بازگشت

في الشام عاصمه اميه


الحوادث في النهضه الحسينيه سلسله مصائب توخذ بدايتها في الاكثر من مدنيه الرسول (ص) و تنطفي شعله الختام في الشام. الا ان المتامل في فصولها يعسر عليه في اكثر الاحيان ربط الحلقات و تعليل الحوادث و معرفه الموثرات، فيقف التاريخ بالقاري ء غالبا وقفه الحائر واضعا سبابته علي شفتيه بدل ان يضعها علي جمله تاريخيه كهيئه المشير الي السبب، و كيف لا تستولي عليه الحيره و حوله ما يدهش اللب و يقضي بالعجب، اذ عن اليمين فضائل جمه تمركزت في شخصيه الحسين (ع) هي ذي مآثر فضلي تسوجب اكرام صاحبها- قام او قعد-، بينما عن يسار المتامل صحيفه سوداء، للخصوم هي ذي مآثم تستدعي احتقار صابحها و لعنه- اينما سار او وقف-، و اما المتامل فجائع و فضائع و ما لا يستحله عدد من الد اعدائه: من ايذاء صبيه، و ذبح ذريه، و سبي نساء، و قتل ابرياء، و ضرب المرضي، و سب الموتي و احصار الضعفاء علي ظما، و مثله باشلاء الي غيرها مما تقشعر منه الجلود.

فهل هذا كله لاحقاد اورثتها الجدود للاحفاد؟ حينما نري الخصومات تنتهي في العرب و غير العرب في ساعه الغلب، فلا يبقي بعد ذلك في المنظر اثر حقد علي المنكسر، بل يصون منه الحرمه، و تتحول فيه النقمه الي الرحمه.

لكنما الموسف كل الاسف ان يزيد لم يعامل خصومه من آل الرسول (ص)


معامله خصوم العرش و التاج، و لا وقفت مظالمه فيهم عند حد الغلب و السلب، حتي اسر النسوه بكل قسوه و سيرها عشرات المنازل من كربلاء الي الشام سبايا علي اقتاب المطايا، و اوقفهن بين يديه كالاماء شعث الشعور متربه الوجوه ممزقه الثياب، الامر الذي يدعو الي الاعتقاد بان القضيه فضيه الاحقاد لا قضيه العرش و التاج، و لا سيما عندما اظهر التشفي حين نكت بخيز رانه في يديه ثغر الحسين و شفيته قائلا: «يوم بيوم بدر» فانكر عليه ابو برده الاسلمي قائلا: «و يحك يا يزيد! اتنكت ثغر الحسين ابن فاطمه؟! اشهد لقد رايت النبي يرشف ثناياه و ثنايا اخيه الحسن و يقول: انتما سيدا شباب اهل الجنه، فقتل الله قاتلكما و لعنه». فغضب يزيد و امر باخراجه سحبا، ثم تمثل بابيات ابن الزبعري المعروفه: «ليت اشياخي ببدر شهدوا... الخ» و زاد عليها- كما في روايه الشعبي و غيره- ابياتا منها هذا البيت:



لست من خندف ان لم انتقم

من بني احمد ما كان فعل



ثم صارت فاطمه بنت الحسين من ورائه تطاول راسها لتري راس ابيها و يزيد يطاول براسه لئلا تراه، و صار يتمثل بابيات الحصين المري:



نفلق هاما من رجال اعزه

علينا و قد كانوا اعق و اظلما



فصاح علي بن الحسين- و كان مغلول اليدين-: «يا يزيد! ما ظنك برسول الله او رآنا علي هذه الحاله؟» فامر يزيد باطلاق يديه و قال: «ابوك قطع رحمي و جهل حقي و نازعني في سلطاني فصنع الله به ما قد رايت». فاجابه علي: «ما اصابكم من مصيبه في الارض و لا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبراها- الي قوله تعالي- ان الله لا يحب كل مختال فخور».

و قام شامي احمر و اشار الي فاطمه بنت الحسين قائلا: «يا امير هب لي هذه الجاريه» فارتعدت فاطمه و تعلقت بعمتها زينب، فصاحت زينب الفصاحه: «مه! ليس ذلك لك و لا لاميرك». فغضب يزيد و قال: «ان ذلك لي و لو شئت لفعلت». فاجابته زينب: «كذبت و الله، ليس ذلك لك الا ان تخرج عن ملتنا و تدين بغير ديننا». فاستطار يزيد غضبا و قال: «اياي تستقبلين بهذا؟ انما خرج


عن الدين ابوك و اخوك». فقالت: «بدين الله و دين ابي اهتديت انت و ابوك ان كنت مسلما. و انما انت امير تشتم ظالما و تقهر بسلطانك».

