانت ناصرنا ما دمت حيا قال دعبل فاستعبرت و سالت عبرتي و انشات اقول:



افاطم لو خلت الحسين مجدلا

و قد مات عطشانا بشط فرات.

[3] روي الصدوق في «العيون» عن البيهقي عن الاصولي عن هاورن بن عبدالله المهلي: انه لما وصل ابراهيم بن العباس و دعبل بن علي الخزاعي الي الرضا (ع) و قد بويع له بولايه عهده انشده دعبل: مدارس ايات خلت من تلاوه.. الخ و انشد ابراهيم بن العباس قصيدته «ازال عزاء القلب بعد التجلد، الخ» فوهب لهما عشرني الف درهم من الدارهم التي عليها اسمه و کان المامون قد امر يضربها في ذلک الوقت.. دعبل ذهب بالعشره الاف التي حصته الي قم فباع کل درهم بعشره دراهم، فحصلت له مائه الف درهم. و اماه ابراهيم فلم تزل عنده بعد ان اهدي بعضها و فرق بعضها علي هله الي ان توفي رحمه الله عليه.. فکان کفنه و جهازه منها- مجله المرشد.