بازگشت

السباق الي الجنه


السباق الي النفع غريزه في الاحياء الا يحيحدون عنها و لا يلامون عليها، و قد يوول الي النزاع بين الاشخاص و الانواع و لكن التسابق الي الموت لا يري في العقلاء الا لغايات شريفه تبلغ في معتقدهم من الاهتمام مبلغا قصيا اسمي من الحياه الحاضره، كما اذا اعتقد الانسان في تسابقه الي الموت نيل سعادات و لذات هي ارقي و ابقي من جميع ما له في الحياه الحاضره.

و لهذه نظائر في تواريخ الغزاه و المجاهدين ففي صحابه النبي (ص) رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه و تسابقوا الي القتال بين يديه، معتقدين ان ليس بينهم و بين جنان الخلد و الفردوس الاعلي سوي سويعات او تميرات ياكلونها او حملات يحملونها، و هذا من اشرف السباق، و موته اهنا موت، و شعاره اقوي دليل علي الفضيله و الايمان، و لم يعهد التارخ لجماعه بدارا نحو الموت و سباقا الي الجنه و الاسنه مثل ما عهدناه في صحب الحسين (ع).

و قد عجم الحسين (ع) عودهم و اختبر حدودهم، و كسب منهم الثقه البليغه، و اسفرت امتحاناته كلها عن فوزه بصحب اوفياء و اصفياء، و اخوان صدق عند القاه،قل ما فاز او يفوز بامثالهم ناهض، فلا نجد ادني مبالغه في وصفه لهم عندما قال: «اما بعد! فاني لا اعلم اصحابا خيرا من اصحابي، و لا اهل بيت ابر.


و اوفي من اهل بيتي» و كان الفضل الابكر في هذا الانتقاء يعود الي حسن انتخاب الحسين (ع) و قيامه بكل و جائب الزعامه و الامامه- و قيام الرئيس بالواجب يقود اتباعه الي اداء الواجب، و اعتصام الزعيم بمبدثه القويم بيسوق من معه الي التمسك بالمبداء و المسلك و الغايه- فكان سرادق الحسين (ع) بما فيه من صحب و آل و نساء و اطفال كالماء الواحد لا يفترق بعضه عن بعض، فكان كل منهم مرآه سيده الحسين (ع) بحاله و فعاله و اقواله، و كانوا يفتدونه بانفسهم كما كان يتمني القتل لنفسه قبلهم، و اخيرا توفقوا الي ارضاء سيدهم بان يتقدموا الي جهاد ادبي في زي دفاع حربي واحدا بعد واحد يعلنون بالمبادي ء العلويه، و ينشرون الدعوه الحسينيه، ارشادا للجاهلين و عظه للجاحدين و ايقاظا للغافلين، لئلا يكون للناس علي الله ججه بعد الرسل حتي لو اثرت عظاتهم المتواتره، كفي الله المومنين القتال. و ان قتلوا فسبيلهم سبيل من قبلهم من الانبياء و المصلحين الي روح و ريحان و جنه و رضوان، فيستريحون من آلام الحياه الدنيا الفانيه. و يسعدون بحياه راقيه باقيه. فاذا كانت هذه الدنيا غير باقيه لحي و لا حي عليها يباق فالاحري ان يكون الهيكل الفاني قربان خير خالد و مهرا لحياه الامه.

اجل! كانت جماعه الحسين (ع) كووس و رووسها مفعمه بشعور التضحيه حتي اذا اذن لهم بذلك لبسوا القلوب علي الدروع و اقبلوا يتهافتون كالفراش علي المصباح لتضحيه الارواح، فكلما اذن حجه الله لاحدهم وادعه و داع من لا يعود، و هم بليغه و حجج بالغه من شانها ازاحه الشبهات عن البعيد و القريب و عن الشاهد و الغائب. لكن المستمعين صم بكم عمي فهم لا يعقلون قد غشيت الاطماع ابصارهم و غضت المخاوف بصائرهم، فلا يفكرون بسوي دارهم ابن زياد و عصاه- من لا يهتم الا بالسيف و الرغيف فلا نصح يفيده و لا دليل يحيده-

بلي انما تجدي العظات في ظل المطامع و الحجه تهدي تحت بارقه السلاح، لذلك لم يجد رسل الحسين (ع) من عداهم الجواب الا علي السنه الاسنه و الحراب و قتلوا تقتيلا «و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون» احياء بارواحهم ايحاء بتاريخهم المجيد، و لهم لسان صدق في الاخرين و اسوه بالاولين.