ثم لم تقنع بنت اميرالمومنين في تلك القاعه الرهيبه التي لا تقصر مهابه عن ميادين الوغي، بل عمدت الي كشف القناع عن مخازي القوم و بيان صلاتها بصميم الاسلام. فقامت مصليه علي رسول الله قائله:

«الحمد لله رب العالمين، و صلي الله علي رسوله و آله اجمعين.

صدق الله: ثم كان عاقبه الذين اساوا السوءي ان كذبوا بآيات الله و كانوا بها يستهزءون».

اظننت يا يزيد! حيث اخذت علينا اقطار الارض و آفاق السماء. فاصحبنا نساق كما تساق الاساري ان بنا علي الله هوانا و بك عليه كرامه، و ان ذلك لعظم خطرك. فشمخت بانفك، و نظرت في عطفك، جذلان مسرورا حين رايت الدنيا لك مستوسقه و الامور متسقه، و حين صفا لك ملكنا و سلطاننا.

مهلا مهلا! انسيت قول الله تعالي: «و لا يحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لانفسهم. انما نملي لهم ليزدادوا اثما و لهم عذاب مهين»؟!

امن العدل يا ابن الطلقاء! تخديرك حرائرك و اماءك. و سوقك بنات رسول الله سبايا، فد هتكت ستورهن، و ابديت وجوههن، تحدو بهن الاعداء من بلد الي بلد، و يستشرف وجوههن اهل المناهل و المعاقل، و يتصفح و جوههن القريب و البعيد و الدني و الشريف، ليس معهن من رجالهن ولي و لا من حماتهن حمي.

و كيف يرتحي مراقبه من لفظ فوه اكباد الازكياء، و نبت لحمه من دماء الشهداء؟و كيف يستبطي ء في بغضنا- اهل البيت- من نظر الينا بالشف و الشنآن و الاحن و الاضغان؟!.

ثم تقول- غير متاثم و لا مستعظم:



لاهلوا و استهلوا فرحا

ثم قالوا يا يزيد لا تشل



منحنيا علي ثنايا ابي عبدالله سيد شباب اهل الجنه تنكتها بمحضرتك، و كيف لا تقول ذلك و قد نكات القرحه و استاصلت الشاقه باراقتك دماء ذريه


محمد- صلي الله عليه و آله و سلم- و نجوم الارض من آل عبدالمطلب، و تهتف باشياخك زعمت انك تناديهم، فلتردن و شكيا موردهم، و لتودن انك شللت و بكمت و لم تكن قلت ما قلت و لعلت ما فعلت.

اللهم خذ بحقنا، و انتقم من ظالمنا، و احلل غضبك بمن سفك دماءنا، و قتل حماتنا.

فوالله ما فريت الا جلدك، و لا حززت الا لحمك، و لتردن علي رسول الله (ص) بما تحملت من سفك دماء ذريته و انتهكت من حرمته في عترته و لحمته، حيث يجمع الله شملهم، و يلم شعثهم، و ياخذ بحقهم.

«و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون».

حسبك بالله حاكما، و بمحمد خصيما، و بجبريل ظهيرا. و سيعلم من سول لك و مكنك من رقاب المسلمين، بئس للظالمين بدلا، و ايكم شر مكانا و اضعف جندا. و لئن جرت علي الدواهي مخاطبتك اني لا ستصغر قدرك، و استعظم تقريعك، و استكبر توبيخك، لكن العيون عبري، و الصدور حرا.

الا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباه بحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الايدي تنطف من دمائنا، و الافواه تتحلب من لحومنا، و تلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل، و تعفوها امهات الفراعل، و لئن اتخذتنا مغنما لتجدن و شيكا مغرما، حين لا تجد الا ما قدمت، و ما ربك بظلام للعبيد، فالي الله المشتكي و عليه المعول.

فكد كيدك، واسع سعيك، و ناصب جهدك. فوالله لا تمحو ذكرنا، و لا تميت و حينا، و لا تدرك امدنا، و لا ترحض عنك عارها، و هل رايك الا فند، و ايامك الا عدد، و جمعك الا بدد، يوم ينايد المنادي: الا لعنه الله علي الظالمين.

فالحمد لله الذي ختم لاولنا بالسعاده، و لاخرنا بالشهاده و الرحمه، و نسال الله ان يكمل لهم الثواب، و يوجب.