بازگشت

بعد مقتل الحسين


قتل الظالمون حسين الفضيله و فرحوا بمقتله فرحا عظيما، اذ حسبوا انهم قتلوا به شخصيته و دعوته و صرعوا به كلمته، و حسبوا انهم اخذوا به ثار اسلافهم و انتقام اشياخهم، داسوا بخيلهم جنجن صدر الحسين (ع) و سحقوا جثمانه، و زعموا انهم سحقوا به كلمه الحسين و محقوا دعوته.

تركوا جسد الحسين و اجساد من معه عراه علي العراء بلا غسل و لا كفن و لا صلاه عليها و لا دفن، زاعمين انهم اهملوا بذلك شخصيه الحسين و اهميه الحق و الايمان، مثلوا بجثه الحسين- و قد منع الاسلام عن المثله- زاعمين انهم جعلوا داعيه العدل و آيه الحق اثموله الخيبه و الفشل، و انه سيضرب به المثل،لعبوا براسه علي القنا و برووس آله و صحبه اما العباد و البلاد، زاعمين انهم سيلعبون بعده بعقائد العباد و مصالح البلاد ما داموا و دامت، و سلبوه و سلبوا اهله و نهبوا رحله و احرقوا خيمه و ابادوا حرمه، زاعمين انها هي الضربه القاضيه، فلن تري بعدئذ من باقيه.

ظن ذلك القوم و ايدتهم كل شواهد الاحوال يومئذ حتي دفن ابن سعد جميع قتلي جنده في يومه، و دفن معهم كل خشسيه او خيبه كانت تحول في واهمته، و رحل عن كربلاء برحل الحسين (ع) و اهله و الرووس الي ابن زياد، و ترك اشلاء


حاميه الحق و داعيه العدل جرداء في العراء بين لهيب الشمس و الرمضاء و عرضه للنسور و العقبان و مما يثير الشجون و الاحزان ان علي الايمان حارب البغاه من اقطاب الحركه الامويه في صفين و الجمل، و بعد قتلهم اجري عليهم سنن التجهيز و الدفن مرا عيا حرمه الاسلام و حشمه الشهادتين، اما المنتقمون من حسين الحق و صحبه فلم يحترموا فيه اي شعار ديني او ادب قومي، قنعوا منهم بدمائهم عن التغسيل و بالترب عن التحنيط و ينسج الرياح عن التجهيز.

و ليت شعري! ماذا يصنع اولياء الحق بصلاه اولياء الشيطان؟ و جسبهم منهم ان صلت علي جسومهم سيوفهم، و شيعت اجسادهم نبالهم، و الحدث اشلاءهم العوادي و العاديات، فعليهم و اليهم صلوات الله و الصالحين و دعوات طلاب العدل و عشاق الحق ما لا حت الاصباح و روحت الرياح.

هذا و ما عتمت عشيه الثاني عشر من محر الا و عادت الي ارياف كربلاء عشائرها الظاعنه عنها بمناسبه القتال و قطان نينوي و الغاضريات من بني اسد- و فيهم كثير من اولياء الحسين (ع) و قليل ممن اختلطوا برجاله جيش الكوفه- فتاملوا في اجساد زكيه تركها ابن سعد في السفوح و علي البطاح تسفي عليها الرياح، و تساءلوا عن اخبارها العرفاء فبما مرت الايام و الاعوام الا و المزارات قائمه، و عليها الخيرات جاريه، و المدائح تتلي، و الحفلات تتوالي، و وجوه العظماء علي ابوابها، و تيجان الملوك علي اعتابها. و امتدت جاذبيه الحسين (ع) و صحبه من حضيره الحائر الي تخوم الهند و الصين اعماق العجم و ما وراء الترك و الديلم و الي اقصي من مصر و الجزيره و المغرب الاقصي يرددون ذكري فاجعته بممر الساعات و الايام، و يقيمون ماتمه في رثائه و مواكب عزائه، و يجدون في احياء قضيته في عامه الانام، و يمثلون واقعته في ممر الاعوام. هذا بعض ما فاز به حسين النهضه من النصر الاجل و النجا في المتقبل «و يابي الله الا ان يتم نوره و لو كره المبطلون».

اما الحزب السفياني فقد خاب فيما خاله و خسرت صفقته و ذاق الامرين بعد مقتل الحسن (ع) في سبيل تهدئه الخواطر و اخماد النوائر حتي صار يعالج الفاسد بالافسد و يستجير من امرمضاء بالنار، كقيامه باستباحه مدينه الرسول (ص)


و اخافه اهلها، و قتله ابن الزبير في مكه حرم الله و البلد الامين، حق حاصروه و رموه بالمنجنيق، و فطعوا سبل الحج علي المسلمين، و هتكوا معظم شعائر الدين.

و نهض الخمتار الثقفي و زعماء التوابين العراقيين طالبين ثار الحسين (ع) فقلتوا ابن زياد و ابن سعد و اشياعهما شر قتله، و اهلكوا شمرا بكل عذاب، و احرقوا حرمله حيا، و تتبعوا قتله الحسين (ع) و محاربيه في كل دير و دار، و قتلوه تحت كل حجر و مدر، و اصلوهم الحميم و الجحيم، و استجاب الله دعوه الحسين (ع) يوم عاشوراء اذ قال: «وسلط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كاسا مصبره». و لم تزل عليهم ثائره اثر ثائره. و نائره حرب تلو نائره حتي اذن الله سبحانه بزوال ملك اميه و سقوط دوله بني مروان علي يدي السفاح الهاشمي ابي العباس بن عبدالله العباسي و اخوته و اعمامه، و القائد الباسل ابي مسلم الخراساني، و ثله، من فحلوه هاشم، فثلت عروش تلك الدوله الجائره، و دكت اركان حكومتها الغداره، و استاصلوا شافتهم و ابادوهم رجالا و نساء حتي لم يبق منهم آخذ ثار و لا نافخ نار، و احرقوا من اثارهم حتي الرميم المنبوش، و لعنوا حيثما ذكروا، و قتلوا اينما ثقفوا. فتجد حتي اليوم قبر يزيد الجور في عاصمه ملكه كومه احجار و مسبه الماره، لا يذكر في شرق الارض و غربها الا بكل خزي و عار.

هذه عاقبه الجائر الفاجر و تلك عقبي المجاهد الناصح. «و ان الارض لله يورثها عباده الصالحين».